هَلْ يُوجَدُ اِخْتِلَاَفٌ بَيْنَ مَوْقِفِ الزَّهْرَاء (ع) وَاِبْنَتِهَا زَيْنَبَ (ع)؟!

اشراقةُ الْأَمَل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ.. عَظَّمَ اللهُ أُجورَنا وأُجورَكُم بِذِكْرَى شَهَادَةِ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ ع. هُنَاكَ تَسَاؤُلٌ يُطْرَحُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع أنّها أمضَتْ فَقَطْ 3أو 4أشهر بَعْدَ رَسُولِ الله ص وَقَالَتِ الْأَبِيَاتَ الشِّعْرِيَّةَ الْمروِيَّةَ عَنْهَا صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَو أنّها صُبَّتْ عَلَى الأَيّامِ صِرْنَ لَيالِيا، وَ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدَةِ زَيْنَبَ ع أنّها حَضَرَتْ وَفَاةَ رَسُولِ اللهِ ص وَشَهَادَةَ الصَّدِيقَةِ فَاطِمَةَ ع وَشَهَادَةَ أبيها عَليّ بْنِ ابي طَالِبٍ ع وَشَهَادَةَ أخيها الحَسَنِ ع وَشَهَادَةَ أخيها الْحُسَيْنِ ع وَلَكِنَّهَا قَالَتْ. مارَأَيْتُ إلاّ جَمِيلاً..... كَيْفَ نَرُدُّ عَلَى مَنْ يَسأَلُنا بِأَنَّ السَّيِّدَةَ فَاطِمَةَ بِعَظْمَتِهَا هَكَذَا قَالَتْ وَأَنَّ السَّيِّدَةَ زَيْنَبَ وَمَارَأَتْ مِنْ أَحْدَاثِ عَاشُورَاءِ وَالسَّبْيِّ والأَيتامِ وَالْأَرَامِلِ وَلَكِنَّهَا قَالَتْ مارَأَيْتُ إلاّ جَمِيلاً. نَرْجُو الرَّدَّ مِنْكُمْ. طَبْعَاً نَحْنُ نَسْأَلُ وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمَعْصُومَ كَلَاَمُهُ حُجَّةٌ وَمَعَ يَقِينِنَا بِمَعْصُومِيَّةِ السَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ ع وَأَنَّهَا خَيْرُ النِّسَاءِ. بَلْ وَعَلَى رِوَايَةٍ عَنِ أحَدِ الْمَعْصُومَيْنَ أنَّهُ قَالَ مَضْمُونَ الرِّوَايَةِ. نَحْنُ حُجَجُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ وَأُمُّنَا فَاطِمَةُ حُجَّةٌ عَلَيْنَا. لَكِنْ نُرِيدُ جَوَاب لِمَنْ يُشْكِلُ عَلَيْنَا بِهَكَذَا سُؤَالٍ

: اللجنة العلمية

الأُختُ / الأَخُ الْمُحْتَرَمُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

بِالنِّسْبَةِ لِكَلَاَمِ الزَّهْرَاءِ( عَلَيْهَا السَّلامُ) فَهِي قَدْ قَالَتْهُ فِي مَوْقِفٍ وَاضِحٍ لِإعْلَاَنِ مَظْلُومِيَّتِهَا، فَكَانَتْ( عَلَيْهَا السَّلامُ) لَا تَتْرُكُ فُرْصَةً إِلَّا وَتُظْهِرُ هَذِهِ الْمَظْلُومِيَّةَ الْكُبْرَى الَّتِي تَعَرَّضتْ لَهَا مِنْ تَيَّارِ السَّقِيفَةِ حَتَّى يَعْلَمَ بِهَا الْجَمِيعُ ؛ لِأَنَّ مَظْلُومِيَّتَهَا لَيْسَتْ مَظْلُومِيَّةً خَاصَّةً، بَلْ هِي مَظْلُومِيَّةُ سَرِقَةِ الدِّينِ وَاِغْتِصَابِ الْخِلَاَفَةِ وَضَيَاعِ الْأُمَّةِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْغَزَالِيُّ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ فِي كَلِمَتِهِ الَّتِي قَالهَا فِي كِتَابِهِ " سِرُّ الْعَالمِينَ":( لَكِنْ أَسْفَرَتِ الْحُجَّةُ وَجْهَهَا، وَأَجْمَعَ الْجَمَاهِيرُ عَلَى مَتْنِ الْحَديثِ، مِنْ خُطْبَتِهِ فِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ، بِاِتِّفَاقِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاِهُ.

