هل التأسيس الفلسفي للإلحاد قادر على بناء حضارة إنسانية؟

: السيد رعد المرسومي

الأفكار التي تُطرح في المجال الإنساني يتمُ اختبارها بعدة طرق، ومن أهم تلك الطرق هو مدى التفاعل الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه الفكرة في الإطار الحضاري للإنسان. 

والإلحاد المعاصر من بين تلك الأفكار الّتي تشكل حضوراً واضحاً في الساحة الفكرية والثقافية، بل يعمل دعاته على تسويقه بوصفه بديلاً حضارياً للإنسان يستغنى به عن الأديان، من هنا كان السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الشأن هو السؤال الذي يبحث عن التأسيس الفلسفي للإلحاد، وصلاحية ذلك في إيجاد تفاعل إيجابي مع هموم الإنسان وطموحاته.

ولاختبار جدارة الإلحاد في ذلك لابد من ملاحظة الأسس النظرية الّتي يرتكز عليها أولاً، ومن ثم ومقارنتها مع القيّم الأخلاقية والثقافية الّتي يحتاجها البناء الحضاري للإنسان. ومن هنا كان من الضروري أن يتحرك البحث في بعدين 

البعد الأول: هو البعد الذي يبحث عن الأسس الفلسفية التي يبتني عليها الإلحاد

البعد الثاني: القيم الأخلاقية والثقافية التي تنعكس من تلك الأسس النظرية. 

إنكار الإله وإستحالة القيم الحضارية:

لم يزل الإلحاد الجديد والذي يطرح نفسه بديلاً عن الاديان عاجزاً عن تقديم تصور يقوم فيه المجتمع على قيم خاصة بالإلحاد، وعليه لا يمكن أن يكون إنكار الإله فكرة مؤسسة لقيم أخلاقية قادرة على إيجاد روابط إجتماعية، وفي هذا المورد نسجل ملاحظة ضرورية وهي أن ما يتبنّاه الإلحاد من قيم ليبراليّة، وما يدعو له من تأسيس مجتمع حر ومنفتح، ليست إلاّ خدعة كغيرها من الخدع الأخرى الّتي يمارسها الإلحاد، وذلك لسببين أساسيين.

الأول: قيم الليبراليّة أعم من أن تكون حكراً للإلحاد، فأكثر من يؤمن بها ويدافع عنها مؤمنون بالإله، ولا يرون وجود منافاة بين الإيمان بالله وبين الإيمان بها.

الثاني: أن قيم الليبراليّة ليست نتاجاً للفكر الإلحادي، بل من المستحيل أن تخرج من رحم الإلحاد لا بصورة شرعية، أو غير شرعية، كما أنّ الإلحاد لا يمكن أن يكون صالحاً حتّى للاحتضان والتبني لليبرالية؛ وذلك لأنّ مفهوم وماهية الليبرالية قائم على حرية الإرادة الإنسانيّة، وفلسفة الإلحاد قائمة على مصادرة الإرادة الحرة للإنسان، وقد صرح بذلك أرباب الإلحاد الجدد أمثال سام هارس وقد خصص لذلك كتابه (الإرادة الحرة) ليصرح فيه وبكل وضوح بأن الإرادة الحرة وهم، بحسب الاستنتاج الطبيعي الذي تفرضه معادلات التطور في المادة، والإنسان ليس شيئاً خارج عن هذه المعادلة، لكونه ليس أكثر من حلقة تقع على مسار هذا التطور. يقول سام هرس: (أختياراتي مهمة، وهناك طرق لاتخاذ قرارات أكثر حكمة، لكني لا أستطيع أن أختار ما أريد أختياره. وإذا ظهر أنني قادر على ذلك كالعودة مثلاً للوراء لاتخاذ احد قراراتي فإنني لا أختار ما أختار أن اختاره، أنه تسلسل يفضي بنا دوماً للظلام)(1).

وعليه فالإنسان في التصور الإلحادي نتاج تطور طبيعي معقد، لا يمتلك فيه الإنسان إرادة التغيير أو الأختيار، والسلوك ليس شيئاً آخر خارج عن معادلة الطبيعة والمادة، والاحساس بالحرية الذي يجده الإنسان في نفسه يرجع إلى طبيعة الجهل بالاسباب كما يعبّر مايكل شرمر في كتابه علم الخير والشر بقوله: (حجم تعقيدات العوامل، والمحددات التي تتسبب في إحداث أختياراتنا، تقودنا إلي الشعور وكأننا نمارس أفعالنا بحرية ككائنات متسببة في أفعالها دون أن تكون مسببة، مع أننا في الحقيقة محدودي الأفعال سببياً. وبما أنه ليس بالإمكان تحديد قائمة كاملة بالأسباب الّتي تحدد الفعل الإنساني، فإن الشعور بالحرية ينشأ بسبب جهلنا بالأسباب. إلى هذا الحد، فإنّه بإمكاننا أن نعمل وكأن لدينا حرية فعلاً)(2)

