هل الاسلام يقيد المرأة ولا يعطيها حريتها؟

نحنُ لا نريدُ سوى الحرية ونطالبُ بحرية المرأة وأقربُ مثال على ذلك هو أنّنا لو تركنا المرأة وحالها لألقت بحجابها وبكلّ ما يقيد حريتها وهذا يعني أنها ترتدي الحجاب خوفاً، ومن هنا ننطلق للمطالبة بحريتها كإنسان له حقّ الحياة حالهُ حالُ جميع الأجناس.

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

الحريّةُ قيمةٌ أساسيّةٌ لا يستغني عنها الإنسانُ على مستوى الفردِ أو الجماعةِ، والإنسانُ الحرُّ هوَ الإنسانُ المبدعُ الذي يُسخّرُ كلَّ إمكاناتِه من أجلِ حياةٍ أفضل؛ لأنَّ الإحساسَ بالكرامةِ والشّعورَ بالكينونةِ هوَ الذي يحفّزُ الإنسانَ ويدفعُه نحوَ المبادرةِ والعملِ، أمّا الإكراهُ ومصادرةُ الإرادةِ ووضعُ الحواجزِ والعراقيلِ هو الذي يجعلُ الفردَ مُحبَطاً والمجتمعَ متخلّفاً، فالفكرُ لا ينمو إلّا بالحريّةِ والمُجتمعاتُ لا تتقدّمُ إلّا في ظلِّ الثقافاتِ المُنفتحةِ على الخياراتِ المُتعدّدةِ، وبكلمةٍ مُختصرةٍ الحريّةُ هي الرّوحُ التي إذا سرَت في جسدِ الأمّةِ زادَتهُ عنفواناً وتحدّياً، بالتّالي الحريّةُ التي يجبُ أن نطالبَ بها ونسعى لتحقيقِها هي التي تحقّقُ التنميةَ والعدالةَ والتّساوي في الفرصِ والمساواةَ في الحقوقِ، أمّا الفهمُ المُشوّهُ للحريّةِ والثقافةِ السّالبةِ التي ينادي بها بعضُ مدّعي الحداثةِ الغربيةِ ليسَت إلّا هوامشَ شغلتنا عن المعاني الحقيقيّةِ للحريّةِ، ففي الوقتِ الذي تعيشُ فيه مجتمعاتُنا تخلّفاً علميّاً وثقافيّاً ويكتمُ على أنفاسَها أنظمةٌ شموليّةٌ ورجعيّةٌ يفتحُ هؤلاءِ المُدّعونَ نقاشاً بيزنطيّاً حولَ حقِّ المرأةِ في نزعِ حجابِها، وكأنَّ مُشكلةَ تخلّفِنا هوَ هذا الخمارُ الذي تضعُه المرأةُ على رأسِها.  

 

مِن هُنا يجبُ علينا إعادةُ التّفكيرِ في أولويّاتِنا والبحثُ عميقاً في جذورِ تخلّفنا، وبدلَ أن نبحثَ في فضلاتِ الثقافةِ الغربيّةِ يجبُ علينا أن نكتشفَ الكنزَ الذي بينَ أيدينا، فكلُّ قيمِ التقدّمِ والنهوضِ موجودةٌ في القرآنِ الذي أهمَلنا العملَ بهِ وجعلناهُ وراءَ ظهورنا، فهوَ الكتابُ الذي جعلَ العلمَ والعقلَ قيمةً وشجّعَ على العملِ وحفّزَ على التغييرِ وجعلَ ثوابَ الإنسانِ مقروناً بتطوّرِه كما يقولُ الإمامُ الصّادق (ع) (.. مَن لم يكُن في زيادةٍ فهوَ في نقصانٍ ومَن كانَ في نقصانٍ فالموتُ أولى له).  

 

أمّا قوله (لو تركنا المرأةَ وحالَها لألقَت بحجابِها..) فهوَ قولٌ ساذجٌ وتفكيرٌ أخرق، فحتّى لو كانَ ذلكَ صحيحاً إلّا أنّهُ لا يعبّرُ عَن حريّةٍ فطريّةٍ وإنّما يعبّرُ عنِ الخلفيّةِ الثقافيّةِ للمُجتمعاتِ لكونِها هيَ التي تحدّدُ للمرأةِ خياراتِها، وبالتّالي قرارُ نزعِ الحجابِ أو لبسُه تابعٌ لثقافةِ المُجتمعِ ولا علاقةَ لهُ بالممارسةِ الفطريّة وردودِ الفعلِ الطبيعيّة، فالمرأةُ التي تعي معنى الحجابَ لن تنزعَه حتّى لو قُدّمَت لها المغرياتُ بعكسِ التي تعيشُ واقعاً ثقافيّاً بعيداً عن قيمةِ الحجابِ وأهميّتِه في الإرتقاءِ بالمجتمعِ إلى مستوى الطهارةِ والعفّة. ومِن ثمَّ لماذا لا تكونُ المرأةُ حرّةً إلّا إذا نزعَت خمارَها في حينِ تكونُ حرّةً إذا نزعَت كلَّ ثيابِها؟ فإذا كانَ منعُ المرأةِ منَ السّيرِ عاريةً في الشّوارعِ يخالفُ حريّتَها كذلكَ منع وضعها الخمارَ يخالفُ ذلك.   

 

أمّا تلميحُه حولَ إنسانيّةِ المرأةِ فهوَ كلامٌ أجوف لأنّهُ لا يرى في المرأةِ إنساناً إلّا إذا تعرَّت وبالتّالي هوَ يبحثُ عن جسدِها ولا يبحثُ عن قيمتِها.