ممكن شرح موضوع الإرادة الإلهية، وهل هي من صفات الذات، أم من صفات الأفعال؟ مع ذكر الأدلة العقلية.

تقرير السؤال: هل الإرادة الإلـــهية من صفات الذات المقدسة لله تبارك وتعالى، أم هي من صفات الأفعال.

: اللجنة العلمية

الأخ المحترم علي احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

جواب السؤال بالإجمال: إنّ الإرادة من صفات الفعل لا الذات، والدليل عليه هو أنّ كلّ صفة وجودية لها مقابل وجودي فهي من صفات الأفعال لا من صفات الذات، لأنّ صفاته الذاتية كلها عين ذاته، وذاته مما لا ضد له.

جواب السؤال بالتفصيل: 

أولاً: إنّ صفات الذات هي تلك الصفات التي لا يمكن أنْ يطرأ عليها النفي والإثبات، بل هي ثابتة دوماً وابداً, أي لا يطرأ عليه إلاّ الإثبات، والسبب في ذلك هو أنّ صفاته الذاتية هي عين ذاته، وذاته - تبارك وتعالى - لا يمكن أنْ يطرأ عليها النفي بأي حال من الأحول ، وأضرب لك مثالاً توضيحياً: إنّ العلم والقدرة من الصفات التي لا يمكن أنْ يطرأ عليها النفي، فليس بمقدورنا أنْ نقول أنّ الله ليس بعالم وليس بقادر، لأنّ هاتين الصفتين من صفات الذات، وهي عين الذات وعين الذات يستحيل عليها النفي, أما الإرادة والمحبة والبغض وغيرها من صفات الأفعال، فهي مما يطرأ عليها النفي، كأنْ نقول: إنّ الله ليس مريداً لإيذاء المؤمنين, وليس محباً للكافرين, وليس مبغضاً للمطيعين ... إلخ . 

ثانياً: لو كانت الإرادة من صفات الذات مثل العلم والقدرة، فإنّ هذا يعني إنّ ما لا يُريده ناقضاً لتلك الصفة، ولو كان ما يحب من صفات الذات، كان ما يُبغض ناقضاً لتلك الصفة، وهو باطل بالضرورة، لاستلزامه تغير الذات.

ثالثاً: إنّ الروايات  دلتْ على أنّ الإرادة من صفات الفعل لا الذات، فقد روى الصدوق والكليني (رحمهما الله) في التوحيد والكافي, قال الصدوق : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ وَ مِنَ الْمَخْلُوقِ قَالَ فَقَالَ الْإِرَادَةُ مِنَ الْمَخْلُوقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ‏  لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ فَإِرَادَةُ اللَّهِ هِيَ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ- يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ بِلَا كَيْفٍ‏(1) . 

خلاصة الجواب:

1- إنّ الإرادة من صفات الفعل لا الذات، لأنّ الإرادة لها مقابل وجودي وهو عدم الإرادة، فلو كانت الإرادة من صفات الذات وأنّ صفاته عين ذاته، وذاته يستحيل أنْ يطرأ عليها العدم، إذاً يستحيل أنْ يكون للإرادة مقابل وجودي، وهو باطل بالضرورة، لأنّ للإرادة مقابل وجودي، وهو عدم الإرادة. 

2- إنّ الروايات الصحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام) دلتْ على أنّ الإرادة من صفات الفعل لا الذات.

_______________________

 (1) التوحيد؛ ص147