الحتميّة الماديّة المهيمنة على كل الوجود لا يستطيع أن يخرج الإنسان من قبضتها لكونه وأحد منها، والمخرج الوحيد الذي يفتح الطريق أمام انعتاق الإنسان من هيمنة المادة هو الله الذي اودع في الإنسان حرّية الإرادة والأختيار، والعلم والعقل، فكرّمه بذلك عن بقية خلقه، والذي يرفض هذا النسق من التفكير لابد أن يقع في الحتمية لا محالة، ومهما تستر دعاة الإلحاد عن هذه الحتمية بالدعوة للحرية لا يكون مجدياً حتّى وإن علا صوتهم، فالضجيج والصخب لا يستر ما لا يمكن ستره.

وإشكالية الفيلسوف الإلحادي عندما يتحدث في الفلسفة ينسى مشروعه السياسي والاجتماعي، وعندما يأتي للعمل السياسي والاجتماعي ينسى ما قاله في التأسيس والتنظير الفلسفي، فكيف يجوز لهم تبنّي مشروع حضاري للإنسان وهم يقولون في الفلسفة بكون الإرادة الحرّة وهمٌ، أو الإنسان عبارة عن دمية تحركها مؤثرات كيميائية كما يصرح هيرس بقوله: (إننا مجرد دمى بيوكيميائية تسيرها قوى تتجاوز التحكم الواعي)(3).

 ويشرح البروفيسور التطوري بجامعة شيكاغو القضية بقوله: (إنّ المخ وأعضاء الجسم هم الأوعية الّتي تتخذ القرارات، وهم عبارة عن جزيئات، وترتيب ونظام هذه الجزيئات محددٌ سلفاً عن طريق الجينات والبيئة المحيطة، وإن قراراتنا مبنية على نبضات كهربائية نابعة من هذه الجزيئات ومواد كيميائية تنتقل من خليّه عصبية إلي أخرى، وإن هذه النبضات والكيماويات لابد أن تتبع القوانين الفيزيائية، وبالتالي فاختياراتنا لابد أن تطيع هذه القوانين)(4).

 أمّا أوين جونز أستاذ القانون، وعلوم البيولوجيا بجامعة فاندربيلت وأحد مؤلفي كتاب (القانون وعلم الأعصاب) يرى أنّ الإنسان مجبور في اختياراته سواء شاء أم أبى، وأنّ أفعال الإنسان لابد أن تصدر عن سبب، وبالتالي فالكلام عن حرية الإرادة، وأنّها غير محكومةٍ، أو مجبورٍ بالعوامل الفيزيائية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية وغيرها، ولهذا فلابد أن نقبل بالحتمية والسببية)(5).

كذلك يرى بول بلوم أستاذ علم النفس وعلم الإدراك بجامعة يال ومؤلف كتاب (مجرد أطفال: أصول الخير والشر): (إنّنا مجرد كائنات ذات طبيعة فيزيائية، وأنّ طبائعنا تحدد من نحن وماذا نفعل، وأنّ أفعالنا كلها محددة سلفاً بقوانين الفيزيا، وبأحوال الكون قبل أن نولد بفترة طويلة، ونحن لم نختر أيّاً من هذا، وبالتالي فلا وجود للإرادة الحرة)(6).

وهذا المقدار كافي لفك الارتباط بين الإلحاد وحرية الإنسان، وبذلك نكون قد وصلنا إلي أنّ الإلحاد لا يمكنه أن يحمل تصور إجتماعي للإنسان، بخلاف الدين الذي يرتكز على نظام أخلاقي قائم على قيم مطلقة.

وهنا لا بد لنا من الأشارة إلي بعض العناوين الثقافية المنعكسة عن الحتمية والجبر الإلحادي. فهذا النمط من التفكير الذي يسلب إرادة الإنسان له أثار مدمرة على الحياة، ويمكننا إلفات النظر إلي بعضها في نقاط.

