هل تعتبر حالة وفاةَ الشخص وهو يصلّي تزكيةً للشخصِ وعلواً لقدرِه عندَ الباري؟

نشاهدُ في كثيرٍ منَ الأحيانِ وفاةَ أشخاصٍ وهم يصلّونَ وكذلكَ أيضاً نشاهدُ في بعضِ الأحيانِ أشخاصاً متوفّينَ يقومُ أهلهم بنقلِ جثمانِهم مِن قبرٍ إلى قبرٍ ويجدونَ الجثّةَ سليمةً لم تتفسّخ على الرغمِ مِن مرورِ وقتٍ طويلٍ عليها. هل هاتانِ الحالتانِ تُعتبرانِ تزكيةً للشخصِ وعلواً لقدرِه عندَ الباري عزّ وجلّ نرجو منكم بيانَ رأيّ الدينِ الحنيفِ والعلماء.

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،: منَ المؤكّدِ أنَّ استقامةَ الإنسانِ على الصّراطِ المُستقيمِ عقائديّاً وسلوكيّاً هيَ الطريقُ الوحيدُ لكسبِ رِضا اللهِ والفوزِ بجنّتِه، فالإنسانُ مسؤولٌ عن كلِّ أعمالِه إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر، واللهُ وحدُه هو العالمُ بحالِ عبادِه ولا يمكنُ تزكيتُه ما لم يأتِ نصٌّ بخصوصِه، ولذا عندَما نصلّي على جنازةِ المؤمنِ نحتسبُه مؤمناً ولا نزكّي على اللهِ أحداً، فنقولُ في حقّه: (اللهمَّ إنّ هذا المُسجّى قدّامنا عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك نزلَ بكَ وأنتَ خيرُ منزولٍ به، اللهمّ إنّكَ قبضتَ روحَه إليكَ وقد احتاجَ إلى رحمتِك وأنتَ غنيٌّ عن عذابِه، اللهمَّ إنّا لا نعلمُ منهُ إلّا خيراً وأنتَ أعلمُ به منّا، اللهمّ إن كانَ مُحسِناً فزِد في إحسانِه وإن كانَ مُسيئاً فتجاوَز عن سيّئاتِه واغفِر لنا وله، اللهمَّ احشُره معَ مَن يتولّاهُ ويحبُّه وأبعِده ممَّن يتبرّأ منهُ ويبغضُه، اللهمَّ ألحِقه بنبيّك وعرِّف بينَه وبينَه وارحَمنا إذا توفّيتَنا يا إلهَ العالمين، اللهمّ اكتُبه عندكَ في أعلى عليّينَ واخلُف على عقبِه في الغابرينَ واجعلهُ مِن رُفقاءِ محمّدٍ وآلهِ الطاهرينَ وارحَمه وإيّانا برحمتِك يا أرحمَ الراحمين)، فما نشهدُ به هوَ ظاهرُ عملِه ولا يمكنُ الجزمُ بحقيقةِ أمرِه، وعليه لم نقِف على رواياتٍ تؤكّدُ أنَّ بعضَ العلاماتِ إذا حصلَت للميّتِ جزمنا بتزكيةِ اللهِ له. وقد أشارَت الرواياتُ إلى بعضِ الأعمالِ التي إذا التزمَ بها الإنسانُ حفظَ اللهُ جسدَه في القبرِ مثلَ المداومةِ على غُسلِ الجُمعة، إلّا أنَّ ذلكَ قد يحصلُ للمؤمنِ الموالي لأهلِ البيتِ (عليهم السلام) وقد يحصلُ لغيرِهم منَ المُخالفين، وعليهِ فعدمُ تفسّخِ الجثمانِ في القبرِ ليسَ كافياً للجزمِ برضا اللهِ دونَ النظرِ إلى عقيدتِه وتمامِ سيرتِه وعملِه، فالأصلُ في كلِّ ميّتٍ هوَ تحلّلُ جُثمانِه سواءٌ كانَ مؤمِناً او غيرَ ذلك، وعلى هذا لا يمكنُ الحُكمُ على مَن تحلّلَ جُثمانُه بأنّه ليسَ مرضيّاً عندَ الله، كما لا يمكنُ الحُكمُ على مَن لم يتحلّل جُثمانُه بأنّه مِن أهلِ الرضوان. وهكذا الحالُ بالنسبةِ لمَن يموتُ وهوَ في حالِ الصلاةِ، فلا يمكنُ الجزمُ بأنَّ ذلكَ دليلٌ على أنّهُ مِن أهلِ الجنّة، فالإنسانُ ليسَ مسؤولاً عن صلاتِه فحسب وإنّما مسؤولٌ عن جميعِ ما كُلّف به، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ (عليهِ السلام) قالَ: (إنّ أوّلَ ما يُسألُ عنهُ العبدُ إذا وقفَ بينَ يدي اللهِ جلّ جلالهُ عن الصّلواتِ المفروضاتِ وعن الزكاةِ المفروضةِ وعن الصّيامِ المفروضِ وعن الحجِّ المفروضِ وعن ولايتِنا أهلِ البيت، فإن أقرَّ بولايتِنا ثمَّ ماتَ عليها قُبلَت منهُ صلاتُه وصومُه وزكاتُه وحجّه، وإن لم يُقرَّ بولايتِنا بينَ يدي اللهِ جلَّ جلالُه لم يقبَل اللهُ عزّ وجلّ منهُ شيئاً مِن أعماله)، وممّا لا شكَّ فيهِ أنَّ هناكَ فضيلةً لم تختِم أعمالَه بالصلاةِ إلّا أنَّ ذلكَ يجبُ أن يكونَ مرهوناً بسلامةِ عقيدتِه وسلامةِ مسيرتِه في الحياة، فمثلاً هناكَ الكثيرُ منَ القصصِ المنشورةِ في مواقعِ الانترنت لمَن توفّى وهوَ في صلاةِ التراويحِ، فهل يمكنُنا الحكمُ على صلاحِهم ونحنُ نعلمُ بكونِها بدعةً؟ وفي المقابلِ هناكَ الكثيرُ منَ العلماءِ والصالحينَ والمؤمنينَ الذينَ كانَت أعمارُهم كلّها في عبادةِ اللهِ وطاعتِه إلّا أنّهم لم يموتوا في حالةِ الصّلاة، فهل يُعدُّ هذا دليلاً على عدمِ تزكيةِ اللهِ لهم؟