لماذا لا يتفق المسلمون على بداية ونهاية شهر رمضان ؟

لقد رسمت الشريعة المقدسة مجموعة طرق للحكم بثبوت الهلال , واختلاف الفقهاء في ثبوت الهلال راجع بالحقيقة الى فهمهم لهذه الطرق , وقد يكون الاختلاف راجع الى عدم ثبوت تلك الطرق عن النبي واله الاطهار(صلوات الله عليهم)

طرق ثبوت الهلال : 

الطريق الاول : ثبوت الهلال بشهادة العادلين , وهذا ما ذهب اليه مشهور الشيعة , وبه قال الشافعي ايضا على خلاف في اول رمضان فقط 1,  على ما صرح به جملة من اصحابنا سواء شهدا عند الحاكم ام لا 2. 

والدليل على ذلك  قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )3  , وقال (عليه السلام) : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)4  .

الطريق الثاني : يثبت الهلال بحكم الحاكم الشرعي دون الحاجة الى بيّنة , والى هذا الرأي ذهب جماعة من الفقهاء . 

الطريق الثالث : رؤية الهلال في البلدان الشرقية , يدل على ثبوته في البلدان الغربية يقينا .

الطريق الرابع : إذا رآه الشخص بنفسه ثبت عليه الصوم، أو العيد إذا رأى شوال حتى لو تفرد هو بالرؤية، لصحيحة علي بن جعفر قال : ( سألته عمن يرى هلال شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله أن يصوم؟ فقال: إذا لم يشك فيه فليصم وحده، وإلا يصوم مع الناس إذا صاموا )5  .

الطريق الخامس : تواتر الاخبار برؤيته . 

الطريق السادس : الشياع المفيد للعلم .

 الطريق السابع : مضي ثلاثين يوماً من هلال شعبان , فإنّه يوجب الصوم لشهر لرمضان . 

الطريق الثامن : إذا رؤي في بلد قريب على بلد الرؤية ويتحد معه في الافق ولو في جزء من الليل   .

الطريق التاسع : ذهب إليه علماء العامة من الأحناف، وهو إن كان الجو غائماً : يثبت هلال شهر رمضان بخبر مسلم واحد بالغ عاقل عدل , أو بخبر مجهول الحال ولو كان أنثى , أو رقيقا أو محدودا بقذف ثم تاب، وإن كان الجو صحوا , فلابد من رؤية جماعة كثيرين لإثبات رمضان وشوال فالتفرد في هذه الحالة يوهم الغلط , والجمع الكثير قيل : أهل المحلة وقال أبو يوسف خمسون.6

الطريق العاشر : رؤيته في أي بلد من العالم يوجب ثبوته في كل العالم . 

إذا اتضح ذلك فأقول: إنّ اختلاف بعض الفقهاء قد يكون ناجم عن عدم قناعتهم بأحد تلك الطرق التي ذكرتها , فمثلا بعض الفقهاء لا يكتفي بشهادة العدلين في ثبوت الهلال , بل لا بد من الشياع , بل حتى من يعتبر شهادة العدلين قد لا يحكم بثبوت الهلال حتى لو شهد العدلان عنده , وذلك إمّا لعدم ثبوت عدالتهم عنده , وإمّا لعدم قناعته بشهادتهما، بسبب عدم تطابق شهادتيهما الى غير ذلك ,  وكذا الكلام في اتحاد الافق , فإنّهم لم يتفقوا على معناه , حيث ذهب بعضهم الى اعتبار العالم كله أفقا واحداً , وبعض ذهب الى اعتبار البلدان المتقاربة أفقا واحدا , وبعض ذهب الى اعتبار اشتراكها بجزء من الليل , وهكذا البقية . 

_____________________________________________________________________________________________

  1- الخلاف- الشيخ الطوسي (3/ 194)

  2- الحدائق الناضرة - المحقق البحراني (19/ 262)

  3- البقرة / 185

  4- وسائل الشيعة - الحر العاملي (10/ 253)

  5- وسائل الشيعة - الحر العاملي (10/ 261 )

  6ـ ــفقه العبادات على المذهب الحنفي ـ نجاح الحلبي (1/133)