مَقُولَةُ: "لَا مُجَرَّدَ إِلَّا اللهُ" هَلْ هِيَ تَامَّةٌ أَوْ لَا؟!!

قَاسِمٌ مُحَمَّدٌ/: المَلَائِكَةُ لَيْسَتْ كَائِنَاتٍ مُجَرَّدَةً - فَلَا مُجَرَّدَ إِلَّا اللهُ - بَلْ هِيَ مَخْلُوقَاتٌ مِنْ نُورٍ أَيْ مِنْ ضَوْءٍ، وَهِيَ تُوجَدُ فِي المَكَانِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَتَكَثَّفَ فَتَظْهَرَ فِي شَكْلِ بَشَرٍ مَثَلًا... وَتَفْسِيرُ أَينشْتَاين أَنَّ الضَّوْءَ يَتَكَوَّنُ مِنْ جُسَيْمَاتٍ مَادِّيَّةٍ دَقِيقَةٍ تُسَمَّى الفوتُونَات. وَفوتُونَاتُ الضَّوْءِ الأَزْرَقِ ذَاتُ طَاقَةٍ أَعْلَى مِنْ فوتُونَاتِ الضَّوْءِ الأَحْمَرِ، وَلِذَلِكَ تَسْتَطِيعُ فوتُونَاتُ الضَّوْءِ الأَزْرَقِ تَحْرِيرَ الإِلِكِتْرُونَاتِ، بَيْنَمَا لَا تَسْتَطِيعُ فوتُونَاتُ اللَّوْنِ الأَحْمَرِ عَمَلَ ذَلِكَ. وَقَدْ حَصَلَ أَينشْتَاين عَلَى جَائِزَةِ نُوبل عَلَى هَذَا الإكْتِشَافِ وَلَمْ يَحْصُلْ عَلَيْهَا بِسَبَبِ نَظَرِيَّةِ النِّسْبِيَّةِ الَّتِي هِيَ لَيْسَتْ لَهُ بِالمُنَاسَبَةِ، لَكِنْ ظَهَرَتْ نَظَرِيَّةُ الكوانتم عَلَى السَّاحَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ: إنَّ لِلضَّوْءِ طَبِيعَةً مُزْدَوَجَةً فَهُوَ يَتَصَرَّفُ كَمَوْجَةٍ فِي الفَرَاغِ، أمَّا إِذَا اصْطَدَمَ بِجِسْمٍ مَا فَإنَّهُ يَتَصَرَّفُ كَجُسَيْمٍ مَادِّيٍّ. وَفِي كِلْتَا الحَالَتَيْنِ النُّورُ أَوْ الضَّوْءُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجَةً أَوْ مَادَّةً فَإنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدًا. حَتَّى الرُّوحِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَةً، بَلْ مَادَّةٌ لَطِيفَةٌ، أَوْ جِسْمٌ لَطِيفٌ، أَوْ شَفَّافٌ، كَمَا أَكَّدَ الإِمَامُ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِشَكْلٍ خَاصٍّ. مَعَ التَّحِيَّةِ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُ قَاسِمٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

    القَوْلُ بِأَنْ لَا مُجَرَّدَ إِلَّا اللهُ لَيْسَ أَمْرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَالمَسْأَلَةُ مَحَلُّ خِلَافٍ بَيْنَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ فَضْلًا عَنْ عُلَمَاءِ الإمَامِيَّةِ أَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا صَرَّحَ العَلَّامَةُ المَجْلِسِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ) فِي "بِحَارِ الأَنْوَارِ" ج56 ص 202: ((أَجْمَعَتْ الإمَامِيَّةُ بَلْ جَمِيعُ المُسْلِمِينَ - إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ مِنْ المُتَفَلْسِفِينَ - عَلَى وُجُودِ المَلَائِكَةِ وَأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ نُورَانِيَّةٌ). انْتَهَى. 

     رَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِي مِصْبَاح اليَزْدِي فِي تَعْلِيقَتِه عَلَى البِحَارِ قَائِلًا: (تَعَرَّضَ لِلبَحْثِ عَنْ مَاهِيَّةِ المَلَائِكَةِ ثُلَّةٌ مِنْ المُتَكَلِّمِينَ فَقَالُوا بِكَوْنِهَا أَجْسَامًا لَطِيفَةً تَتَشَكَّلُ بِأَشْكَالٍ طَيِّبَةٍ، وَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ رَهَطٌ مِنْ سَائِرِ البَاحِثِينَ مِنْ الإمَامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: ثُمَّ إِنَّ فِئَةً مِنْ فَلَاسِفَةِ الإِسْلَامِ الَّذِينَ كَانُوا يُعْجِبُهُمْ تَطْبِيقُ الظَّوَاهِرِ الدِّينِيَّةِ عَلَى المَبَانِي الفَلْسَفِيَّةِ وَآرَائِهِمْ فِي العُلُومِ العَقْلِيَّةِ عَمَدُوا إِلَى تَطْبِيقِ المَلَائِكَةِ عَلَى العُقُولِ المُجَرَّدَةِ وَالنُّفُوسِ الفَلَكِيَّةِ، كَمَا أَنَّهُمْ فَسَّرُوا السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالكُرْسِيَّ وَالعَرْشَ بِالأَفْلَاكِ التِّسْعَةِ مَعَ أَنَّهَا فَرَضِيَّةٌ فِي نَفْسِهَا أُبْطَلَهَا العِلْمُ الحَدِيثُ، وَلِأَجْلِ أَنَّهُمْ أَخْطَأُوا فِي بَعْضِ تَطْبِيقَاتِهِمْ لَا نَظُنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي المُسْلِمِينَ لِيُضِيعُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ! كَيْفَ وَقَدْ شَيَّدُوا كَثِيرًا مِنْ الأُسُسِ الدِّينِيَّةِ وَالقَوَاعِدِ العَقْلِيَّةِ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ الأُصُولِ الإعْتِقَادِيَّةِ، وَلَعَلَّ مِثْلَ هَذِهِ الأَخْطَاءِ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ، وَلَا نَظُنُّ بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ إِلَّا خَيْرًا، اللَّهُمَّ إِلَّا مَنْ قَامَ بُرْهَانٌ عَلَى سُوءِ نِيَّتِهِ وَخُبْثِ سَرِيرَتِهِ نَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى؟ 

     ثُمَّ إِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى إِنْكَارِهِمْ مَلَائِكَةً جِسْمَانِيِّينَ مُطْلَقًا إِنْ لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ: لَمْ يَثْبُتْ إِجْمَاعُ الأُمَّةِ أَوْ الإمَامِيَّةِ عَلَى جِسْمَانِيَّةِ جَمِيعِ المَلَائِكَةِ حَتَّى الكروبيين والمهيمين وَالعَالِينَ إنْ سُلِّمَ دَعْوَى الإِجْمَاعِ عَلَى جِسْمَانِيَّةِ بَعْضِهِمْ، وَعَلَى هَذَا فَالمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ بِتِلْكَ المَثَابَةِ الَّتِي تَتَرَاءَى مِنْ كَلَامِ المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى). انْتَهَى.

     وَالمُتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ اليَزْدِي - وَهُوَ خِرِّيتُ صِنَاعَةِ الفَلْسَفَةِ - أَنَّ المَلَائِكَةَ عَلَى أَصْنَافٍ، فَمِنْهُمْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ، وَمِنْهُمْ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّهِمْ ذَلِكَ كالكروبيين وَالمهيمنينَ وَالعَالِينَ، فَهَذِهِ الأَصْنَافُ بَاقِيَةٌ عَلَى تَجَرُّدِهَا، وَمَعَهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ - بَعْدَ رَدِّ دَعْوَى الإِجْمَاعِ مِنْ الشَّيْخِ اليَزْدِي - بِأَنَّ المَوْجُودَاتِ مِنْ نَاحِيَةِ التَّجَرُّدِ عَلَى مَرَاتِبَ، فَالمُجَرَّدُ التَّامُّ هُوَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ)، وَتَأْتِي هَذِهِ الأَصْنَافُ العَالِيَةُ مِنْ المَلَائِكَةِ دُونَهُ فِي التَّجَرُّدِ.

