العالم الألماني كريستوف لكسنبرغ (المحصنات العاقلات) أنسب من الغافلات.

ادم / : من أدلة تحريف كلمات في القرآن أثناء التنقيط غيرت في معانيه يقدمه العالم الألمانى كريستوف لكسنبرغ عالم اللغات السامية القديمة وهو من سورة النور ورقم ٢٣ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) ونظريته كلمة الغافلات لا تناسب النص وتفقده معناه لأن المحصنات المؤمنات من المفترض أن تكون شريفات عفيفات وليست غافلات!! وهو واضح انه اثناء التنقيط تم تنقيط هذه الكلمة بشكل خاطئ فهي من المفترض أن تكون (المحصنات العاقلات المؤمنات).

: اللجنة العلمية

الأخ آدم .. قبلَ الإجابة على سؤالك أودُّ تنبيهكَ على أمرين:

الأمر الأوّل: إنّ الله خلقَ الإنسانَ على أحسن تقويم وجهّزهُ بأدواتٍ لكسب المعرفة فجعلَ له السّمعَ والبصرَ وجعلَ له أداةً وقوّةً مهيمنةً على هذه الأدوات وهو العقل وبه يُميّز الإنسانُ الخطأَ من الصّواب إذا أخطأت أو اشتبهتْ هذه الأدوات فكلّ أداةٍ من هذه الأدوات لها وظيفتُها الخاصة ولايُمكنُ أن تتداخلَ الوظائفُ فلا يُمكنُ للبصر أن يسمعَ ولا يمكنُ للسّمع أن يُبصرَ ولا يمكنُ للبصرِ أو السّمع أن يعقلَ فالإنسانُ السّويّ العاقل يتعقّلُ الأمورَ بعقله لا بسمعه ولا ببصره أي (لا يفكّر بعينه ولا بأذنه) لأنّهما ليستا أداتينِ للتفكير.

وكذلك أرادَ الله من الإنسان أن يُفكّر ويتعقّلَ الأمور بنفسه قبلَ الحكم عليها وألّا يُلغي عقلهُ ويجعلَ غيرهُ يُفكّر بالنيابة عنه حتى يكونَ على علم عندما يحكم ولا يكون مجرّدَ أداةٍ للغير يقولُ ما يقولون ويحكمُ ما يحكمون.

الأمرُ الثاني: هل تعلم أنّ كريستوف لوكسنبرغ هو اسمٌ مستعارٌ وأنّ كتابه الذي استخرجت منه هذه الشبهةَ وغيرها ما هو إلاّ كتابُ تناقضاتٍ وفيه كثيرٌ من الاشتباهات بل تعرّضتْ فرضيّات وأطروحات لكسنبرغ لنقدٍ لاذعٍ من قبل العلماء والمتخصّصين. فقد وصفَ ريتشارد كروس لكسنبرغ بأنّ عملهُ يدلّ على جهله بأدبيّات الموضوع وأنّ ما يفعلهُ لكسنبرغ إنّما هو بدافعٍ تبريري مسيحي، كما أنّ فرانسوا دي بلو أشار إلى كمّ الأخطاءِ النحوية الكبير في عمل لكسنبرغ وإلى محدوديّة معرفته باللغة السريانية ووصفَ عملهُ بأنّه عملُ هاو ٍ وليس عملاً علميّاً وهذا أيضاً ما وصفته به البروفسورة باتريشيا كرون. وقد قدّم الدكتور وليد صالح من جامعة تورنتو الكثير من النقاط التي تفنّدُ فرضيّات لكسنبرغ ، وكلّ الإشكالات التي أشكل بها على القرآن ما هي إلاّ مغالطات له فيها مآربُ اخرى.

أمّا بخصوص الآية 23 من سورة النور وهي قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)) ، فإنّ هذه الآية تشيرُ الى قضيّة القذف وإتّهام النّساء العفيفات المؤمنات في شرفهن، وفي تفسير الميزان: في هذه الآية أخذ الصفاتِ الثلاث الإحصان ، والغفلة ، والإيمان للدلالة على عظم المعصيّة فإنّ كلًّا من الإحصان بمعنى العفّة والغفلة والإيمان سبب تامّ في كون الرّمي ظلماً والرامي ظالماً والمرميّة مظلومةٌ فإذا اجتمعتْ كانَ الظلمُ أعظم ثم أعظم، وجزاؤه اللّعنُ في الدنيا والآخرة والعذاب العظيم.

والمرادُ من «الغافلات» أنّهن لا يعلمنَ بما يُنسبُ إليهنّ من بُهتان في الخارج، ولهذا لسنَ في صدد الدفاع عن أنفسهنّ، فلا دخلَ لكلمة العاقلات في الآية ولا موضوعَ لها لا مِن قريب ولا مِن بعيد فلا يشتبه عليكَ الأمر ولا تدع غيرك يُفكّر عنك.