هل أنّ الزّواج والجنس العميق مع البنت الّتي أكملت التّاسعة حقيقة إسلاميّة ؟

#الجنس العميق مع بنت التّاسعة حقيقة إسلاميّة!! #الرّوايات الاثنا عشريّة في جعل بلوغ البنت في سنّ التّاسعة تتجاوز الخمس وعشرين رواية، ونسبة معتدّ بها منها صحيحة السّند وفقاً لمقاييس المتأخّرين، كما ويمكن تصحيح الباقي وفقاً لمبانٍ رجاليّة أخرى، فضلاً عن نقاوة جميعها سنداً عند المتقدّمين، وبالتّالي: كان القول المشهور عند الطّائفة الاثني عشريّة في بلوغ الفتاة هو: التّاسعة، وأفتوا على أساس ذلك أيضاً. #وفي ضوء هذا البيان: ينبغي أن نُسلّم بأنّ الزّواج والجنس العميق مع البنت الّتي أكملت التّاسعة حقيقة واقعيّة نطقت بها النّصوص الدّينيّة ومارسها أصحابها أيضاً، وفي ضوئها استنبطت الأحكام الفقهيّة ونُشرت في الرّسائل العمليّة وغيرها. #وهنا نسأل: إذا كان الواقع المعاصر يستهجن مثل هذه الممارسة، ويعدّها تتنافى مع براءة الطّفولة ونقائها، فلماذا نصرّ على التّمسّك بها وبالعناوين الّتي وضعناها لأصحابها، ونبتدع عشرات العناوين من أجل تصحيحها؟! #ولماذا لا نجرؤ على لفظها ونقول صراحة: إنّ هذه الأحكام لا تصلح لغير مجتمع البداوة والقبيلة الّتي لم تكن تعرف شيئاً من براءة الطّفولة وطراوتها؟!

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

لقد تعرّضنا سابقاً للإجابة على هذا الموضوع تحتَ شبهة زواج القاصرات، ولا مانعَ من تناوله مرّةً أخرى بمقاربة أكثر تبسيطاً.

 لابدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ تكرارَ السائل لمصطلح الجنس العميق يستبطنُ ايحاءً نفسياً يجعلُ المستمع ينفرُ من المسألة دون دراسة موضوعية لها، فبالإمكان التعبيرُ بزواج الطفلة البالغة تسعة سنوات دون الكلام عن النتائج والمآلات، فحتى المرأة التي يتجاوز عمرها الثمانية عشرَ عاماً لا يتمّ الحديث عن زواجها بهذه اللفظة غير المحبّبة عُرفاً، فلو أراد أحدهم خطبة زوجة فإنّه لا يقول لوالدها أريدُ أن أمارس مع ابنتك الجنسَ العميق، ولو فعل ذلك فإنّه سوف يتعرّضُ للرفض كائناً من كان، هذا إذا لم يواجه بالضرب أو حتى القتل. ومن هنا فإنّ الحيادية في طرح الموضوعات الإشكالية خطوةٌ مهمة لفهمها ومن ثمّ طرح الحلول المناسبة لها.

والأمر الآخر أنّ عبارة السائل (الجنس العميق مع بنت التّاسعة حقيقة إسلاميّة) أيضاً عبارة تحمل نوعاً من التحامل على الإسلام، فلو كانت في نظره حقيقة إسلامية، فحينها يصبح الخيار محصوراً بين قبولها تسليماً للإسلام أو رفضها تمرّداً على الإسلام، أمّا إذا عبّرنا عنها بكونها من المباحات فمن فعلها لا يحاسب على فعله ومن لم يفعلها لا يؤثم على تركها، فحينها لا يصبح الخيار يدور مدار رفضِ أو قبول الإسلام، وإنما يدور مدار ما هو المناسب عرفاً زواج بنت التاسعة أم البنت الأكبر سناً، فالمباحات في الإسلام ليست أحكاماً إلزامية وإنما الخيار فيها موكولٌ إلى العرف، فلو أباح الإسلام أكل لحم الخروف فلا يعني ذلك أنه حقيقة إسلامية وعلى الإنسان النباتي الذي يستقذر أكلها أن يكفر بالإسلام، وعليه إنّ زواج بنت التاسعة أمر خاضع لمجموعةٍ من الظروف والعوامل وهي غير متوفرة في عصرنا الحالي إلا لبعض النماذج النادرة عند بعض أهل البادية كما عبّر السائل، ومن هنا يمكننا الجزم بأنّ زواج بنت التاسعة ليست حقيقة إسلامية حتى لو ورد في جوازها عشرات الروايات، وإنما حقيقة اجتماعية خاضعة للنظام العرفي والثقافي الحاكم على المجتمع، ومراعاة لكل تلك الظروف بيّن الإسلام الحدّ الأدنى من عمر البنت لصحّة زواجها، ولم يجعل ذلك وجوباً لازماً ولم يشد به تشجيعاً أو تحفيزاً، وإنما جعلهُ على نحو الإباحة إذا اقتضت الظروف ذلك. فمهمّة الشارع المقدس هي بيان الأحكام الشرعية مثل الوجوب والحرمة والكراهة والإستحباب والإباحة، ومهمّة العرف هو تحديد موضوعات تلك الاحكام، فعندما يحكم الشارع بجواز زواج البنت عند بلوغها، لا يحدّد لنا مواصفات البنت البالغة وكيف يكون شكلها وما هي علاماتها وإنما يجعل تحديد ذلك للعرف، والقول أنّ البلوغ يكون في سنّ التاسعة ليس على إطلاقه فهو مختلفٌ من زمان إلى زمان ومن بيئة إلى بيئة، ويتأثر بكثير من العوامل مثل الجينات الوراثية ونوعية التغذية والسلامة من الأمراض وغير ذلك، وعليه المعوّل في تحديد البلوغ ليس السنّ وإنما العلامات التي يحدّدها العرف، الرواياتُ التي حدّدت البلوغ بسنّ التاسعة لم تأتِ على نحو القضية الحقيقية وإنما على نحو القضية الخارجية، أي أنّ الرواياتِ ناظرةٌ لوصف ما هو موجود في الخارج وليست في مقام بيان قاعدةٍ كلية حاكمةٍ في كلّ زمان، وبناءً على أنّ العرف له دخلٌ في تحديد الموضوعات يمكن توسيع دائرته في تحديد البنت البالغ التي يناسبها الزواج والبنت البالغ التي لا يناسبها ذلك، ولا يستبعدُ إستشارة أهل الإختصاص في ذلك من الأطبّاء وعلماء النفس وعلماء التربية وعلماء الإجتماع، ولو حكم العرف بعدم مناسبة زواج بنت التاسعة وإنّ ذلك فيه ضياع لحقوقها وحرمانها من مرحلة الطفولة مثلاً فإنّ الإسلام لا يخالف ذلك ولا يعارضه، بل بالعكس قد يحكم بحرمته بالعناوين الثانوية كعنوان الضرر أو الظلم أو غير ذلك من العناوين، وعليه لا وجود لإشكالية من الأساس طالما الموضوع من الأساس معلق بالعرف الإجتماعي وهو المسؤول عن حقوقِ المرأة طفلة كانت أو كبيرة.