   أولاً: إنكار الله والإيمان بالطبيعة والمادة كقوة متحكمة في مصير الإنسان، يؤدي إلى جمود مطبق وكامل للإنسان، والمجتمع في قبال الحياة، فالذي ينظر للحياة بهذا المنظار الحتمي لا يمكن أن يكون مساهماً بأي شكل من الأشكال في بناء الحياة، طالما يتحرك كل شيء بما فيه فكر الإنسان، وخياراته ضمن قانون رسم سلفاً، وهكذا لا يرى الإنسان الحياة ضمن هذا المنظار إلاّ لوحة جامدة، وإن كانت في ظاهرها متحركة.

   وهذا النوع من التفكير مخالف لوجدان الإنسان وفطرته، فالذي يعتقد أن تطور الحياة يسير بقانون داخلي، لا يكون أمامه إلاّ الاستسلام، والخضوع للحوادث الطارئة والظروف القاهرة، شاء ذلك أم أبى؛ لأنّه ليس له حول في تغيير ما يجري حوله، وليس لفعله تأثير بأي شكل من الأشكال، بل ليس فعله الذي يفعله إلاّ فعلاً لتلك الماكينة الضخمة.

 ولا شك أنّ هذا الفكر إذا خيم على عقول البعض، وتمسكوا به حتّى لو كان على خلاف فطرتهم، فسيحول حياتهم حتماً الي جحيم يكون الانتحار في قبالها نعمة، فعندما يكون الإنسان مجرد جثة تحركها أقدار المادة وتعصف بها ظروف الحياة يمنياً وشمالاً، فتجعل الفقير فقيراً والغني غنياً والمريض مريضاً والتعيس تعيساً ... دون أن يكون له أملاً في تغير حاله لا يمكنه تحمّل مثل هذا الوجود البغيض.

  أمّا النظرية الإسلامية، فهي تؤكد على مسؤولية الإنسان، وحريته في كل تصرفاته، فهو الذي يصنع مصيره بمسيره وأختياره، فإن كان شرّاً أو خيراً فبما كسبت يداه، وهو بما كسب رهين: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(7)، وأنّه مهما تكاثرت على الإنسان الذنوب، فإنّ له أملاً في التخلص منها عبر التوجه إلى الله سبحانه وتعالى والإنابة إليه. ومهما تراكمت عليه الهموم فإنّه قادر على تغيرها. 

   ثانياً: إنّ الحتميّة الماديّة هي إعدام لإنسانيّة الإنسان، وتحطيم لشخصيته، وإنزاله منزلة البهيمة المربوطة همها علفها، تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها، فحقيقة الإنسان وجوهر وجوده في كونه مخلوقاً مريداً له حق أختيار نمط حياته، في حين أنّ الحتميّة ومصادرة إرادة الإنسان هي تجميدٌ لكل طاقاته الخلاقة والمبدعة، وبالتالي تحطيم هويته وإنسانيته. 

وهذا ما يكشف لنا عن عظمة الإنسان في القرآن، عندما يؤكد أنّ إرادة الإنسان واختياره لا تغيّر حياته فحسب، وإنّما تغيّر الكون، فأي مكانة أشرف من أن يمنح الإنسان ملكوت السماوات والأرض! وقد قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(8)، أي أنّ المقياس الأول لمستوى حركة البشر، ونوعية مصيرهم هو عملهم في الحياة، وليس هناك من تقدير إلهي جامد يحدد مصيرهم. 

ثالثاً: إنّ الذي ينطلق في الحياة بوحي الإيمان بالله يكون متحرراً من كل قيد، متجاوزاً لكل حتمية، وكلما ازداد الإنسان وعياً بهذه العلاقة التي تربطه بالله، كلما ازداد عزماً، ونشاطاً واستقامة، وكلما ازداد تحدياً لكل ما يمكن أن يكون عقبة في طريقه.

فحياة الإنسان مليئة بالعقبات، التي تحيط بواقعه الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي، لا يتجاوزها الإنسان إلاّ إذا كان مشبعاً بالأمل في الله تعالى، معتقداً في قدرته على كل شيء، فتنموا في الإنسان روح المثابرة والإصرار، ومن هنا يدفع الإسلام الإنسان لتجاوز الحتميات الّتي توحي بها العلوم البشرية المنطلقة في تصوراتها من المادة مثل: 

أـ كثيرة هي العوامل التي تساعد في صناعة شخصية الإنسان، مثل عامل الوراثة، والتربية، والأسرة، والمحيط الذي نما فيه ..، كلها عوامل لها ظلالها الواضحة على شخصية الإنسان، إلاّ أنّه قادر على التحرر منها رغم شدة تأثيراها وحضورها الواضح على حياته، فليس هناك ظروف حتمية، وقدر لازم تفرضه الوراثة، أو التربية كما يوحي علما البيولوجيا والأعصاب بحتميّة مصير الإنسان الذي هو عليه. 

