التعايش مع المخالف من ثوابت الدين والمذهب.

باقر الكعبي:  كيف يكون نتعايش مع أهل السنة؟ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  لعن المنافق جائزٌ عقلاً، وتشهد بذلك البديهة، ولكن حصل وصار بعض من نعده منافقاً مقدساً عند طرفٍ آخر، فكيف يكون التعايش؟ أجيب عن هذا السؤال، ولكن أريد معرفة هل إجابتي كما يريد الآل عليهم السلام أم لا، أقول أن التعايش لا يكون بعدم نعلك لتلك الثلة أمامهم فقط، والطرف المقابل حرٌ يترضى عنهم أمامك، كلا، إذا أردنا التعايش فيجب أن لا يترضى أمامك، ولا تنعل أمامه، وهذا هو الحق الذي أراه، فما تقولون؟ لإنهم كما لا يقبلون لعنك، فنحن لا نرضى بترضيهم، وهكذا نكون قد عدلنا.

: اللجنة العلمية

الأخ باقر المحترم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

لا يخلو دين أو مذهب في مجتمع من وجود المخالفين له ، وهذه المسألة لم تكن غائبة عن القرآن الكريم وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل البيت (عليهم السلام) .

فالقرآن الكريم يشرع لنا التعايش السلمي مع الكفار المخالفين لنا في الدين إن لم يكونوا محاربين لنا بأن نعاملهم ببر وإحسان ، يقول تعالى : "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(الممتحنة: 8-9) .

فكما ترى فإن الآية الكريمة قد فرقت بشكل واضح وصريح بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب ، وحثت على البر والإحسان في طرف الكافر غير المحارب ، وهذا أدلّ دليل على التعايش السلمي مع الطرف الآخر المخالف لنا في الدين فضلا عن المخالف في المذهب .

 وحتى نعرف التعايش في أقوال وسيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكفينا أن نعرف كيف أمر المؤمنين به في مكة بالذهاب إلى الحبشة للعيش في ظل ملك مسيحي عادل لا يظلم في ملكه أحد ، وهو ( صلى الله عليه وآله وسلم) كان يلتزم بالمعاهدات التي يعقدها مع أهل الذمة من أهل الكتاب ولا يقبل بنقضها من طرف المسلمين أبدا حتى ورد عنه قوله : ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا).

وعن أئمتنا (عليهم السلام) وردت الكثير من الأحاديث والروايات التي تحث على التعايش السلمي مع المخالفين لنا في المذهب ، بل تحث على التواصل وإشاعة روح السلم والخير معهم ، فقد روى الكليني ( الكافي 2: 636) بسند صحيح عن معاوية بن وهب قال: قلت له ( يقصد الإمام الصادق عليه السلام ) : كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ قال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الأمانة إليهم.انتهى

فالتعايش السلمي مع المخالف ( سواء كان المخالف في الدين أو المذهب ) هو مبدأ أساس من مباديء الدين والمذهب ينبغي على كل مسلم ومؤمن ملاحظته والعمل به وتجنب كل ما يثير الفتنة والضغينة مع الآخرين ، كتعمد لعن رموز المخالف أو شتمهم وسبهم ، وسلوك طريق الحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتي هي أحسن في كلّ المسائل الخلافية التي تطرح بين الفرقاء ، فلا أروع من حوار الأفكار  وتبادل الآراء في ظل التنوع الديني والمذهبي في الحياة .

ودمتم سالمين