تأريخ الإجتِهادُ. 

Ahmed Sheneyen Alrubeye/: السَّلامُ علَيكم، قَرأتُ إحدَى الشُّبُهاتِ حَولَ مَذهبِ الإمامِيةِ وهو: إذا كَانتْ الأحْكامُ الشَّرعِيةُ أصْبحَتْ بعدَ الإمامِ المهْديِّ بيَدِ المجْتهِدينَ، فلِمَاذا لا يَكُون كذلِك بيَدِ المجْتهِدينَ بعدَ وَفاةِ الرسُولِ؟؟

: اللجنة العلمية

  الأخُ أحمدُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبركَاتُه. 

  ومَن قَال لك: إنَّ الصَّحابةَ لم يَجتهِدُوا أيَّامَ رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعدَ وَفاتِه. ها هو ابنُ القَيِّمِ الجَوزيِة يُفرِدُ فَصلاً كَامِلاً في كِتَابِه (أعلَام الموقعِينَ عن ربِّ العَالمِينَ) ج1 ص 155 عن اجْتِهادِ الصَّحابةِ أيَّامَ رسُولِ اللهِ (ص) وبعدَ وَفاتِه. قَال في كِتَابِه المذْكُورِ: 

((فصلٌ: [كانَ أصْحابُ النَّبيِّ يَجتهِدُونَ ويُقِيسُونَ] وقد كانَ أصْحابُ (رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) يَجتهِدُونَ في النَّوازِلِ، ويُقِيسُونَ بَعضَ الأحْكامِ على بَعضٍ، ويَعتبِرُونَ النَّظِيرَ بنَظِيرِه. 

  قَال أسدُ بنُ مُوسى: ثنا شُعْبة عن زبيدِ اليامِي عن طَلحةَ بنِ مصرفٍ عن مرةِ الطِّيبِ عن عليِّ بنِ أبي طَالبٍ (كرم الله وجهه): في الجَنةِ كلُّ قَومٍ على بَيِّنةٍ مِن أمْرِهم ومَصلَحةٍ مِن أنفُسِهم يَزرُونَ على مَن سواهُم، ويُعرَفُ الحقُّ بالمقَايَسةِ عندَ ذوِي الألبَابِ. وقد رَواه الخَطيبُ وغَيرُه مَرفُوعاً، ورَفعُه غَيرُ صَحيحٍ. 

  وقد اجْتهدَ الصَّحابةُ في زَمنِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) في كَثيرٍ منَ الأحْكامِ ولم يَعْنفْهُم، كما أمَرَهم يومَ الأحْزابِ أنْ يُصلُّوا العَصرَ في بنِي قُرَيظةَ، فاجْتهدَ بَعضُهم وصَلَّاها في الطَّريقِ، وقَال: لم يُردِ منا التأخِيرَ، وإنما أرادَ سِرعةَ النُّهوضِ، فَنظرُوا إلى المعْنى، واجْتهدَ آخرُونَ وأخَّرُوها إلى بنِي قُرَيظةَ فَصلَّوْها لَيلاً، فنَظرُوا إلى اللَّفظِ، وهؤلاءِ سلفُ أهلِ الظَّاهرِ، وهؤلاءِ سلفُ أصْحابِ المعَانِي والقِياسِ. 

 ولما كانَ عليٌّ رضي الله تعالى عنه باليَمنِ أتاه ثَلاثةُ نَفرٍ يَختصِمُونَ في غُلامٍ، فَقَال كلٌّ منْهم : هو ابْنِي. فأقرْعَ عليٌّ بَينَهم، فَجَعلَ الوَلدَ للقَارعِ، وجَعلَ عليْه للرَّجُلَينِ ثُلُثَي الدِّيةِ، فَبلغَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ حتى بَدتْ نَواجِذُه من قَضاءِ عليٍّ رضي الله عنه. 

 واجْتهدَ سعدُ بنُ مَعاذٍ في بنِي قُرَيظةَ وحَكمَ فيْهم باجْتِهادِه، فَصوَّبه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وقَال: لقد حَكمتَ فيْهم بحُكمِ اللهِ مِن فَوقِ سَبعِ سَمواتٍ. 

 واجْتهدَ الصَّحابِيانِ اللَّذانِ خَرجا في سَفرٍ، فَحَضرتْ الصَّلاةُ وليس مَعهُما ماءٌ فَصلَّيا، ثم وَجَدا الماءَ في الوَقتِ، فأعادَ أحدُهما ولم يُعِدْ الآخرُ، فَصوَّبَهما، وقَال لِلَّذي لم يُعِدْ: أصبْتَ السُّنةَ، وأجْزأتْكَ صَلاتُك. وقَال لِلآخرِ: لك الأجرُ مرَّتانِ. انتهى.

  ودُمتُم سَالِمينَ.