     وَأَمَّا مَا أَفَدْتُمُوهُ عَنْ نَظَرِيَّةِ أَينشْتَاين فَهِيَ لَا يُمْكِنُ تَطْبِيقُهَا فِي حَقِّ المَلَائِكَةِ لِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، هُوَ أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ كُنْهَ هَذَا النُّورِ الَّذِي تَتَّصِفُ بِهِ المَلَائِكَةُ، فَلَمْ يَتَسَنَّ لِلبَشَرِيَّةِ إِخْضَاعُ مَلَكٍ وَاحِدٍ مِنْ المَلَائِكَةِ لِلتَّجْرِبَةِ حَتَّى نَعْرِفَ طَبِيعَةَ نُورِهِ هَلْ هِيَ مِنْ طَبِيعَةِ هَذَا النُّورِ وَالضِّيَاءِ الَّذِي عِنْدَنَا، أَمْ أَنَّ الإشْتِرَاكَ هُوَ فِي الإسْمِ فَقَطْ، فَالمَوْضُوعُ مَا زَالَ فِي عَالَمِ النَّظَرِيَّةِ فَقَطْ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى حَدِّ الجَزْمِ وَاليَقِينِ.

     أَمَّا تَجَرُّدُ الرُّوحِ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ، وَنَذْكُرُ بَعْضَهَا هُنَا:

     أَوَّلًا: مِنْ المَعْلُومِ أَنَّ الجِسْمَ بِطَبِيعَتِهِ لَا يَقْبَلُ الصُّوَرَ وَالأَشْكَالَ المُخْتَلِفَةَ حَتَّى يَزُولَ السَّابِقُ مِنْهَا وَيَثْبُتُ اللَّاحِقُ، فَالجِسْمُ المُسْتَطِيلُ مَثَلًا لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكْلُ المُرَبَّعُ أَوْ المُثَلَّثُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ الشَّكْلِ السَّابِقِ حَتَّى يَصْدُقَ عَلَيْهِ الشَّكْلُ اللَّاحِقُ، وَهَذَا قَانُونٌ وَاضِحٌ وَثَابِتٌ مِنْ قَوَانِينِ المَادَّةِ، وَهُوَ بِخِلَافِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَالَمِ الرُّوحِ وَالنَّفْسِ، فَهِيَ تَتَقَبَّلُ الصُّوَرَ الذِّهْنِيَّةَ عَلَى مُخْتَلَفِ أَشْكَالِهَا، فَذِهْنُنَا (الَّذِي هُوَ مِنْ عَالَمِ الرُّوحِ) تَتَزَاحَمُ فِيهِ الصُّوَرُ المُخْتَلِفَةُ مِنْ دُونِ أَنْ تَحُلَّ صُورَةٌ مَحَلَّ صُورَةٍ، أَوْ تَزُولَ صُورَةٌ بِوُرُودِ أُخْتِهَا. وَهَذَا يَكْشِفُ عَلَى أَنَّ العَالَمَيْنِ (عَالَمُ المَادَّةِ وَعَالَمُ الرُّوحِ) هُمَا عَالَمَانِ مُخْتَلِفَانِ عَنْ بَعْضِهِمَا البَعْضِ وَلَيْسَا مِنْ سِنْخٍ (طَبِيعَةٍ) وَاحِدٍ.

     ثَانِيًا: تُوجَدُ فِي الأَجْسَامِ المَادِّيَّةِ قَابِلِيَّةٌ لِلإنْقِسَامِ مَهْمَا كَانَ هَذَا الإنْقِسَامُ صَغِيرًا أَوْ ضَئِيلًا، وَالحَالُ أَنَّ بَعْضَ مُدْرَكَاتِ النَّفْسِ البَشَرِيَّةِ يَسْتَحِيلُ قِسْمَتُهَا حَتَّى عَلَى مُسْتَوَى التَّحْلِيلِ العَقْلِيِّ، فَمَثَلًا: مَفْهُومُ الوَحْدَةِ يَسْتَحِيلُ تَقْسِيمُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ دَعْوَى وَحْدَتِهِ، أَمَّا مَفْهُومُ الإِنْسَانِ فَهُوَ يُمْكِنُ تَحْلِيلُهُ عَقْلًا إِلَى: جِنْسٍ (حَيَوَانٍ) وَفَصْلٍ (نَاطِقٍ).. وَهَذَا المَفْهُومُ (الوَحْدَةُ) هُوَ مِنْ مُدْرَكَاتِ النَّفْسِ البَشَرِيَّةِ (الرُّوحِ)... الأَمْرُ الَّذِي يَعْنِي أَنَّ عَالَمَ الرُّوحِ وَأَحْوَالَهُ يَخْتَلِفُ عَنْ عَالَمِ المَادَّةِ وَقَوَانِينِهَا... فَطَبِيعَةُ الرُّوحِ تَخْتَلِفُ تَمَامًا عَنْ طَبِيعَةِ المَادَّةِ.

