هَلْ كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (رض) تَجْهَلُ إمَامَةَ عَلِيٍّ (ع)؟!!

أُمُّ أَحْمَدَ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.      إِلَى سَمَاحَتِكُمْ الإِسْتِفْسَارُ الآتِي: عَدَمُ مَعْرِفَةِ السَّيِّدَةِ أُمِّ سَلَمَةَ (رَض) النَّصَّ عَلَى إِمَامَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالرُّغْمِ مِنْ قُرْبِهَا مِنْ الرَّسُولِ الأَعْظَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَقُرْبِهَا مِنْ أَهْلِ البَيْتِ النَّبَوِيِّ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.       حَيْثُ يَرِدُ فِي المَصَادِرِ فِي كِتَابِ الإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ مِنْ الحَيْرَةِ ص174 وَكِتَابِ بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ ص163 وَكِتَابِ بِحَارِ الأَنْوَارِ لِلمَجْلِسِيِّ ج40 ص152:      أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) دَفَعَ إِلَيْهَا كِتَابًا، فَقَالَ: مَنْ طَلَبَ هَذَا الكِتَابَ مِنْكِ مِمَّنْ يَقُومُ بَعْدِي فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَتْ قِيَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنَّهُمْ مَا طَلَبُوهُ، ثُمَّ قَالَتْ: فَلَمَّا بُويِعَ عَلِيٌّ نَزَلَ عَنْ المِنْبَرِ وَمَرَّ وَقَالَ لِي: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، هَاتِي الكِتَابَ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْكِ رَسُولُ اللهِ. فَقَالَتْ: أَنْتَ صَاحِبُهُ؟ فَقَال: نَعَمْ. فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، قِيلَ: مَا كَانَ فِي الكِتَابِ؟ قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ دُونَ قِيَامِ السَّاعَةِ.      أَرْجُو مِنْ سَمَاحَتِكُمْ الإِجَابَةَ وَدُمْتُمْ فِي رِعَايَةِ اللهِ وَحِفْظِهِ. 

: اللجنة العلمية

     الأُخْتُ أُمُّ أَحْمَدَ المُحْتَرَمَةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     كَانَتْ السَّيِّدَةُ الجَلِيلَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ (رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا) مِنْ العَارِفِينَ بإِمَامَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) المُبَاشِرَةِ جَيِّدًا، وَأَنَّهُ الخَلِيفَةُ الشَّرْعِيُّ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، وَإِلَيْكِ الدَّلِيلُ مِنْ المَصَادِرِ نَفْسِهَا الَّتِي ذَكَرْتِيهَا.

     رَوَى الصَّفَارُ فِي "بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ": (حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ: أَقْعَدَ رَسُولُ اللهِ عَلِيًّا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي بَيْتِي ثُمَّ دَعَا بِجِلْدِ شَاةٍ فَكَتَبَ فِيهِ حَتَّى مَلَأَ أَكَارِعَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: مَنْ جَاءَكِ مِنْ بَعْدِي بِآيَةِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ. فَأَقَامَتْ أُمُّ سَلَمَةَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ) وَوَلِيَ أَبُو بَكْرٍ أَمْرَ النَّاسِ بَعَثَتْنِي فَقَالَتْ: اذْهَبْ وَانْظُرْ مَا صَنَعَ هَذَا الرَّجُلُ. فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ فِي النَّاسِ حَتَّى خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُهَا فَأَقَامَتْ، حَتَّى إِذَا وَلِيَ عُمَرُ بَعَثَتْنِي فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ صَاحِبُهُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ حَتَّى وَلِيَ عُثْمَانُ فَبَعَثَتْنِي فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ صَاحِبَاهُ فَأَخْبَرْتُهَا، ثُمَّ أَقَامَتْ حَتَّى وَلِيَ عَلِيٌّ فَأَرْسَلَتْنِي فَقَالَتْ: انْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ فِي المَسْجِدِ فَلَمَّا خَطَبَ عَلِيٌّ نَزَلَ فَرَآنِي فِي النَّاسِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَاسْتَأْذِنْ عَلَى أُمِّكَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا وَقُلْتُ: قَالَ لِي: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى أُمِّكَ وَهُوَ خَلْفِي يُرِيدُكِ. قَالَتْ: وَأَنَا وَاللهِ أُرِيدُهُ [وَفِي الإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ: أَنَا وَاللهِ أَدْرِي] فَأَسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهَا: أَعْطِينِي الكِتَابَ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْكِ بِآيَةِ كَذَا وَكَذَا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أُمِّي حَتَّى قَامَتْ إِلَى تَابُوتٍ لَهَا فِي جَوْفِهَا تَابُوتٌ صَغِيرٌ فَاسْتَخْرَجَتْ مِنْ جَوْفِهِ كِتَابًا فَدَفَعَتْهُ إِلَى عَلِيٍّ ثُمَّ قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا بُنَيَّ أَلْزِمْهُ فَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْتُ بَعْدَ نَبِيِّكَ إِمَامًا غَيْرَهُ). انْتَهَى [بَصَائِرُ الدَّرَجَاتِ: 183، وَالإِمَامَةُ وَالتَّبْصِرَةُ:46].

