حَولَ الدُّعَاءِ بفقرةِ: (أجُولُ فِي طلبِهِ البُلدانَ) لِمَنْ هُوَ مُستَقرُّ الرِّزق؟!!

حسن: السَّلامُ عليكُم ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه .. يُشكِلُ علينَا البَعضُ عَلى بَعضِ الأدعيةِ بِقولِ أنَّ هَذا الدُّعاءَ غَيرُ مُناسبٍ للمقامِ فَيكونُ كَذِبَاً.. مَثلاً تَعقيبُ صَلاةِ العشاء: (أجُولُ فِي طَلبِهِ البُلدَان).  إذا كانَ الشَّخصُ مُوظَّفَاً ورِزقُهُ لا يَحتاجُ لسفرٍ وَنَحوِّهِ عِندَمَا يَدعُو بِهذَا الدُّعاءِ فَهُوَ يَكذِبُ لأنَّهُ لا يَجُولُ لِرِزقِهِ.  أرجُو أن تُوضِّحُوا لَنَا الأمرَ معَ جَزيلِ الشُّكرِ وَالتَّقديرِ.

: اللجنة العلمية

الأخُ حسنٌ المُحترمُ، عليكُمُ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه 

لَا يُعدُّ الدُّعاءُ بالفقرَةِ المَذكورَةِ كَذِبَاً لِمَنْ هوَ مُستقرُّ الرِّزقِ، وَذلكَ كمَنْ كَانَ مُوظَّفَاً ولهُ رَاتِبٌ يَتَسلَّمُهُ فِي كلِّ شَهرٍ ونَحوَ ذلكَ؛  فَإنَّ لُغةَ العَربِ واسعَةٌ جِدَّاً فِي بياناتِهَا وطَرحِ مَعانِيهَا، ويُمكنُ حَملُ التَّعبيرِ المَذكورِ عَلى المَجازِ فَيُرادُ بِهِ الكِنايَةُ عَنِ الحِيرةِ والقلقِ، وهُوَ الحَالُ الغالِبُ للطّبيعةِ البشريَّةِ فِيمَا يَتعلَّقُ بِموضوعِ الرِّزقِ، فلا يُوجدُ إنسانٌ مُؤمنٌ عَاقلٌ واحدٌ فِي هذَا الكَونِ يَطمئنُّ إلَى رِزقهِ بِمَعزلٍ عَنْ تَوفيقِ اللهِ سُبحانَهُ وحِفظِهِ، فَحتَّى هَذا الرَّاتبُ الشَّهريُّ الثَّابتُ الَّذي يَستلمهُ المُوظَّفُ مِن دائِرتهِ لا يَضمنُ أنَّهُ سيستَفيدُ مِنهُ مِن دُونِ توفيقِ اللهِ وحِفظهِ، فكَمْ تَأتِي الأموَالُ لأصحابِهَا وتَخرجُ مِن أيديهِم وهُمْ لَا يَستفيدُونَ مِنهَا بَل تَكونُ وَبَالاً عليهِم أحيَانَاً. 

هذَا فَضلاً عَن أنَّ الرِّزقَ لَا يقتصِرُ عَلى الأموَالِ فَقطْ، بَلْ هُوَ أوسَعُ مِن ذَلكَ، فالصِّحَّةُ رِزقٌ، وسَلامَةُ العِيَالِ رِزقٌ، والتَّوفيقُ للعملِ الصَّالحِ رِزقٌ وهكذَا، وهَذهِ الأمُورُ قَدْ تَحتاجُ إلى السَّفرِ والتِّرحالِ فِي بَعضِ الأحيَانِ لتَحقيقِها. 

ودُمتُم سالِمين.