الطَّاعَةُ.

أَحْمَدُ عَبَّاس حَمْزَةُ الخَاقَانِي: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. يَقُولُ عُلَمَاؤُنَا الأَطْهَارُ: إنَّ إِرَادَةَ البَارِي تَعَالَى وَمَشِيئَتَهُ هِيَ التَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَةِ وَالرَّدْعُ عَنْ المَعَاصِي. وَالسُّؤَالُ: كَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا القَوْلِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16))، حَيْثُ يَظْهَرُ أَنَّ إِرَادَةَ اللهِ فِعْلُهُ؟

: اللجنة العلمية

      وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     1 -الإِرَادَةُ غَيْرُ المَشِيئَةِ، والمَشِيئَةُ هِيَ الأَصْلُ، فَإِنَّ البَارِي تَعَالَى شَأْنُهُ خَلَقَ الأَشْيَاءَ بِالمَشِيئَةِ وَخَلَقَ المَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا، فَالإِرَادَةُ لَازِمٌ، وَالمَشِيئَةُ مَلْزُومٌ. 

     2 -التَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَةِ وَالرَّدْعُ عَنْ المَعْصِيَةِ هَذَا فِي الأَحْكَامِ، وَالأَحْكَامُ مِنْ الفُرُوعِ، وَالعَقِيدَةُ هِيَ الأَصْلُ، فَاللَّازِمُ أَنْ تَكُونَ الإِرَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالعَقِيدَةِ، وَالنُّصُوصُ كَثِيرَةٌ فِي الحَقِّ عَلَى تَصْحِيحِ المُعْتَقَدِ، وَمَا قَولُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (العَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كالسَّائِرِ عَلَى غَيْرٍ الطَرِيقِ، فَلَا تَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْدًا) - وَفُسِّرَتْ البَصِيرَةُ بِالإعْتِقَادِ- إِلَّا شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ.

      وَمَعَ وُجُودِ المُغَايَرَةِ لَا يَكُونُ لِلتَّنَافِي مَحَلٌّ.

     3 - لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الإِرَادَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَافِي تَرْغِيبَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ المَعَاصِي، لِأَنَّ مُقْتَضى عَدْلِهِ مُكَافِئَةُ المُطِيعِ وَهُوَ يُرِيدُ لِعِبَادِهِ النَّعِيمَ وَالفَضْلَ الكَبِيرَ، فَلَزِمَ مِنْ هَذَا أَنْ تَتَعَلَّقَ إِرَادَتُهُ بِتَرْغِيبِ العِبَادِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وأَنْ يَفْعَلَ مَا يُقَرِّبُ العِبَادَ لِطَاعَتِهِ وَيُجَنِّبُهُمْ مَعْصِيَتَهُ، كَإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الكُتُبِ وَخَلْقِ الجَنَّةِ تَرْغِيبًا وَالنَّارِ تَرْهِيبًا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فِعْلٌ، وَالفِعْلُ مَسْبُوقٌ بِالإِرَادَةِ.