آيَةُ ذَوِي القُرْبَى.

أحمد/:       آيات في أهل البيت ..  آية ذوي القربى  وآية ذوي القربى هي قول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يقول للناس { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [8], ويقولون القربى هنا علي وفاطمة والحسن والحسين ... 

: اللجنة العلمية

     السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

     (أَوَّلَا): اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الآيَةِ (إلَّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) عَلَى أَقْوَالٍ:

     (1) - مَعْنَاهُ أَلَّا تُؤْذُونِي فِي نَفْسِي لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ، وَهَذَا لِقُرَيْشٍ خَاصَّةً.

      قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو مَالِكٍ.

     (2) - مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ تُوَدُّوا قَرَابَتَي.

      قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَسَعِيدٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، والسدي.

     (3) - مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ تُوَادُّونِي وَتُؤَازِرُونِي كَمَا تُوَادُّونَ وَتُؤَازِرُونَ قَرَابَتَكُمْ.

     قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.

     (4) - مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ تَتَوَدَّدُوا وَتَتَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ بِالطَّاعَةِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ.

     قَالَهُ الحَسَنُ البَصَرِيُّ، وَقَتَادَةُ.

     (5) - مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ تُوَدُّوا قَرَابَتَكُمْ وَتَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ.

     قَالَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ القَاسِمِ [النُّكَتُ وَالعُيُونُ ج5ص201].

    (قُلْتُ): وَجُمْهُورُ الطَّائِفَةِ الإمَامِيَّةِ الحَقَّةِ تَبَعًا لِأَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) اخْتَارُوا القَوْلَ الثَّانِي (إِلَّا أَنْ تُوَدُّوا قَرَابَتَي) أَيْ أَهْلُ بَيْتِي.

     (ثَانِيًا): السَّائِلُ وَتَبَعًا لِابْنِ تَيْمِيَّةَ اخْتَارَ القَوْلَ بِأنَّ مَعْنَاهُ أَلَّا تُؤْذُونِي فِي نَفْسِيِ لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ، وَهَذَا لِقُرَيْشٍ خَاصَّةً.

     قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَعْنَاهَا: لَا أسْأَلُكُمْ يَا مَعْشَرَ العَرَبِ، وَيَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ أَجْرًا، لَكِنْ أَسَالُكُمْ أَنْ تَصِلُوا القَرَابَةَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [مِنْهَاجُ السُّنَّةِ ج7ص100].

     وَالحُجَّةُ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.. فَقَالَ: إلَّا أنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ قَرَابَةٍ. الَّذِي صَالَ وَجَالَ مُتَّهِمًا الأنْطَاكِي بِهِ. 

     (1) - الحَدِيثُ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، مُسَلْسَلٌ بِالعِلَلِ:

*    مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر غندر: رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: يَكْتُبُ حَدِيثَهُ عَنْ غَيْرِ شُعْبَةَ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ [مُقَدِّمَةُ فَتْحِ البَارِي ص437].

    * مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: ضَعَّفَهُ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الفلاس وَكَذَّبَهُ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ معِينٍ يَسْتَضْعِفُهُ [مُقَدِّمَةُ فَتْحِ البَارِي ص437، والقَوَارِيرِي لَا يَرْضَاهُ [ مِيزَانُ الإعْتِدَالِ ج6ص79].

     (2) - الحَدِيثُ لَهُ مَعَارِضٌ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى); قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمِنْ قَرَابَتِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ؟ قَالَ: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَابْنَاهُمَا [أَخْرَجَهُ الطَّبرَانيُّ (1 / 124 / 2 (والقَطِيعِي فِي زِيَادَاتِهِ عَلَى "الفَضَائِلِ" (2 / 669)]. 

     وَهَذَا الحَدِيثُ يُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والسدي وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ.

     قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالحَاصِلُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ كَعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ والسدي وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُمْ حَمَلُوا الآيَةَ عَلَى أَمْرِ المُخَاطِبِينَ بِأَنْ يُوَادِدُوا أَقَارِبَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) [فَتْحُ البَارِي في شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِيِّ ج 8 ص564].

     وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ النَّيسَابُورِي أَنَّ البُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا قَدْ اتَّفَقَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ ميسرة الزراد عَنْ طاوس عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فِي قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهَ عَلَيْهِ وَآلِهِ) [المُسْتَدرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ج2ص481 تَعْلِيقُ الذَّهَبِيِّ فِي التَّلْخِيصِ: صَحِيحٌ]. 

     (ثَالِثًا): قَوْلُكَ: (فَالنَّبِيُّ لَا يَسْأَلُ أَجَرًا...)؟

     (قُلْتُ): لَوْ رَجَعْنَا لِسَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ يَتَّضِحُ جَلَيًّا أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) إِنَّمَا الَّذِي سَأَلَهُ الأَجْرَ هُمْ الْأَنْصَارُ [أَسْبَابُ النُّزُولِ للوَاحِدِي ج1ص251].

     فَكَانَ جَوَابُ اللهِ جَلَّ اسْمُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: (لَا أَسَالُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا أَلَا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) أَيْ هُنَا الإسْتِثْنَاءُ بِ (إِلَّا) مُنْقَطِعٌ [اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ: وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ المُسْتَثْنَى لَيْسَ جِنْسَ المُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَقَوْلِهِمْ: (قَامَ القَوْمُ إِلَّا حِمَارًا)، فَإِنَّ الحِمَارَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ القَوْمِ].

     وَبِهِ يَثْبُتُ أَنَّ مَوَدَّةَ القُرْبَى لَيْسَتْ أُجْرًا، بَلْ هِيَ تَكْلِيفٌ يُرَادُ حَثُّ الأُمَّةِ عَلَى الإلْتِزَامِ بِهِ. وَهَذَا مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عُلُومِ البَلَاغَةِ بِ (المُشَاكَلَة)، وَيُمَثِّلُونَ لَهُ بِرَجُلٍ جَاءَ إِلَى قَوْمٍ فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا تُرِيدُ أَنْ نَطْبَخَ لَكَ مِنْ الطَّعَامِ؟ وَهُوَ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَهُمْ إِلَى أَنْ يُحْسِنُوا إِلَيْهِ بِمَا هُوَ مُحْتَاجٌ لَهُ مِمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَقَالَ لَهُمْ: اطْبَخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا، أَيْ خَيِّطُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا.

     قَالَ الشَّاعِرُ: قَالُوا اقْتَرِحْ شَيْئًا نُجِدْ لَكَ طَبْخَهُ ** قَالَ: اطْبَخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا. وَهُنَا فَإِنَّ مَوَدَّةَ قَرَابَةِ النَّبِيِّ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ لَيْسَتْ أَجْرًا لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ.

      (رَابِعًا): قَوْلُكَ: (لَوْ كَانَ يُرِيدُ أَجْرًا لِقَرَابَتِهِ كَانَ يَقُولُ: (لِذِي قُرْبِي.)! أَجَابَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالمُرَادُ فِي أَهْلِ القُرْبَى، وَعَبَّرَ بِلَفْظِ (فِي) دُونَ اللَّامِ، كَأَنَّهُ جَعَلَهُمْ مَكَانًا لِلمَوَدَّةِ وَمَقَرًّا لَهَا، كَمَا يُقَالُ: لِي فِي آلِ فُلَانٍ هَوًى. أَيْ هُمْ مَكَانُ هَوَاي [فَتْحُ البَارِي ج8ص565].

      (خَامِسًا): فَإنْ قُلْتَ: (إنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَعَلِيٌّ صَغِيرُ السِّنِّ، وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ غَيْرُ مَوْجُودَيْنِ؟

      (قُلْتُ): لَا يَخْفَى أنَّ سَبَبَ النُّزُولِ يُحَدِّدُ مَكِّيَّةَ أَوْ مَدَنِيَّةَ الآيَةِ.

     قَالَ ابْنُ دَقِيق العِيدِ: بَيَانُ سَبَبِ النُّزُولِ طَرِيقٌ قَوِيٌّ فِي فَهْمِ مَعَانِي القُرْآنِ. [الإِتْقَانُ ج1ص190].

     وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَعْرِفَةُ سَبَبِ النُّزُولِ يُعِينُ عَلَى فَهْمِ الآيَةِ. [الإِتْقَانُ ج1ص190].

     وَقَدْ ارْتَكَزَ أَهْلُ الفَنِّ فِي مَعْرِفَةِ المَكِّيِّ وَالمَدَنِيِّ عَلَى رَكِيزَتَيْنِ وَهُمَا: 

     (1) - (السَّماعِيُّ) :يُسْتَنَدُ فِيهِ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابةِ الَّذِينَ عَاصَرُوا الوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُمْ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

     (2) - (القِيَاسِيُّ): يُسْتَنَدُ فِيهِ إِلَى خَصَائِصِ المَكِّيِّ وَالمَدَنِيِّ، فَإِذَا وَرَدَتْ آيَةٌ تَتَضَمَّنُ شَيْئًا مِنْ حَوَادِثِ المَدَنِيِّ قَالُوا: إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَكَذَا العَكْسُ فِي المَكِّيِّ.

     قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي الإنْتِصَارِ: إِنَّمَا يُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ المَكِّيِّ وَالمَدَنِيِّ لِحِفْظِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَكَوْنُهُمَا قَدْ يُعْرَفَانِ بِالقِيَاسِ [رُوحُ المَعَانِي ج13ص167].

     وَآيَةُ المَوَدَّةِ مَدَنِيَّةٌ سَمَاعًا وَقِيَاسًا: فَأَمَّا السَّمَاعُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الخَمِيسَ قَلَّدَ ابْنَ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِي فِي دَعْوَى مَكِّيَّةِ آيَةِ المَوَدَّةِ اعْتِمَادًا عَلَى مَكِّيَّةِ سُورَةِ الشُّورَى.

     قَالَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ فِي سُورَةِ الشُّورَى، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِاِتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ [مِنْهَاجُ السُّنَّةِ ج7ص99]. وَرُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حِينِ قَالُوا لِلنَّبِيِّ: إنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَجْمَعَ لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ): (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: لَوْ جَمَعْنَا لِرَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَالًا فَبَسَطَ يَدَهُ، لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَحَدٌ؟، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَجْمَعَ لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ): (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) [مُعْجَمُ الأَوْسَطِ للطَّبرَانيِّ ج6ص49]. 

      وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: (سَمِعَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شَيْئًا، فَخَطَبَ فَقَالَ لِلأَنْصَارِ: أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّاءَ فَأَعَزَّكُمْ اللهُ بِي، أَلَمْ تَكُونُوا ضَلَالًا فَهْدَاكُمْ اللهُ بِي، أَلَمْ تَكُونُوا خَائِفِينَ فَأَمَّنَكُمْ اللهُ بِي، أَلَا تَرُدُّونَ عَلَيَّ؟ قَالُوا: أَيُّ شَيْءٍ نُجِيبُكَ؟ قَالَ: تَقُولُونَ: أَلَمْ يَطْرُدْكَ قَوْمُكَ فآوَيْنَاكَ؟ أَلَمْ يُكَذِّبْكَ قَوْمُكَ فَصَدَّقْنَاكَ؟ فَعَدَّدَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ، فَقَالُوا: أَمْوَالُنَا وَأَنْفُسُنَا لَكَ، فَنَزَلَتْ: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) [المُعْجَمُ الأَوْسَطُ - للطَّبرَانِي - 4: 159، وَأَسْبَابُ النُّزُولِ - للوَاحِدِي – 374].

     وَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الشُّورَى نَزَلَتْ بِتَمَامِهَا فِي مَكَّةَ، وَإِنَّمَا المُصَرَّحُ عَنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ بِمَدَنِيَّةِ أَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الشُّورَى، وَمِنْهَا آيَةُ المَوَدَّةِ. 

