عُمْرُ الإِمَامِ الثَّانِي عَشَرَ (ع).

جَعْفَرٌ هَادِي: كَيْفَ الإِمَامُ المَهْدِيُّ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ لِحَدِّ الآنَ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ جعفر المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورحة اللهُ وَبَرَكَاتُهُ.

     أَوَّلًا: العَجَبُ كَيْفَ الخِضْرُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى الآنَ لَا يَزَالُ حَيًّا، فَإِنَّ النُّصُوصَ المُعْتَبرَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ عَلَى الأَقَلِّ قَبْلَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَعُمْرُهُ الآنَ تَقْرِيبًا ثَلَاثَةُ أَضْعَافِ عُمْرِ الإِمَامِ الثَّانِي عَشَرَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

      بَلْ العَجَبُ مِنْ وُجُودِ الإهرَامَاتِ الَّتِي عُمْرُهَا مِئَاتُ السِّنِينَ، بَلْ وُجُودُ الشَّجَرَةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِشَجَرَةِ آَدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

     ثَانِيًا: أنَّ مِنْ الثَّابِتِ فِي العِلْمِ الحَدِيثِ أَنَّ الأَعَمَّ الأَغْلَبَ فِي حُصُولِ الوَفِيَّاتِ مَنْشَأُهُ الأَمْرَاضُ وَالمَشَاكِلُ الإِجْتِمَاعِيَّةُ وَعَدَمُ انْتِظَامِ الفَرْدِ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَنَوْمِهِ، وَذَكَرُوا قَدِيمًا وَحَدِيثًا – رَاجِعْ: القَانُونَ فِي الطِّبِّ لِابْنِ سِينَا والحَاوِي للرَّازِي - أَنَّ الإعْتِدَالَ - اعْتِدَالَ الإِنْسَانِ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَانْتِظَامَ سَاعَاتِ نَوْمِهِ - لَهُ الأَثَرُ الكَبِيرُ فِي اسْتِمْرَارِ الإِنْسَانِ أَكْثَرَ وَبَقَائِهِ أَطْوَلَ فِي الوُجُودِ، وَبِلَا شَكَّ أنَّ الإِمَامَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَعْرِفُ كَيْفَ يُنَظِّمُ حَيَاتَهُ، وَالنُّصُوصُ الوَارِدَةُ عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَالأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَنَاوُلِ الغِذَاءِ وَالشَّرَابِ وَكَيْفِيَّةِ سَاعَاتِ النَّوْمِ، تَجِدُ العُجَابَ فِي الدِّقَّةِ فِي بَيَانِ الإعْتِدَالِ فِي حَالَاتِ الإِنْسَانِ، وَرَاجِعْ فِي ذَلِكَ: مَوْسُوعَةَ مِيزَانِ الحِكْمَةِ.

     ثَالِثًا: لَمَّا كَانَ الغَرَضُ مِنْ الإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هِدَايَةَ الأُمَّةِ وَنَشْرَ رَايَةِ العَدْلِ فِي الطُّولِ وَالعَرْضِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِوُجُودِ قَاعِدَةٍ شَعْبِيَّةٍ صَادِقَةٍ فِي مُعْتَقَدِهَا قَوْلًا وَعَمَلًا، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ القَاعِدَةُ مُتَحَقِّقَةً بِالنَّحْوِ المَطْلُوبِ اقْتَضَى هَذَا مِنْ الخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَمُدَّ فِي عُمْرِهِ الشَّرِيفِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ الغَرَضِ المُهِمِّ.

     رَابِعاً: أنَّ مِنْ رَكَائِزِ ظُهُورِ الإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَجُودَ القَاعِدَةِ المُؤْمِنَةِ، وَمِنْ دَوَاعِي ذَلِكَ الإِيمَانِ هُوَ تَمْحِيصُ المُؤْمِنِينَ وَاخْتِبَارُهُمْ، وَمِنْ أَهَمِّ مَوَارِدِ التَّمْحِيصِ طُولُ الغِيَابِ المُسْتَلزِمُ لِطُولِ العُمْرِ.

      وَعَمَلِيَّةُ التَّمْحِيصِ وَالإخْتِبَارِ سُنَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فِي جَمِيعِ المُجْتَمَعَاتِ، فَالجِنْدِيُّ وَالمُهَنْدِسُ وَالطَّبِيبُ وَالطَّيَّارُ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْمِهَنِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالحِرَفِ يُخْضِعُهُمْ المُعَلِّمُ وَالمُدَرِّبُ لِلإخْتِبَارِ لِيَقِفَ عَلَى مُسْتَوَاهُمْ وَمَدَى اسْتِيعَابِهِم لِلمَوَادِّ وَالمَفَاهِيمِ الَّتِي تَلَقَّوْهَا وَتَعَلَّمُوهَا، عَلَى الرُّغْمِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِمُسْتَوَيَاتِ الطُّلَّابِ.

     ودُمتُمْ سَالِمِينَ.