العَدلُ الإلَهِي.

هُشَام السَّفِير/: السَّلامُ علَيكُم، هل يَحكُمُ اللهُ بالكَيفِيَّةِ أنْ يُدخِلَ عَاصِياً للجَنَّةِ وأنْ يُدخِلَ مُؤمِناً إلى النَّارِ (يَعنِي يُدخِلُ الجَنَّةَ والنَّارَ بكَيْفِه بدُونِ أيِّ حِسَابٍ) باعْتِبارِ أنَّ اللهَ بِيَدِه كُلُّ شَيٍّ وأنَّهم خَلْقُه وعِيَالُه، وإذا صَحَّ القَولُ فأينَ العَدالَةُ وأينَ المِيزَانُ وأينَ مَبدَأُ الحَسنَاتِ والسَّيِّئَاتِ، أفِيدُونَا جَزَاكُم اللهُ؟

: اللجنة العلمية

 الأخُ هُشَام المُحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكُم ورَحمةُ اللهِ وبرَكَاتُه.

 عَليْنا في مَرحَلةٍ سَابِقَةٍ أنْ نُثبِتَ عَدالَتَه سُبحانَه بشِكْلٍ قَطعِيٍّ حتى نَفهَمَ كَيفِيَّةَ مُحَاسَبَتِه لعِبَادِه سُبحانَه يَومَ القِيَامةِ، فَالموضُوعُ كُلُّه يَدُورُ مَدَارَ الثُّبُوتِ القَطعِيِّ لعَدَالَتِه سُبحانَه.

 وتَسألُ: كَيفَ نُثبِتُ عَدالَتَه سُبحانَه بشِكْلٍ قَطعِيٍّ؟!!

 الجَوابُ: أسبَابُ الظُّلْمِ غَالِباً لا تَخلُو مِن أحَدِ أمُورٍ أربَعةٍ:

 1- الجَهلُ: فَالقَاضِي الجَاهِلُ مَثلاً بالأحْكَامِ قد يَحصُلُ منْه تَقصِيرٌ في تَشخِيصِ الحُكمِ لأحَدِ المُتخَاصِمَينِ فَيَظلِمُه مِن هذِهِ النَّاحِيَةِ، وهذا المِقدَارُ مُنتَفٍ في حَقِّه سُبحانَه جَزماً.

 2- الحَاجَةُ: مِن أسبَابِ الظُّلْمِ هو الإحتِيَاجُ والتَّنافُسُ على أمْرٍ ما، فيُحَاوِلُ أحَدُ الطَّرفَينِ إزاحَةَ خَصْمِه مِن أمَامِه بالوَسائِلِ غَيرِ المَشرُوعَةِ حتى يَتفرَّدَ بالحُصُولِ على ما يُرِيدُ، وهَذا المِقدَارُ مُنتَفٍ أيضاً في حَقِّه سُبحانَه لأنَّه الغَنيُّ عن العَالَمِينَ جَمِيعاً.

 3- الإكرَاهُ: في بَعْضِ الأحْيَانِ قد يَصدُرُ الظُّلْمُ بسَبَبِ الإكْرَاهِ عليْه، كأنْ تَكُونَ هُناكَ جِهَةٌ أقوَى منكَ تُجبِرُكَ على ظُلْمِ الآخَرِينَ، وهذا المَعنَى أيضاً مُنتَفٍ في حَقِّه سُبحانَه؛ لأنَّه جبَّارُ السَّماوَاتِ والأرْضِ، فلا شَيءَ أقوَى منْه سُبحانَه في هَذا الوُجُودِ.

 4- العَبثُ: مِن دَوافِعِ الظُّلْمِ هو العَبثُ والتَّسلِّي، فقَد يَظلِمُ الإنسَانُ الآخَرِينَ ليسَ بسَبَبِ الجَهلِ أو الإحتِيَاجِ أو الإكْرَاهِ، بل بسَبَبِ نَوازِعَ نَفسِيَّةٍ مَرِيضَةٍ عِندَه هَدَفُها التَّسلِّي بظُلْمِهِم لا أكثَرَ، وهَذا أيضاً مُنتَفٍ في حَقِّه سُبحانَه؛ لأنَّه الحَكِيمُ المُطلَقُ الَّذي لا يَعبَثُ أبداً.

 فإذا انْتفَتْ أسبَابُ الظُّلْمِ في الأفعَالِ الإلَهيَّةِ ثَبتَ العَدلُ.. ومنْه تَعرِفُ أنَّ اللهَ سُبحانَه لا يُمكِنُ أنْ يَظلِمَ أحَداً مِثقَالَ ذرَّةٍ أبداً وأنَّ الجَمِيعَ سَينَالُونَ جَزاءَهُم العَادِلَ، سَواءٌ كَانُوا مُحسِنِينَ أم عَاصِينَ أم كَافِرِينَ. 

     ودُمتُم سَالِمينَ.