ب ـ يشكل المجتمع عامل ضغط هائل على الإنسان، يحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فلا يكاد ينفك يقلده في عاداته وثقافته وكل شؤون حياته، وقد تطرفت بعض النظريات الاجتماعية بالقول أنّ ما يملكه الإنسان من وعي وطريقة تفكير، إنّما هو من صناعة المجتمع، وليس للإنسان شأن فردي بعيداً عما يقرره المجتمع، إنّما هي حتميّة مطلقة واتّباع أعمى، ولا يمكن مقاومة هذه الثقافة إلاّ ببصيرة الإيمان بالله الذي لا يكون معه حتميات؛ لأنّه لا قوة ولا ولاية، ولا ملكوت إلاّ لله سبحانه، فإذا توكل العبد على خالقه، وكّفر بكل ما هو باطل في مجتمعه، يفتح الله له آفاق السماوات والأرض، ألم تر أن إبراهيم (عليه السلام) عندما كفر بواقعه، كيف أراه الله تعالى ملكوت السماوات والأرض؟ قال تعالى: (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(9)، وهكذا يتحرر الإنسان من كل الحتميّات، الاجتماعيّة التاريخيّة والاقتصاديّة... 

لو عرف الإنسان هذه الحقيقة، لما وجدنا الكثير  يقبلون العيش تحت ظروف الذل والهوان والفقر والمرض...، بحجة أنّ قدرهم رسم لهم هذا النصيب من الحياة، لا ينبغي للإنسان أن يكون يائساً بائساً، قانطاً من رحمة الله سبحانه؛ لأنّ (الله يفعل ما يشاء)، ولأنّه (كلَّ يوم هو في شأن): (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)(10)، فالتحرر من التاريخ الخاص لكل إنسان ممكن، عبر التطلع الذي يحققه الإيمان بالله. 

وهكذا يتحول الإيمان بالله إلى وقودٍ للتكامل في ضمير البشر، ونبراسٍ للتطلع والتقدم والحركة والحيوية والتطور، بل هو الأمل في المُلك والهيمنة، والمُثل والأخلاق، والنمو والرفعة، والشأن والقدرة، والعزة والكرامة.. 

وبكلمة: الإيمان هو أمل لقاء الحي القيوم والقرب منه، والعيش في ظل رحمته في مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ لأنّ الله معرفة في القلب وإشراقة في الروح.

الإلحاد والليبرالية المقاربة المستحيلة:

ناقشنا في إمكانية الإلحاد فلسفياً في تقديم مقاربات نظرية تجعل منه مشروعاً إجتماعياً، وقد ظهر لنا في ما سبق بإنّ الإحاد فلسفة عدمية لا يمكن أن تشكل ركيزة لأي مشروع اجتماعي، كان من الضروري الوقوف على خياراته العمليّة التي يمكن أن يتبناها كمشروع اجتماعي يسعى لتحقيقها، فالإحاد الجديد لكونه حاملاً لرؤية مناهضة للأديان لابد له من تبنّي بديل إجتماعي، وإلاّ لما كان مشروعاً مناهضاً ولا كان وجوده خطراً على الأديان.

 يبدو أنّ الخيار الأكثر قرباً للإلحاد الذي يعمل على أقتلاع الأديان هو تبنّي الحرّية، وذلك لكونها تؤسس في بعض معانيها خيارات متمردة لا تعترف بالحدود، ولا تؤمن بالممنوع.

 إلاّ أنّ هناك مقاربة أخرى تجعل الحرّية تتحرك ضمن مسارات تحددها ضرورة العيش المشترك، وبالتالي هي نوع من الحرّية الّتي تراعي بعض القيم والقوانين الاجتماعية.

 والحرّية بكلا الخيارين المتمردة والمنضبط لها أنصارها من بين الملحدين، فالإلحاد العدمي لا يؤمن بوجود أي قيمة رادعة لحرّية الإنسان، فالخير والشر، والحُسن والقبح، ليست ذات معايير موضعية ثابتة، وإنّما تابعة لزوق الفرد يتحكم فيها بحسب ما يمليه هواه، يقول البروفيسور هوستن سميث أستاذ الفلسفة، وعلم الأديان في عدة جامعات أمريكية: (الخطر الذي يطارد النسبية هو أن تصل في النهاية إلي العدمية الإنكارية. في تلك النهاية القصوى تنهار النسبوية إلي وجهة نظر ترى أن لا شيء أفضل من أي شيءٍ آخر. وهذه فلسفة غير صالحة للعيش)(11).

