حِكمَةُ الصَّوم.

مُهندِسْ وِسام: السَّلامُ عَلَيكُم .. ماهيَ حِكمَةُ الصَّوم؟

: اللجنة العلمية

الأخُ وِسامٌ المُحترَمُ، السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللهِ وبَركاتُهُ 

مِنَ المَعروفِ أَنَّ أَشدَّ الإِبتِلاءاتِ الَّتي يَتَعرَّضُ لها الِإنسانُ في حَياتِهِ هِيَ  الإِبتِلاءاتُ الشَّهوِيَّةِ ، فَأرادَ الإِسلامُ أنْ يُرَوِّضَ النَّفسَ البَشريَّةَ على الصَّبرِ أَمامَ الشَّهواتِ - سَواءٌ كانَ ذَلكَ شَّهوةَ بَطْنٍ أَو شَّهوَةَ فَرْجٍ - مِن خِلالِ الصَّومِ ، والصَّبرُ هو إِحدى الطُّرُقِ المُهِمّةِ للوصولِ إلى التَّقوى الحَقيقيَّةِ في النَّفسِ البَشَريَّةِ ، وَمِنْ هُنا قاَلَ المَولى سُبحانَهُ في كِتابهِ الكَريمِ : ( (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البَقَرة : 183 .

وَمِنْ فوائِدِ الصَّومِ هو الرُّقِيُّ بالنَّفسِ البَشريَّةِ إلى مَصافِّ الذَّوَبانِ في البُعدِ الِإنسانيِّ ، ذلكَ البُعدُ الَّذي يَجعَلُ مِنَ الإِنسانِ إِنساناً فِي وِجدانِهِ وَنَظرَتِهِ َوتَعامُلِهِ وَتَعاِطيهِ مَعَ بَنِي نَوعِهِ وَعَدَمُ التَّرَفُّعِ عَليهِم، فما أجملَ أن يكونَ هُناكَ شَهرٌ في السَّنَةِ يَتَساوى فيهِ الجَميعُ ، الحاكِمُ وَالمَحكومُ ، الغَنيُّ والفَقيرُ ، شَيخُ العَشيرَةِ معَ الخادِمِ عِندَهُ ، الوَزيرُ مع َالمُوظَّفِ البَسيطِ ، فَكلُّ المُسلمينَ مُتساوونَ في المُعاناةِ والصَّبرِ والانقِطاعِ عن الأكلِ والشُّربِ وكُلِّ المُفَطِّراتِ ،  فتَشيعُ الرَّحمةُ وتَزدادُ الأُلفَةُ وتَتَعدَّدُ سُبُلُ الخيرِ بينَ البشَرِ ، جاءَ عنْ  الإمامِ الصّادقِ عليهِ السَّلامُ: ( إنّما فَرَضَ اللهُ عزَّ وجلَّ الصِّيامَ، لِيستويَ بهِ الغنيُّ والفقيرُ، وذلكَ أنَّ الغنيَّ لم يَكنْ لِيَجِدَ مَسَّ الجوعِ فيَرحَمَ الفَقيرَ، لأنَّ الغَنِيَّ كُلّما أرادَ شَيئاً قَدرَ عليهِ، فأرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ يُسوّيَّ بَينَ خَلقهِ، وأنْ يُذيقَ الغَنيَّ مَسَّ الجوعِ والألمِ، لِيَرِقّ على الضَّعيفِ، فَيَرحَمَ الجائِعَ ) .[ مَنْ لا يَحضُرهُ الفقيهُ ، للصَّدوق ، ج2 ص 73]

ومِنْ فَوائدِ الصَّومِ الصِّحّةُ ، فكَما أنَّ الأجهِزَةَ تَحتاجُ إلى الصِّيانةِ حتّى يَدومَ عَطاؤُها ، كَذلكَ الأبدانُ تَحتاجُ إلى فَترةِ راحةٍ وصِيانَةٍ تَستعيدُ فيها نَشاطَها وتَجديدِ قُواها ، ومِنْ هُنا جاءَ الحَديثُ المُبارَكُ الشَّريفُ : ( صوموا تَصُحّوا ) .[ مستدرَكُ الوسائِل 7: 502]

ومِنْ فَوائِدِ الصَّومِ وحِكمَتِهِ أنّهَ شُعاعٌ مِنْ رَحمَةِ اللهِ وهِبَةٌ مِنْ هِباتِهِ لعبادِهِ وباباً فَتحَهُ لِجَنّتِهِ ، حينَ فَرَضَ عَلَيهِم شَهراً كامِلاً يَصومونَهُ في السَّنَةِ طاعَةً وإحتساباً يَخرجونَ مِنْ ذُنوبِهِمُ الّتي إقترَفوها كَيومِ وَلَدَتهُم أمَّهاتُهُم ،  جاءَ في الحَديثِ النَّبويّ :  « شَهرُ رمضانَ شَهرٌ فرَضَ اللهُ عليكُم صِيامَهُ فمَنْ صامَهُ إيماناً وإحتساباً خَرَجَ مِنْ ذُنوبِهِ كَيومِ ولدَتْهُ أُمُّه ». [ الوافي ، الفَيضُ الكاشانيّ ، ج 11 ص 375] 

وَدُمتُم سالِمين.