هل العصمة للنبي او الرسول او الامام تكوينية؟ و اذا كانت تكوينية من قبل الله سبحانه فما هي المؤهلات للفرد التي تجعله نبي او امام؟ و اذا كانت تكوينية فاين الاختيار في افعال النبي و الامام ام لا يوجد اختيار؟

: اللجنة العلمية

ينطلق هذا السؤال من فهم خاطئ للعصمة التي تتحقق بإرادة تكوينية حيث يتصور بأن التكوين  يعني الاجبار والإلزام الذي تنتفي معه إرادة الإنسان، بينما المقصود من العصمة التكوينية هو نوع من اللطف الإلهي الذي يمتنع معه العبد عن ارتكاب المعاصي مع قدرته على فعلها، فهي اشبه بمرتبة عالية من التقوى تحبسه عن المعاصي، ومرتبة عالية من العلم تكشف له قبائح الذنوب، ومرتبة عالية من الإرادة تردعه عن الاقتراب من الآثام، واكتساب الإنسان لهذه اللطف وبلوغه لهذه المرتبة مضافاً إلى أنه توفيق من الله إلا أنه موقوف على استعدادات يوجدها الإنسان بإرادته، بل حتى لو افترضنا أن ذلك كان خارجاً عن إرادته واختياره فإنه لا يقدح في عظيم شأنه وعلو مرتبه، فقد منح الله النبوة لعيسى بن مريم وهو طفل رضيع (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً) وقال في شأن يحي بن زكريا (..وآتيناه الحكم صبيّاً) وعليه فإن مقامات البشر قد تكون لكرامة خاصة يمنحها الله من يشاء من عباده وقد تعود إلى جميل الفعل الاختياري، وما يناله بعض البشر من خصوصية في التكوين لا ينقص من قدرهم، فالجواهر الثمينة لا تنقص قيمتها لأنها لم تشاء أن تكون ثمينة، قال تعالى:(قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) وقال: (وَمَا يَسْتَوِى ٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ)، وقال: (مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)، فالتباين بين المخلوقات وإن كان امراً خارجاً عن اختيارها لا يمنع من تفضيل بعضها على البعض الاخر، فالإنسان ليس كالحيوان، والنبات ليس كالجماد، والحيوانات في ما بينها ليست كلها في مرتبة واحدة، وهكذا هو حال البشر لا يتساوون في مؤهلاتهم وصفاتهم الأخلاقية وخلقية، قال تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ ٱلْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَٰتٍۢ لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءَاتَىٰكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌۢ) ولا يقدح ذلك في مكانة أهل الفضل منهم كما لا يقدح في عدالة الله طالما كل واحد خلق لهدف يناسبه وكلف بما ينسجم مع مؤهلاته، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)