     فَقَوْلُهَا (رَضِيَ اللهُ عَنْهَا): (وَأَنَا وَاللهِ أُرِيدُهُ. وَفِي الإمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ: أَنَا وَاللهِ أَدْرِي)، وَقَوْلُهَا: (يَا بُنَيَّ أَلْزِمْهُ فَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْتُ بَعْدَ نَبِيِّكَ إِمَامًا غَيْرَهُ)، يَدُلُّ دِلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى مَعْرِفَتِهَا بإمَامَتِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) المُبَاشِرَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَنْتَظِرُ الفُرْصَةَ الَّتِي تَرَاهُ فِيهَا يَأْخُذُ مَكَانَهُ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُحْمَلُ بَقِيَّةُ الرِّوَايَاتِ إِنْ كَانَ فِيهَا نَوْعٌ مِنْ الإِجْمَالِ وَالإِبْهَامِ فِي المَوْضُوعِ.

     بَلْ تُوجَدُ عِنْدَنَا رِوَايَاتٌ صَرِيحَةٌ تُفِيدُ بِأَنَّهَا (رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا) تَلَقَّتْ هَذَا الأَمْرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مُبَاشَرَةً، فَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ الصَّدُوقُ فِي "الأَمَالِي" بِسَنَدِهِ عَنْ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ:

     "بَلَغَ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَنَّ مَوْلًى لَهَا يَنْتَقِصُ عَلِيًّا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَيَتَنَاوَلُهُ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا أَنْ صَارَ إِلَيْهَا قَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْتَقِصُ عَلِيًّا (وَتَتَنَاوَلُهُ). فَقَالَ: نَعَمْ يَا أُمَّاهُ، قَالَ: فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: اقْعُدْ ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، ثُمَّ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ.

     إِنَّا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ تِسْعَ نِسْوَةٍ، وَكَانَتْ لَيْلَتِي وَيَوْمِي مِنْ رَسُولِ اللهِ، فَأَتَيْتُ البَابَ فَقُلْتُ: أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: لَا. قَالَتْ: فَكَبَوْتُ كَبْوَةً شَدِيدَةً مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ رَدَّنِي مِنْ سَخَطِهِ أَوْ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَتَيْتُ البَابَ ثَانِيَةً! فَقُلْتُ: أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَا، فَكَبَوْتُ كَبْوَةً أَشَدَّ مِنْ الأُولَى، ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ حَتَّى أَتَيْتُ البَابَ فِي ثَالِثَةٍ، فَقُلْتُ: أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: ادْخُلِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ.

     فَدَخَلْتُ وَعَلِيٌّ جَاثٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا فَمَاذَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: آمُرُكَ بِالصَّبْرِ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ القَوْلَ ثَانِيَةً فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ القَوْلَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ يَا أَخِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَسَلْ سَيْفَكَ وَضَعْهُ عَلَى عَاتِقِكَ وَاضْرِبْ بِهِ قُدُمًا حَتَّى تَلْقَانِي وَسَيْفُكَ شَاهِرٌ يَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ.

     ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ وَقَالَ لِي :مَا هَذِهِ الكَآبَةُ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ: الَّذِي كَانَ مِنْ رَدِّكَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ.

     فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَدَدْتُكِ مِنْ مُوجِدَةٍ وَأَنَّكِ لَعَلَى خَيْرٍ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ أَتَيْتِنِي وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِي، وَعَلِيٌّ عَنْ يَسَارِي، وَجَبْرَئِيلُ يُحَدِّثُنِي بِالأَحْدَاثِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ بَعْدِي وَأَمَرَنِي أَنْ أُوصِيَ بِذَلِكَ عَلِيًّا، يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَأَخِي فِي الآخِرَةِ، (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! اسْمَعِي وَاشْهَدِي، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزِيرِي فِي الدُّنْيَا وَوَزِيرِي فِي الآخِرَةِ)، يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَامِلُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا وَحَامِلُ لِوَائِي غَدًا فِي الآخِرَةِ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّي، وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي، وَقَاضِي عِدَاتِي، وَالذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي، يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ المُسْلِمِينَ، وَإِمَامُ المُتَّقِينَ، وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، وَقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ.

     قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ النَّاكِثِينَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُبَايِعُونَهُ بِالمَدِينَةِ وَيَنْكُثُونَ بِالبَصْرَةِ. قُلْتُ: مَنْ القَاسِطِينَ؟ قَالَ: مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. قُلْتُ: وَمَنْ المَارِقِينَ؟ قَالَ: أَصْحَابُ النَّهْرَوَانِ. فَقَالَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ: فَرَّجْتِ عَنِّي فَرَّجَ اللهُ عَنْكِ، وَاللهِ لَا سَبَبْتُ عَلِيًّا أَبَدًا". [الأَمَالِي - لِلصَّدُوقِ -: 463].

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.