(2)يقول الملحدون: ألا تغنينا روعة الجسد وجماله عن الحاجة إلى الاعتقاد بأنّ هنالك روحاً تعيش فيه، خاصّة وأنّ الروح أمر ثابت؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قبل أن نعلق على هذا الكلام لابد من توضيح معنى الروح التي ندافع عن وجودها، وهي الروح العاقلة التي خص بها الله الإنسان، وهي التي تسمو بالإنسان بعيداً عن عالم الحيوان، فالإيمان بالله وبالقيم والفضائل من مختصات الإنسان دون غيره من الكائنات وذلك لوجود تلك الروح التي تجعله يعشق الكمال، واعتماداً على هذا التعريف سنبين ضرورة الايمان إيمان:
إيمان لغةً:
الإيمان: إفعال من الأمن ضد الخوف(1)، كما في قوله تعالى: ((وإذ جعلنا البيت مثابةً للناسِ وأمناً))(2)، ومنه الآمِن، أي الذي لا يخاف من شيء كما في قوله تعالى: ((أفمن يُلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة))(3)، وقوله: ((ادخلوها بسلامٍ آمنين))(4)، أي غير خائفين، ومنه الأمين الذي لا يُخاف خيانته.
إيمان اصطلاحاً:
للإيمان اطلاقان هما:
الأول: وهو الاعتقاد الخاص بالله تعالى وبرسله وبما جاؤوا به، وهو بهذا المعنى يختلف عن الإسلام الإسلام لغة:
للإسلام في اللغة عدة معانٍ منها:
1ـ اعتناق الدين الإسلامي والدخول فيه.
2ـ الانقياد والطاعة.
3ـ الصلح والسلام.
المزيدالذي هو إقرار بالشهادتين باللسان.
قال السيد المرتضى: (اعلم أن الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا اعتبار بما يجري على اللسان، فمن كان عارفاً بالله تعالى وبكل ما أوجب معرفته، مقراً بذلك مصدقاً، فهو مؤمن. والكفر نقيض ذلك، وهو الجحود في القلب دون اللسان لما أوجب الله تعالى المعرفة به)(5).
الثاني: الاعتقاد إضافة إلى ما تقدم بإمامة أهل البيت عليهم السلام، وذلك أن مما جاء به النبي (ص) إمامة الأئمة الاثني عشر من بعده، فيجب الاعتقاد بهم وبإمامتهم ايضاً(6)، ويعبر عنه بالإيمان بالمعنى الأخص المقابل للإيمان بالمعنى الأعم؛ لخلوه عن الاعتقاد، فهو داخل في اصطلاح الإمامية بلا شك ولا شبهة.
_____________________________
(1) العين، ج8، ص388، الصحاح، ج5، ص2071، المفردات، ص90.
(2) سورة البقرة، الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1).
وقال ابن منظور: الآية: (سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن))(2).
إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3).
المزيد(125).
(3) سورة فصلت، الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1).
وقال ابن منظور: الآية: (سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن))(2).
إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3).
المزيد(40).
(4) سورة الحجر، الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1).
وقال ابن منظور: الآية: (سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن))(2).
إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3).
المزيد(46).
(5) التبيان، ج2، ص81، الاقتصاد، ص227.
(6) البحار، ج69، ص36.
المزيدبوجود الروح ضمن النقاط التالية، وقد راعينا فيها عقلية السائل فجاءت النقاط منسجمة مع طريقة تفكيره.
أولاً: يصح هذا الكلام إذا كان الاعتقاد بوجود الروح يتنافى مع الإحساس بالجسد، أما إذا كان الاحساس بالجسد يتكامل مع الإحساس بالروح فحينها لا وجود للتعارض فلسنا مضطرين حينها للترجيح بينهما.
ثانياً: الإحساس بالجسد لا يكون دون الإحساس بالروح، فالميت والنائم والمغمى عليه لا يحس بروعة الجسد حتى لو كان جسده موجوداً، الامر الذي يجعل العقل مضطراً للبحث عن شيء أخر مكمل لهذا الجسد، فإذا لم يكن هذا الشيء الآخر هو الروح فما عساه أن يكون في نظر الملحدين؟
ثالثاً: مجرد الكلام عن الإحساس والشعور بالروعة هو كلام عن الروح دون الجسد؛ لأن الإحساس ليس أمراً مادياً ملموساً وإنما حيقه لها علاقة بعالم المعنى، فالذي يرفض الروح لأنها غير ملموسة أولى به أن يرفض هذا الإحساس لأنه غير ملموس أيضاً، وإن كان يكفي الشعور بهذا الإحساس فإن الإحساس بالروح يكون كافياً أيضاً.
رابعاً: الإحساس بالروح يخدم الإحساس بالجسد لأن الروح هي التي تهذب الجسد وترشده لما فيه صلاحه، فكلما كانت الروح نقية كلما كان الجسد نقياً، وكلما كانت الروح منحطة ينحط معها الجسد، مثال لذلك المدمنين على المخدرات يهلكون أجسادهم لأن أرواحهم متهالكة.
خامساً: الاهتمام بالجسد دون الالتفات للروح يعني الاهتمام بالغرائز الحيوانية، وحينها يصبح الإنسان مجرد حيوان يتلخص اهتمامه في الاكل والشرب والجنس، أما الروح وما تحمله من تطلع للكمال نجدها تضحي بكل ذلك من أجل الحفاظ على القيم والمثل. فحالة التسامي والتجرد التي نجدها عند الإنسان لهي خير دليل على وجود هذه الروح.
سادساً: لا تعيش الروح في الجسد وإنما الجسد هو الذي يعيش بتلك الروح، واللحظة التي تقادر فيها الروح الجسد تتبخر روعة ذلك الجسد، فيسعى الجميع للتخلص منه بدفنه في التراب أو حرقه بالنار كما في بعض الأعراف.
سابعاً: هل حقيقة الإنسان ومعناه في جسده أم في روحه التي يحملها؟ وقد اتفق البشر جميعاً على أن حقيقة الإنسان وجوهره تكمن في روحه التي يحملها، وبالتالي لا يمكن للإنسان أن يكتفي بروعة جسده في الوقت الذي لا يعيره الاخرين اهتماماً.
هناك عبارة غير واضحة في كلامه وهي قوله (خاصّة وأنّ الروح أمر ثابت) فماذا يقصد بثبات الروح؟ هل يقصد بكونها ثابتة بمعنى أنها موجودة بالفعل؟ أم أنه يقصد بانها ثابتة بمعنى أنها غير متطورة؟ وبكلى المعنيين لا محصل من هذه العبارة، فإن كان يقصد المعنى الأولى فلا داعي لسؤاله من الأساس، فلو كانت موجودة فلماذا لا نؤمن بحقيقة موجودة بالفعل؟ وإن كان يقصد بأنها غير متطورة فقد خالف بذلك بديهيات ما يحس به الإنسان، فالروح هي التي تطلع دائماً إلى الجديد، وحب الإنسان في التغيير والتطور إنما نابع من كونه كائن له روح وليس لكونه كائن له جسد.
وفي الختام إذا كانت الروح في نظر المؤمن بها تقوم بهذه الأدوار المميزة فلماذا هذا العداء لوجودها من قبل الملحدين؟، ألا يكفي هذه التصور الإيجابي للروح بأن نحترم من يقول بوجودها؟