ما هي ملامح القراءة الحضارية للشيخ محمد الطاهر بن عاشور من خلال تفسيره التحرير و التنوير ؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملامحُ القراءةِ الحضاريّةِ في فكرِ بنِ عاشور  بشكلٍ مُختصرٍ يُمكننا أن نقولَ إنَّ المقولاتِ الكُلّيّةَ والقواعدَ المنهجيّةَ التي يقومُ عليها فكرُ بن عاشور تتمثّلُ في مركزيّةِ القُرآنِ في إنتاجِ المعرفةِ؛ وذلكَ مِن خلالِ إستدعاءِ القُرآنِ للسّاحةِ الثّقافيّةِ وجعلِه أكثرَ فاعليّةً، أمّا فيما يخصُّ الرّؤيةَ الإسلاميّةَ فإنّهُ يستدعي مقاصدَ الشّاطبيّ بوصفِها المُعبّرةَ عن غاياتِ الشّريعةِ، ومِن ثُمَّ يجعلُ كلَّ ذلكَ يدورُ حولَ مركزيّةِ الإنسانِ ومحوريّةِ المُجتمعِ مِن خلالِ إعادةِ الإعتبارِ للنّظامِ الإجتماعيّ وتضمينِه داخلَ دائرةِ الإجتهادِ، ولكَي يتحقّقَ كلُّ ذلكَ إقترحَ إصلاحَ وتطويرَ النّظامِ التّعليميّ، وعليهِ فإنَّ ذلكَ يكشفُ عَن رُؤيةٍ حضاريّةٍ تستهدفُ الإنسانَ والمُجتمعَ بوصفِهما الغايةَ النّهائيّةَ للخطابِ الإسلاميّ. ويبدو أنَّ الخلفيّةَ الفِكريّةَ لابنِ عاشور تعودُ بشكلٍ مُباشرٍ لِما أسّسَ لهُ الشّاطبيّ في نظريّةِ المقاصدِ، إلّا أنّهُ لَم يتمكّن مِن تجاوزِ الشّاطبيّ سِوى أنّهُ عملَ على إضافةِ الحُرّيّةِ كمقصدٍ سادسٍ على مقاصدِ الشّاطبيّ الخمسةِ، مُضافاً إلى أنّهُ نظرَ لمقاصدِ الشّاطبي بمنظارٍ يتّسعُ إلى الجانبِ الإجتماعيّ، فنظرَ إلى كُلِّ مقصدٍ مِنَ المقاصدِ الخمسةِ بلحاظينِ الأوّلُ يتعلّقُ بالجانبِ الفرديّ والثّاني بالجانبِ الإجتماعيّ فتتحوّلُ هذهِ المقاصدُ الخمسةُ إلى عشرةٍ بحيثُ يصبحُ لكُلِّ مقصدٍ جانبٌ خاصٌّ بالأمّةِ وجانبٌ خاصٌّ بالأفرادِ. أمّا تفسيرُه "التّحريرُ والتّنويرُ" فقَد تعرّضَ في مُقدّمتِه الرّابعةِ إلى ثمانِ محاورَ تُشكّلُ بمُجملِها النّواظمَ المَعرفيّةَ والفكريّةَ والإصلاحيّةَ التي تحكمُ الإستفادةَ منَ القُرآنِ وهيَ:  1- إصلاحُ الإعتقادِ بوصفِه الأساسَ لصلاحِ الخلقِ. 2- تهذيبُ الأخلاقِ باعتبارِ أنَّ رسالةَ القُرآنِ رسالةٌ أخلاقيّةٌ. 3- التّشريعُ ويشملُ الأحكامَ الخاصّةَ والعامّةَ. 4- سياسةُ الأُمّةِ وهيَ التّعاليمُ التي تعملُ على صلاحِ الأُمّةِ وحفظِ نظامِها. 5-  القِصصُ وأخبارُ الأُممِ السّابقةِ والتّأسّي بصالحِ أعمالِها.  6- التّعليمُ بما يُناسبُ حالةَ عصرِ المُخاطَبينَ وذلكَ لكونِ القُرآنِ دعا للنّظرِ ونوّهَ بشأنِ الحِكمةِ. 7- المواعظُ والإنذارُ والتّحذيرُ والتّبشيرُ.  8- الإعجازُ بالقُرآنِ ليكونَ دالّاً على صدقِ الرّسولِ.