 أمّا الإلحاد الأكثر عقلانية، فإنّه يتبنّى الحرية ضمن ما تتيحه الثقافة الليبرالية، والّتي تمنح الأفراد حرية ضمن إطار القانون الذي يفرضه النظام المجتمعي، وبرغم أنّ القيم الليبرالية نفسها قيم نسبيّة إلاّ أنّها تحظى بتوافق العقل الجمعي من أجل تحقيق منافع متبادلة، ومن هنا لا يمكن مقايسة، أو مشابهة الليبرالية بالحرية التي يمنحها الإسلام للأفراد؛ وذلك لأنّ الليبرالية لا تؤمن بوجود سلطة غيبية لها الحق في توجيه الأفراد، أو تحديد خياراتهم خارج حدود المنفعة الدنوية.

مع أنّ هناك تيار من الملحدين العرب ينادون في صفحات التواصل الاجتماعي بالحرية المطلقة، ويتحدثون عن حريات في قضايا بكل المقاييس لا أخلاقية، إلاّ أنّ التيار المؤثر والأكبر هو التيار الذي مازل متأثراً بالأخلاقيات الإسلامية، ولذا من حقهم علينا أن نحملهم على أفضل الخيارات الممكنة ونحصر النقاش في الليبرالية الأكثر أنضباطاً وعقلانية.

ومن الضروري لفت النظر بأنّ نقاشنا هنا ليس في الليبرالية ضمن سياقها الفلسفي الذي ولدت فيه، وليس جهدي منصباً في ابطالها أو تصحيحها، وإنّما نقاشي يتجه نحو الإلحاد وإمكانيّة تبنيه لليبرالية ضمن رؤيته الفلسفية. 

الإشكاليّة التي تطرحها الليبرالية في الأوساط الإسلامية والدينية بشكل عام، هو أنّ الدين والإسلام بشكل خاص يقيد الحرية، ويفرض على الفرد، والمجتمع نظم فوقية تمنعه من ممارسة خياراته بحرّية، ومن هذه الزاوية يمكن أن يستغل الإلحاد هذا التوتر لطرح مشروعه الإلحادي بوصفه خلاص الإنسان من القيود والسلطة الفوقية. برغم أن الحلول الشائعة والمطروحة من معظم اللبراليين العرب والمسلمين هو جعل الدين ضمن الحرية الشخصية طالما لا يتدخل في الشؤن الاجتماعية، وقد يساعدهم على ذلك بعض الخطابات الإسلامية الّتي تؤكد على ضرورة عزل الإسلام من الشأن السياسي، إلاّ أنّ هذا الخطاب لا يمثل رأياً عاماً، ولا تياراً غالباً، وعلى أقل تقدير هناك توصيات، وأحكام لها علاقة بالنظام الاجتماعي، ولا يحق لأي مسلم التنازل عنها، ناهيك عن وجود تيار ينادي بالإسلام السياسي قد وصل بالفعل إلى الحكم كما في بعض البلدان، أو في حالة من السعي لذلك، الأمر الذي شجع الإلحاد أكثر على طرح نفسه بقوة في الساحة رافضاً الحلول التي يراها ترقيعية، وقد ساعده على ذلك وزاد من جرأته على الإسلام بعض الحركات المتطرفة أمثال (داعش)، والتي ارتكبت مجازر بشعة في حقّ الإنسانية، ولذا يرى الإلحاد أنّه يمثل المنعطف التاريخي المهم في تاريخ الأمة الإسلامية.

ما نحاول القيام به هنا هو مناقشة القضية من بعدها الفلسفي وليس السياسي، لنتسأل عن ماهية الحرية وطبيعتها الفلسفية، مع أن المقام لا يسمح بطرح الأمر في إطاره الواسع الذي نستجمع فيه كل ما قيل في الحرية، إلاّ أنّه من الضروري مناقشة ما له علاقة مباشرة بالتصادم الظاهر على السطح بين الإسلام والحرية.

الأمر الذي يقودنا الي التساؤل عن ماهية الحرية وطبيعتها الوجودية.

الحرية كمفهوم ذهني مجرد يحمل في طياته مفهوماً طارداً للقيود، والموانع، والحدود، والحظر، فهي حالة من الحركة المتسعة باتساع الوجود، والحرية بهذا المعنى هي مطلق الترجيح بين الخيارات المتعددة بدون أن يحمل أي خيار من بين الخيارات سلطة إلزامية.

والحرية بهذا المفهوم لا تعترف بالمرجحات الموضوعية؛ لأنّها تمارس تأثير خارج حدود الذات، وبالتالي هي حرية لا معيارية؛ لأنّ المفهوم المجرد للحرية لا يمكنه أن يستقيم مع وجود معيارية ترجيحية.

