لَا يَضُرُّ وُجُودُ الرِّوَايَاتِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ فِي تُرَاثِنَا.

Waseem Samit:      سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.      سُؤَالِي هُوَ: كَيْفَ دَخَلَتِ الرِّوَايَاتُ الإِسْرَائِيلِيَّةُ إِلَى التُّرَاثِ الشِّيعِيِّ رُغْمَ أَنَّ لَدَى أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ تَلَامِيذَ عَلَى مُسْتَوًى عَالٍ مِنَ التَّقْوَى وَالوَرَعِ وَالضَّبْطِ وَالنَّقْلِ وَهَكَذَا لَدَيْنَا عُلَمَاءُ ثُقَاتٌ جِدًّا؟ هَذَا أَوَّلًا، وَثَانِيًا: مَا هِيَ الكُتُبُ الَّتِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْهَا بِهَذَا الْخُصُوصِ؟ أَخُوكُمْ وَسِيمٌ الدَّعميُّ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ هِيَ وَارِدَةٌ فِي أُمُورِ التَّفْسِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ قَضَايَا التَّأْرِيخِ لَا فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَسِرُّ وُرُودِهَا بِكَثْرَةٍ فِي هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ كَانَ يَتَطَرَّقُ لِأَحْوَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ الرُّوَاةُ يَنْقُلُونَ عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ وَوَهَبِ بْنِ مُنَبِّه مَا يَقُولُونَهُ فِي هَذَا الجَانِبِ، وَأَكْثَرُ مَا يَرْوُونَهُ كَانَ بِطَرِيقَةِ القَصَصِ، وَالنَّاسُ تَمِيلُ لِلجَانِبِ القَصَصِيِّ، لِهَذَا لَقِيَتْ رَوَاجًا عِنْدَ المُسْلِمِينَ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَدْ كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُقْتَصِرَةً عَلَى أَصْحَابِ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، وَأَكْثَرُهُمْ كَمَا ذَكَرْتُمْ عَلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ مِنَ الوَرَعِ وَالتَّقْوَى، إِضَافَةً لِوُجُودِ كُتُبِ الرِّجَالِ عِنْدَنَا الَّتِي حَدَّدَتِ الثُّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) عَنْ غَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ كُتُبِ الأُصُولِ الَّتِي حَدَّدَتْ ضَوَابِطَ حُجِّيَّةِ الرِّوَايَةِ مِنْ عَدَمِهَا، كَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الرِّوَايَةِ لِلقُرْآنِ الكَرِيمِ وَعَدَمِ مُخَالَفَتِهَا لِثَوَابِتِ المَذْهَبِ وَهَكَذَا، مِمَّا يَعْنِي أَنَّ الرِّوَايَاتِ الدَّخِيلَةَ - لَوْ وُجِدَتْ - لَا يُمْكِنُ أَنْ تَمُرَّ بِسَلَامٍ إِلَى مَنْظُومَتِنَا العَقَدِيَّةِ أَوْ الفِقْهِيَّةِ لِوُجُودِ هَذِهِ الضَّوَابِطِ الشَّدِيدَةِ فِي قَبُولِ الرِّوَايَاتِ.

     هَذَا مَعَ مُلَاحَظَةٍ نُورِدُهَا هُنَا بِأَنَّ الأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) كَانُوا يَتَصَدَّوْنَ بِأَنْفُسِهِمْ لِرَدِّ الرِّوَايَاتِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ وَتَكْذِيبِ أَصْحَابِهَا إِذَا كانَ وُجُودُهَا يَمُسُّ عَقَائِدَ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ جَاءَ فِي "الكَافِي" بِسَنَدِهِ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا إِلَى جَنْبِ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَهُوَ محتب [الإِحْتِبَاءُ أَنْ يَضُمَّ الإِنْسَانُ رِجْلَيهِ إِلَى بَطْنِهِ وَيَشُدَّ عَلَيْهِمَا] مُسْتَقْبِلَ الكَعْبَةِ، فَقَالَ: أَمَّا إِنَّ النَّظَرَ إِلَيْهَا عِبَادَةٌ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بجيلَةَ يُقَالُ لَهُ: عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّ كَعْبَ الأَحْبَارِ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الكَعْبَةَ تَسْجُدُ لِبَيْتِ المَقْدِسِ فِي كُلِّ غَدَاةٍ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَمَا تَقُولُ فِيمَا قَالَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ: صَدَقَ، القَوْلُ مَا قَالَ كَعْبٌ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَر(عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَذِبْتَ وَكَذِبَ كَعْبُ الأَحْبَارِ مَعَكَ وَغَضِبَ. قَالَ زُرَارَةُ مَا رَأَيْتُهُ اسْتَقْبَلَ أَحَدًا بِقَوْلِ "كَذِبْتَ" غَيْرَهُ ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَقَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) بُقْعَةً فِي الأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا. ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الكَعْبَةِ وَلَا أَكْرَمَ عَلَى اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) مِنْهَا، لَهَا حَرَّمَ اللهُ الأَشْهُرَ الحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَاليَةٌ لِلحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَشَهْرٌ مُفْرَدٌ لِلعُمْرَةِ وَهُوَ رَجَبُ. [الكَافِي 4: 240]. 

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.