فَقَالَ عُمَرُ: بخٍ بخٍ يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَقَد أَصْبَحَتَ مَوْلَايَ وَمَوْلى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.

فَهَذَا تَسْلِيمٌ وَرِضًى وَتَحْكِيمٌ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا غَلَبَ الْهَوَى لِحُبِّ الرِّياسةِ، وَحَمْلِ عَمُودِ الْخِلَاَفَةِ، وَعُقُودِ الْبُنُودِ، وَخَفَقَانِ الْهَوَى فِي قَعْقَعَةِ الرَّايَاتِ، وَاِشْتِبَاكِ اِزْدِحَامِ الْخُيُولِ، وَفَتْحِ الْأَمْصَارِ ؛ سَقَاهُمْ كَأْسُ الْهَوَى، فَعَادُوا إِلَى الْخِلَاَفِ الْأَوَّلِ، فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهورِهِمْ، وَاِشْتَرَوْا بِهِ ثَمَّنَاً قَلِيلاً). اِنْتَهَى [ مَجْمُوعَةُ رَسَائِلِ الْإمَامِ الْغَزَالِيِّ، كِتَابُ سِرِّ الْعَالمِينَ: 483]

وَمِنْ هُنَا لَمْ تَأْلُ (عَلَيْهَا السَّلامُ) جُهْدًا فِي بَيَانِ هَذِهِ الْمَظْلُومِيَّةِ وإِعلانِها بِالتَّصَدِّي لِمحاجَجةِ أَبِي بَكرٍ تَارَةً، وَبِالْبُكَاءِ الْعَلِنِيِّ وَالْكَثِيرِ عَلَى أَبِيهَا تَارَةً أُخْرَى، حَتَّى بَنى لَهَا أَميرُ المُؤمنينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلامُ) بِيتَاً خَارِجَ الْمَدِينَةِ سَمَّاهُ (بَيْتَ الْأحْزَانِ) بِسَبَبِ شَكْوَى أهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهَا، وَكَذَلِكَ مِنَ التَّصْرِيحِ الْعَلِنِيِّ وَغَضَبِهَا عَلَى مَنْ اِغْتَصَبَ حَقَّهَا وَإِرْثَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَهِي غَاضِبَةٌ عَلَيْهِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ..

فَهَذِهِ هِي الْأَجْوَاءُ الَّتِي أَحَاطَتْ بِمَوْقِفِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلامُ) وَقَولِها هَذَا.

وَهَذَا بِخِلَاَفِهِ فِي مَوْقِفِ اِبْنَتِهَا زَيْنَبَ (عَلَيْهَا السَّلامُ) الَّتِي تَجَلَّدَتْ وَصَبَرَتْ ؛ لِأَنَّ الْأَعْدَاءَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الشَّمَاتَةَ بِهَا وَبِأهْلِ بَيْتِهَا بَعْدَ مَقْتَلِ الْحُسَينِ (عَلَيْهِ السَّلامُ)، فَفَوَّتَتْ عَلَيْهِم هَذِهِ الْفُرْصَةَ وَقَرَعَتهُم بِسِيَاطٍ مِنْ جَمْرِ كَلِمَاتِهَا جَعَلَتْهُمْ كأياديَ سَبَأً لَا يَقدِرُونَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهَا وَيَتَمَنَّوُنَ سُكُوتَهَا، وَحَتَّى قَلَبَتِ الْوَاقِعَ الْفِكْرِيَّ عَلَى يَزِيدَ وَمَنْ كَانَ يُعْظِّمُهُ وَيَحْتَرِمُهُ فِي مَجْلِسِهِ صَارَ يَشْتُمُهُ وَيَزْدَرِيَهُ بَعْدَ خُطْبَتِهَا( عَلَيْها السَّلامُ).

فَالْمَوقِفَانِ مُخْتَلِفَانِ أَخِي الْعَزِيزِ وَلِكُلِّ مَوْقِفٍ مُعْطَيَاتُهُ وَأَسْبَابُهُ، وَنُصرَةُ الْحَقِّ تَتَعَدَّدُ طُرُقُهُ وأَساليبُهُ وَبَيَانَاتُهُ.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.