إلاّ أنّ الإشكالية الكبرى، والتي يغفل عنها الكثير هي أن الحرية المجردة لا وجود لها البتة، وكل ما هو متاح وموجود هو الإنسان الحر، والفرق كبير جداً بين المعنيين.

فالحريّة المجردة الّتي تسبح في الفراغ، والتي لا تواجهها موانع، ولا حدود قد لا تكون موجودة حتّى في عالم المجردات، وما يقع فيه بعض المندفعين نحو الحرّية هو الإنطلاق من المفهوم المجرد ليسقطه على الواقع دون أن يكترث لوجود مساحة فاصلة بين الحرية كمفهوم وبين الحرية كواقعية إنسانية.

ومن هنا نحتاج قبل التطرق لحدود الحرية، والمساحة التي يجب أن تتحرك فيها، أن نتعرف أولاً على الإنسان كفرد، والإنسان كمجتمع من أجل أن نتمكن من رسم حدود الحرية بحسب الواقعية الممكنة، التي يتحكم فيها الموقف الجمعي للعقلاء. وبهذا الشكل تصبح الحرية ذات قيمة؛ لأنّها توجد ضمن سياقات قيمية تراعي قيمة الإنسان الوجودية، كما تراعي طموحاته ضمن التصور العقلائي الذي يرصد غايات تلك الطموحات، كما تراعي ايضاً قيمة الفعل ضمن الرؤية الكونية.  

بهذا الشكل من التفكير سيضطر الإلحاد الي الخروج من حوار الحرية؛ لأنّه يرتكز على رؤية عبثية للإنسان لا ترى فيه غير الأنانية، وهي نظرة ليست مجحفة فقط في حقّ الإنسان بوصفه قيمة، وإنّما مدمّرة حتّى لوجوده الأناني، فالإحاد الذي ينادي بالحرية اللامعيارية، واللاموضوعيّة، واللاعقلائيّة، شبيه بحال الأب المهمل الذي يوفر لأبنه الحرية المطلقة في إلتهام كل أنواع الحلويات والماكولات والمشروبات وكل التصرفات التي يحب، أو يرغب فيها، فكما أن الأب بذلك التصرف قد حكم على ابنه بالإنتحار، كذلك الملحد حكم على كل الإنسانية بالإنتحار.

صحيح أنّ الطفل له الحق في ما يرغب، ولكن ليس من الصحيح أن ينظر الاب لطفله بوصفه مجرد موجود له رغبة، وإنّما هناك جوانب أخرى يجب رويتها في الطفل غير الرغبة الشخصية، ومن هنا يكون من الضروري وضع كوابح لهذه الرغبة من غير كبتها ومصادرتها، فعندما يمارس الاب سيطرته على الطفل، ويقيد حريته بمجموعة من الضوابط هذا لا يعني أن الحرية أصبحت محدودة، بل مازالت مطلقة لكن ضمن شروطها العقلائيّة، وهذا هو الفرق بين النظر للحرية كمفهوم لا واقعية له، وبين النظر للحرية ضمن الإمكانية الواقعية.

 وهكذا الحال في الإنسان والمجتمع لابد من دراسة الحرية ضمن الواقعيّة الإنسانيّة والمجتمعيّة، وهذه الواقعيّة تستمد من النظرة الشاملة للإنسان والمجتمع، وليست النظرة الجزئية التي ترصد بعض الحقائق وتهمل الحقائق الأخرى.

والمهم هنا كفكرة أولية أن الضوابط العقلائية ليست شيء خارج عن طبيعة الحرية وماهيتها، فعندما أقول مثلاً الإنسان له قدرة مطلقة في المشي والحركة لا أكون قاصداً القدرة، والحركة كمفهوم مجرد، ثم اسقطه على الإنسان؛ لأنّ القدرة المطلقة هي القدرة على كل الشيء، وهذا لا واقعيّة إنسانيّة له، وكذلك الحال في الحركة المطلقة التي لا يمكن قياسها بأي مقياس للحركة، وبالتالي الإنسان له قدرة مطلقة على المشي والحركة ولكن ضمن الامكانية الواقعية، وكذلك له حرية مطلقة ضمن الإمكانية الإنسانية.

 واللحظة التي يوافق فيها الإلحاد على إدخال ضوابط على الحرية، هي ذاتها اللحظة التي ينفتح فيها النقاش واسعاً أمام كل المرجحات والضوابط بما فيها الدينية، ولا يحق له حينها الاعتراض طالما الدين أيضاً يشترط القبول العقلائي لخياراته السلوكية.

