س10: ظهور مصطلح (الديمقراطيّة اللّيبراليّة) رغم وجود فرق بسيط بينهما إلّا أنّهما يلتقيان في ميدانٍ واحدٍ، والفرق هو: أنّ الديمقراطيّة: تعني حكم الأغلبيّة حتّى لو هددّت مصالح الأقليّة!
أمّا اللّيبراليّة: فهي تعني التركيز على الحرّيّة الفرديّة وحماية حقوق الأقليّات في أيّ مجتمع وعلى هذا الأساس نشأ النظام السيّاسيّ الشائع الآن في معظم الدول الغربيّة والذي أسموه: (الديمقراطية اللّيبراليّة) وهي ببساطة: {ديمقراطيّة ولكن بمبادئ ليبراليّة دستوريّة}. تحفظ وتحمي حقوق الأقليّات حتّى لو رفضتها الأغلبيّة وعليه، فإنّ اللّيبراليّة لا تعترف بوجود مرجعيّة لها (كُتّاب أو فلاسفة)، لأنّها لو قدّست أحد رموزها لخرجت عن مبدأها الأساس وهو حرّيّة الفرد في الاختيار، وبالتالي فكلُّ ليبراليّ هو مرجع ذاته.
فما رأيكم بهكذا طرح؟
الجواب::
الليبرالية في الدلالة المفهومية الحديثة لا تهتم بالحرية بوصفها حقاً طبيعياً للإنسان وإنما تهتم بحرية الفرد بوصفه مالكاً، فتحول الإنسان من كونه إنسان عاقل إلى كونه إنسان اقتصادي، وبذلك تكون الليبرالية قد اختزلت الحرية الحرية لغـة:
قال ابن فارس: (الحاء والراء في المضاعف له أصلان: فالأول: ما خالف العبوديـة، وبرئ من العيب والنقص... والثاني: خلاف البرد)(1) .
الحرية: الخلوص من الشوائب أو الرق أو اللؤم، وكون الشعب أو الرجل حُرًّا (2).
قال الطاهر بن عاشور: (جاء لفظ الحرية في كلام العرب مطلقا على معنيين، أحدهما ناشئ عن الآخر.
المعنى الأول: ضد العبودية. وهي أن يكون تصرّف الشخص العاقل في شؤونه بالأصالة تصرفا غير متوقف على رضا أحد آخر...
المعنى الثاني: ناشئ عن الأول بطريقة المجاز في الاستعمال، وهو تمكن الشخص من التصرف في نفسه وشؤونه كما يشاء دون معارض)(3).
المزيدإلى مجرد دال على حرية القوة الاقتصادية، يقول الطيب بوعزة في كتابه نقد الليبرالية: (وبذلك يصح القول إن الليبرالية، بدءاً من القرن التاسع عشر وإلى اللحظة الراهنة؛ ليست دعوة إلى حرية الفرد بوصفه كائناً إنسانياً، بل هي دعوة إلى حرية الفرد بوصفه مالكاً اقتصادياً لأدوات الإنتاج، .. ومن ثم ينبغي إعادة النظر المذهب الليبرالي والاحتراس من الوقوع في شرك لغته الدعائية التي تسوقه بوصفه مذهب الحرية؛ لأنه في حقيقته مجرد أيدلوجية تتقصد تحرير القوة الاقتصادية، وبالتالي هي تنتهي إلى تأسيس الاستبداد الرأس مالي)
والعجيب أن الدمقراطية في ظل الليبرالية أصبحت منتجاً اقتصادياً يتم صناعتها وإنتاجها بالشكل الذي يخدم الشركات الكبيرة واللوبيات الصناعية، بل حتى رأي الأغلبية يمكن صناعته عبر المؤسسات الإعلامية الضخمة، وفي ظني أن الانحراف الذي تشهده البشرية في مسارها الحضاري، والتمايز الكبير بين الشعوب والمجتمعات وغير ذلك من الامراض التي تصيب علمنا اليوم تعد نتاجاً طبيعياً للثقافة الليبرالية التي عملت على زعزعة القيم الأخلاقية وهيمنة النفعية الأنانية.
ومن هنا قد تكون الدمقراطيات الغربية ذات مظهر جاذب للإنسان الذي يعيش في العالم الثالث، إلا أنه مظهر يحتوي على كثير من الغموض حول قيمة الإنسان بعيداً عن المعيار الإنتاجي والاقتصادي، وما يجب أن نطمح إليه كمسلمين هو الارتقاء بالإنسان حضارياً ليس في البعد المادي فقط وإنما في البعد القيمي والأخلاقي لأنه الضمان لإنسانية الإنسان وكرامته.
ويبدو أن ما يحتاجه علمنا الإسلامي هو بعث روح القيم الإسلامية من جديد، والعمل على تجسيدها سياسياً واجتماعياً فهي الكفيلة بحفظ حق الجميع حاكماً أو محكوماً سوى كانوا يمثلون الأكثرية أم الأقلية، وذلك لكون الإسلام الإسلام لغة:
للإسلام في اللغة عدة معانٍ منها:
1ـ اعتناق الدين الإسلامي والدخول فيه.
2ـ الانقياد والطاعة.
3ـ الصلح والسلام.
المزيديهتم بالإنسان بوصفه كائن أراد الله أن يكون له قيمة وكرامة، قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (70 الاسراء). أما الإنسان المادي والنفعي لا يمكن أن تفيده الدمقراطية كما ما لا يمكن أن ينتفع من الحرية، ومن هنا يهتم الإسلام الإسلام لغة:
للإسلام في اللغة عدة معانٍ منها:
1ـ اعتناق الدين الإسلامي والدخول فيه.
2ـ الانقياد والطاعة.
3ـ الصلح والسلام.
المزيدببناء الإنسان أولاً ومن ثم بناء الأمة.