     وَأَمَّا القِيَاسُ: لَمْ يَكُنْ المُجْتَمَعُ المَكِّيُّ مُؤَهَّلًا لِبَيَانِ الأَحْكَامِ وَالفُرُوعِ، وَالأَكْثَرُ فِي النُّزُولِ المَكِّيِّ مِنْ القُرْآنِ الوَعْدُ وَالوَعِيدُ وَالبَرَاهِينُ عَلَى الحَشْرِ وَالنَّشْرِ، وَلَا وُجُودُ أَيَّةِ مُنَاسَبَةٍ لِسُؤَالِ الأَجْرِ أَوْ طَلَبِ المَوَدَّةِ مِنْ أُنَاسٍ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَحَشَّدُوا قِوَاهُمْ لِقَتْلِهِ!

     قَالَ أَبُو حَيَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ (البَحْر المُحِيط): (هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إِلَى آخِرِ الأَرْبَعِ آيَاتٍ; فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ) [تَفْسِيرُ البَحْرِ المُحِيطِ، 9: 322].

     وَقَالَ شَمْسُ الدِّينِ القُرْطُبيُّ فِي تَفْسِيرِ "الجَامِعِ لِأَحْكَامِ القُرْآنِ": (بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سُورَةُ الشُّورَى مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: إِلَّا أَرْبَعَ آَيَاتٍ مِنْهَا أُنْزِلَتْ بِالمَدِينَةِ: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إِلَى آخِرِهَا، وَهِيَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً) [ تَفْسِيرُ القُرْطُبيِّ، 16: 1].

     وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوكَانِي فِي فَتْحِ القَدِيرِ: (رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آَيَاتٍ مِنْهَا أُنْزِلَتْ بِالمَدِينَةِ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إِلَى آخِرِهَا) [فَتْحُ القَدِيرِ، 4: 601 ].

     وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الشَّهِيرِ بالماوَردي فِي تَفْسِيرِهِ (النُّكَتُ وَالعُيُونُ): (مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إِلَى آخِرِهَا) [ النُّكَتُ وَالعُيُونُ، 5: 191].

     وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَفْسِيرِهِ مُخْتَصَرٍ لِتَفْسِيرِ المَاوردِي: (سُورَةُ الشُّورَى مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مَدَنِيَّةٍ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) 23 إِلَى آخِرِهَا) [مُخْتَصَرُ تَفْسِيرِ المَاوردِي3: 137].

     وَقَالَ زَكَرِيَّا زَيْنُ الدِّينِ أَبُو يَحْيَى السنيكي فِي (المَقْصَد لِتَلْخِيصِ مَا فِي المُرْشِدِ): (سُورَةُ الشُّورَى مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) أَمَّا الآيَاتُ الأَرْبَعُ فَمَدَنِيَّةٌ) [المَقْصَدُ لِتَلْخِيصِ مَا فِي المُرْشِدِ: ص76].

     وَقَالَ مَرْعِي الكرمي المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ فِي (قَلَائِد المَرْجَانِ): (سُورَةُ الشُّورَى مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) الآيَاتُ [قَلَائِدُ المَرْجَانِ: ص180].

     وَقَالَ جَمَالُ الدِّينِ أَبُو الفَرَجِ الجَوزِيُّ فِي (زَاد المَسِيرِ): (سُورَةُ الشُّورَى، وَتُسَمَّى حَم (1) عسق (2)، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ، رَوَاهُ العَوفِي وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدُ وَقَتَادَةُ وَالجُمْهُورُ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ قَالَا: إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ نَزَلْنَ بِالمَدِينَةِ أَوَّلُهَا: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا)، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فِيهَا مِنْ المَدَنِيِّ...) [زَادُ المَسِيرِ، 4: 58]. 

     وَقَالَ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيٌّ المَعْرُوفُ بِالخَازِنِ فِي (لبَاب التَّأْوِيلِ فِي مَعَانِي التَّنْزِيلِ): (... عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ، أَوَّلُهَا (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا...) [لبَابُ التَّأْوِيلِ فِي مَعَانِي التَّنْزِيلِ، 4: 93].

     وَقَالَ الآلُوسيُّ فِي (رُوح المَعَانِي) وَفِي البَحْرِ: هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إِلَى آخِرِ أَرْبَعِ آيَاتٍ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فِيهَا مَدَنِيٌّ...) [رُوحُ المَعَانِي، 13: 11].