والحرية بالتصور الذي قدمناه تفهم في إطار المسؤولية، أي بمعنى أنها ليست مجرد الترجيح بين الخيارات، وإنّما هي مسؤولية ترجيح الأصلح والأولى بالترجيح، وهذه المسؤولية تمدت في كل جوانب الحياة والوجود، أي أنّ الإنسان مسؤول أمام نفسه، ومسؤول إتجاه الآخرين، كما أنه مسؤول عن الكون، وهذه المسؤولية تفهم ضمن الإطار الذي يستوعب كل السلوك الإنساني صغيراً كان أو كبيراً، لأن الإنسان ليس مجرد كائن حر وحسب وإنما عاقل أيضاً، ودور العقل في الحرية هو تحديد الخيارات الجيدة الّتي يجب أن يختارها، وبالتالي فتح الطريق امام الإنسان ليمارس اختياراته العقلائية في الحياة ضمن الخطة التي تخدم غايته العليا، وهذه الخيارات العقلائية مرتكزة على مجموعة حقائق منها فطرية، وعقلية، واخلاقية، وعلمية، وبهذا الشكل ينتقل الإنسان من كونه كائن أناني وشهواني يتحرك بدون بصيرة حياتية، إلي مخلوق عاقل ومنضبط بمنظومة من القيم الأخلاقية ومتسامي عن رغباته الدونية.

والنظرة الشاملة للإنسان والمجتمع تقودنا إلي وجود قيم أخرى يهتم بها الإنسان والمجتمع غير قيمة الحرية، مثل قيمة، العدل، العلم، والقدرة، والرحمة، والتسامح، والكرامة، والطهارة، والعزة، والشرف... وسلسلة طويلة من القيم المقدرة عند البشر جميعاً، وبالتالي عندما نقارب الحرية كقيمة أجتماعية لابد من ملاحظة بقية المنظومة القيمة، ومراعاة التداخل الذي قد يحدث بين هذه القيم، الامر الذي يحوجنا إلي دراسة القيم الإنسانية، وترتيبها ضمن قانون المهم والأهم، ومن الاخطأ التي وقعت فيها الليبرالية أنّها أنطلقت من ظرف تارخي كانت فيه الحرية قيمة ذات أولوية ملحة، ولكنها توقفت عند هذه القيمة من غير أن تراعي القيم الأخرى التي يحتاجها أيضاً الإنسان والمجتمع، أو على الأقل جعلها القيمة المحورية الّتي تدور حولها بقية القيم، وهذا غير مسلّم به، لوجود ظروف تتاخر فيها قيمة الحرية لتتقدم قيم أخرى، وخاصة عند تعارض القيم في بعض الظروف الخاصة، فلو تعارضت الحرية مع الأمن مثلاً أيهما نقدم!!! قد يكون الامن لدى الإنسان أكثر أولوية من الحرية، أو لو تعارضت حرية مجتمع معين مع فرض التعليم عليهم، فأيهما أولى قيمة الحرية أم قيمة العلم؟

 وهكذا لابد من رصد شامل للقيم ومراعاتها كحقائق موضوعية بعيداً عن تأثيرات الظرف الزماني والمجتمعي، وهذا هو الباب الذي يمثل فيه الدين ضرورة للإنسان، لكونه نظرة شاملة وموضوعية للإنسان اكثر من نظرة الإنسان إلي نفسه؛ لأن نظرة الإنسان متأثرة بالظرف الذي يعيش فيه، ومن هنا نجد ان كل الفلسفات البشرية قد أثر فيها الظرف التاريخي، والمجتمعي، والاقتصادي، والسياسي، والشخصي، بشكل واضح وكبير. 

ومع أنّ هذه القيم هي مشتركات إنسانية، وأنّ معرفتها اقرب إلى البديهة، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من غفلة الإنسان عنها وهيمنة الهوى والرغبة الشخصيه عليه، فلا يستغني عن تذكير المذكرين وتنبيه العارفين، وهنا تتجلى مهمة الأنبياء بوضوح، كما يصفها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بَالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ)(12) وبالتالي فإن كل إنسان يجد في نفسه بذور التكامل القابلة للنمو والزيادة.