     ثَالِثًا: اخْتِلَافُ العَالَمَيْنِ (عَالَمِ الرُّوحِ وَعَالَمِ المَادَّةِ) فِي القُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَحِينَمَا نَجِدُ البَدَنَ يَبْلُغُ أَقْصَى قِوَاهُ فِي مَرْحَلَةِ الشَّبَابِ نَجِدُ القِوَى العَقْلِيَّةَ لَيْسَتْ فِي قِمَّةِ قِوَاهَا، وَهَذَا بِخِلَافِهِ فِي المَرَاحِلِ المُتَقَدِّمَةِ مِنْ العُمُرِ، إِذْ كُلَّمَا يَتَقَدَّمُ العُمُرُ بِالإِنْسَانِ تَضْعُفُ قِوَاهُ البَدَنِيَّةُ وَتَنْضُجُ قِوَاهُ العَقْلِيَّةُ، مِمَّا يَعْنِي عَلَى أَنَّهُمَا عَالِمَانِ مُخْتَلِفَانِ عَنْ بَعْضِهِمَا البَعْضِ وَلَيْسَا مِنْ طَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ.

     رَابِعًا: اخْتِلَافُ جِهَةِ الإلْتِذَاذِ بَيْنَ العَالَمَيْنِ، فَحِينَمَا يَلْتَذُّ الجَسَدُ بِالمَآكِلِ وَالمَشَارِبِ المُلَائِمَةِ لَهُ نَجِدُ العَقْلَ وَالذِّهْنَ البَشَرِيَّ يَلْتَذُّ بِالمَعَارِفِ العِلْمِيَّةِ وَالأُمُورِ المَعْنَوِيَّةِ، فَيَشْعُرُ بِحَالَةٍ مِنْ الإرْتِيَاحِ وَالبَهْجَةِ لِحُصُولِهِ عَلَى المَعَارِفِ المُخْتَلِفَةِ، خِلَافَ الجِسْمِ الَّذِي لَا يَلْتَذُّ سِوَى بِالأُمُورِ الحِسِّيَّةِ فَقَطْ، أَمَّا الأُمُورُ المَعْنَوِيَّةُ فَلَا يَعْرِفُ لَهَا مَوْضِعًا فِي مَدَارِكِهِ البَتَّةَ، فَالمِعْدَةُ إِذَا جَاعَتْ مَثَلًا لَا تَلْتَذُّ إِلَّا بِرَغِيفِ خُبَزٍ يَسُدُّ رَمَقَهَا، وَلَا يُشْبِعُهَا أَلْفُ مَطْلَبٍ مِنْ مَطَالِبِ الفَلْسَفَةِ وَالعَقِيدَةِ وَالمَنْطِقِ. وَهَذَا بِخِلَافِهِ فِي عَالَمِ الرُّوحِ الَّتِي تَلْتَذُّ بِحُصُولِهَا عَلَى المَعَارِفِ الإِلَهِيَّةِ وَالعُلُومِ العَقْلِيَّةِ، مِمَّا يَكْشِفُ عَلَى أَنَّ جِهَةَ العَالَمَيْنِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ الآخَرِ تَمَامًا.

     أَمَّا مَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أَنَّ الرُّوحَ هِيَ جِسْمٌ لَطِيفٌ أَوْ مَا شَابَهَ، فَالوَارِدُ عَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ هَذَا: (الرُّوحُ بِمَنْزِلَةِ الرِّيحِ فِي الزّقِّ، إذَا نَفَخْتَ فِيهِ امْتَلَأَ الزّقُّ مِنْهَا فَلَا يَزِيدُ فِي وَزْنِ الزّقِّ وُلُوجُهَا فِيهِ وَلَا يَنْقُصُهَا خُرُوجُهَا مِنْهُ، كَذَلِكَ الرُّوحُ لَيْسَ لَهَا ثِقْلٌ وَلَا وَزْنٌ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا جَوْهَرُ الرِّيحِ؟ قَالَ: الرِّيحُ هَوَاءٌ إذَا تَحَرَّكَ سُمِّيَ رِيحًا، فَإِذَا سَكَنَ سُمِّيَ هَوَاءً) [ بِحَارُ الأَنْوَارِ 10: 185]، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ المَادِّيَّةِ عَنْ الرُّوحِ، وَلَمْ يُشِرْ الإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى أَنَّ الرُّوحَ رِيحٌ، بَلْ قَالَ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرِّيحِ. فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ وَتَقْرِيبِ المَعْنَى لَا أَكْثَرَ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.