هلِ الإسلامُ يصادرُ حُرّيّةَ المُخالفين؟

وسام/: لو ذهبتَ للغربِ تستطيعُ الدّعوةَ للإسلامِ، بينَما لو إنعكسَت الصّورةُ لَن تسمحُوا لأحدٍ أن يُبشِّر بدينِه !!

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

المُقارنةُ بينَ الغربِ وبينَ الإسلامِ ليسَت في محلِّها، وقَد تكونُ المُقارنةُ صحيحةً إذا كانَت بينَ النُّظمِ السّياسيّةِ في الغربِ وبينَ النّظمِ السّياسيّةِ في البلادِ الإسلاميّةِ، فالحُرّيّةُ التي تكفلُها تلكَ الأنظمةُ تُتيحُ للمُسلمِ مُمارسةَ نشاطِه بكُلِّ أريحيّةٍ بينَما أنظمةُ الدّولِ الإسلاميّةِ قَد تمنعُ حتّى المُسلمَ منَ القيامِ بدورِه الدّينيّ، وبالتّالي ليسَت المُشكلةُ في الإسلامِ وإنّما في الأنظمةِ السّياسيّةِ الحاكمةِ، ولا يمكنُ تحميلُ الإسلامِ مُمارساتِ تلكَ الانظمةِ طالَما لَم تكُن مُعبّرةً عَن تعاليمِه وتوجيهاتِه، ومنَ الإجحافِ أن يتمَّ إتّهامُ الإسلامِ كدينٍ بمُصادرةِ حُرّيّةِ الآخرينَ وهوَ القائلُ: (فَمَن شَاءَ فَليُؤمِن وَمَن شَاءَ فَليَكفُر)، وقَد أقامَ دعوتَه على الحِكمةِ والموعظةِ الحسنةِ حيثُ قالَ: (ادعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أحسَنُ)، كما أنّهُ لَم يعمَل على إكراهِ مَن لا يقبلُ به، قالَ تعالى: (قَالَ يَا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي وَآتَانِي رَحمَةً مِن عِندِهِ فَعُمِّيَت عَلَيكُم أنلزِمُكُمُوهَا وَأنتُم لَهَا كَارِهُونَ). وقَد أثبتَ التّاريخُ بأنَّ المُخالفَ غيرُ المحارِبِ كانَ يُمارسُ نشاطَه الخاصَّ بكُلِّ حُرّيّةٍ في ظلِّ دولةِ الرّسولِ (صلّى اللهُ عليه وآله) والإمامِ عليٍّ (عليه السّلام)، وقَد أكّدَ ذلكَ القُرآنُ في قولِه تعالى: (لايَنهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَم يُقَاتِلُوكُم فِي الدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُم أَن تَبَرُّوهُم وَتُقسِطُوا إِلَيهِم ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ)، وعليهِ فإنَّ نصوصَ الكتابِ وأحاديثَ المعصومينَ والتّجربةَ التّاريخيّةَ لحكومةِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) شاهدةٌ على أنَّ الإسلامَ لا يمنعُ الآخرينَ مِن أن يعيشُوا بحُرّيّةٍ في بلادِ الإسلام.

وعليهِ فمِن حيثُ المبدأ يكفلُ الإسلامُ الحُرّيّةَ للجميع، أمّا مِن حيثُ الواقعِ فإنَّ الحملاتِ الكنسيّةَ التّبشيريّةَ موجودةٌ في مُعظمِ بلادِ العالمِ الإسلاميّ، ويبدو أنَّ حكوماتِ المنطقةِ لا ترى خطراً في التّبشيرِ المسيحيّ كما تراهُ في العملِ الإسلاميّ، ولِذا قَد يجدُ المسيحيُّ في بُلدانِنا حُرّيّةً دينيّةً أكثرَ ممَّا يجدُها المُسلمُ.