فحقيقة القيمة ومعناها، أقرب إلى الحالة الوجدانية الّتي فطر عليها الإنسان، فلو لا وجود حقائق مقدسة عند البشر، لما تكاملت الحياة بل تعذرت، والاستدلال على وجودها شبيه بالاستدلال على وجود العقل، فكما تسالم البشر على وجوده، كذلك تسالموا على وجود القيم، ومن هنا جاز لنا الجزم بأن رسالات الأنبياء في الواقع، هي تكريس للقيم، ولهذا السبب يتم تصديقهم واتّباعهم، فليس من المعقول، أن يكون هناك نبيٌّ يأمر بالظلم وينهى عن العدل مثلاً. 

أمّا مصدر القيم وشرعيتها، فيكون واضحاً حينما نفهم القيم ضمن إطارها الطبيعي، أي عندما نخرجها من إطار الذات، إلى إطار الموضوع، إي من إطار جعل القيم رهينة انفعالات نفسية نحو الأشياء، إلى الاعتراف بوجودها المستقل كحقائق تمتاز بالثبات، وبمعنىً آخر إخراجها من النسبية المتحركة، إلى المطلق الثابت، الذي يلعب العقل فيه الدور الأكبر في كشفها والإيمان بها، فهي تعبير عن عمق الذات المفطورة على حب الجمال والكمال والخير. 

فالحالة الوجدانية التي تشعر بضرورة التكامل وبوجود المتعالي، لهي أقرب دليل إلى نزوع النفس الإنسانيّة إلى تلك القيم، التي تشعر بها في عمق وجودها، فعندما نخرج القيم من هذا الإطار، ونبحث عنها ضمن سياق الفعل ورد الفعل، الذي تخلقه طبيعة التفاعل البشري فيما بينها وبين الأشياء، تفقد قدسيتها وثباتها واستقرارها، وتتحول من كونها معايير للظروف والأحداث، إلى رهينة لتلك الظروف والأمزجة. 

ونحن لا ننكر وجود قيم خاطئة نتيجة انفعال النفس بالمحيط، وتأثرها بعوامل الوراثة، والتربية، والمحيط السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، وعوامل البيئية وغيرها... التي تساهم في صياغة شخصية الإنسان، ولكننا نفرق بين حالة الفعل والانفعال، فالنفس هي مصدر الضعف المنفعل بالواقع، في حين أنّ العقل مصدر القوة، الذي يميز الحسن والقبيح والحق والباطل، والقيم قد تنشأ من العقل وقد تنشأ من النفس، ولهذا نحن لا نقول إنّ القيم هي انتقاء بلا معيار، وإنّما العقل الكاشف لها هو الذي يعطينا الثقة بها، وهو واحد عند الجميع، والضمانة الأخرى للقيم هي الدين، المذكر بتلك القيم والمثير لدفائن العقول، فيصبح العقل والدين أو العقل المستبصر ببصائر الوحي هو أساس القيم ومصدر شرعيتها.

 وإذا رجعنا مرة أخرى إلي الحرية في التصور اللبرالي، يمكن أن نجد قواسم مشتركة لكوننا نؤمن بالحرية كقيمة، وهي نقطة اشتراك جوهرية، وهي تؤسس لنقاش مشترك نطالب فيه بضرورة مقاربة الحرية مع بقية المنظومة القيمية، وهذا النوع من الحورا غير متصور مع الملحدين الذين قد يتبنوا الحرية في إطارها العبثي الخارج عن النظام الأخلاقي للإنسان، فلا تكون مشكلتهم مع الإديان، وإنّما يصبح لهم مشكلة مع كل البنى الاجتماعية الّتي ترتكز على الضرورة الأخلاقية، ومن بينها الليبرالية الّتي تحافظ على مقدار من القيم المجتمعية. 

(لا يمكن للحرية أن تزدهر إذا لم يكن هناك أي شيء مهم، فإن الحرية تصبح عدمية الجدوى)(13).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عبد الله بن صالح العجيري، ميليشيا الالحاد، نشر مركز تكوين للأبحاث والدراسات، ط الثانية 2014، ص 158

(2) مليشيا الإلحاد، ص 158

(3) الإلحاد للمبتدئين، د. هاشم عزمي، دار الكاتب للنشر والتوزيع، الإسماعيلية مصر، الطبعة الثانية 2015م،  ص 177

(4) المصدر السابق، ص 178

(5) المصدر السابق، ص 180

(6) المصدر السابق، ص 181

(7) الزلزلة/7-8

(8) الرعد/11.

(9)الأنعام/74-75.

(10) الإسراء/7.

(11) لماذا الدين ضرورة حتمية، هوستن سميث، ترجمة سعد رستم، دار الجسور الثقافية،  ص 270

(12) نهج البلاغة، خطب الإمام علي(عليه السلام، ج1، ص23.

(13) لماذا الدين ضرورة حتمية، مصدر سابق، ص 271