وَقْفَةٌ مَعَ الحَافِظِ العَسْقَلَانِيِّ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ: وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ.

أَبُو حُسَيْنٍ الشَّوْهَانيُّ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      هَذِهِ شُبَهٌ طُرِحَتْ فِي أَحَدِ مَوَاقِعِ الوَهَّابِيَّةِ أَلَا وَهُوَ مَوْقِعُ {فيصل نور} نَرْجُو مِنْكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَيْهَا.      وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ.      وَقَدْ أَجَابَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَائِلًا: "فَإِنْ قِيلَ: كَانَ قَتْلُ عَمَّارٍ فِي (صِفِّينَ) وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ، وَالَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الدُّعَاءُ إِلَى النَّارِ"؟  قَالَ: "فَالجَوَابُ أَنَّهُمْ كَانُوا ظَانِّينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ إِلَى الجَنَّةِ، وَهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي اتِّبَاعِ ظُنُونِهِمْ. فَالمُرَادُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الجَنَّةِ: دُعَاءٌ إِلَى سَبَبِهَا وَهُوَ طَاعَةُ الإِمَامِ. وَكَذَلِكَ كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ عَلِيٍّ وَهُوَ الإِمَامُ الوَاجِبُ الطَّاعَةِ إِذْ ذَاكَ، وَكَانُوا هُمْ يَدْعُونَ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ مَعْذُورُونَ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ. انْتَهَى كَلَامُهُ [فَتْحُ البَارِي 1 / 542 وَحَمْلَهُ ابْنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيِّ عَلَى بَعْضِ أَتْبَاعِ مُعَاوِيَةَ الغَيْرِ مُجْتَهِدِينَ (تَطْهِيرُ الجِنَانِ 65)].  وَهَكَذَا نَرَى الحَافِظَ فِي تَبْيِينِ مَا أُشْكِلَ فَهْمُهُ فِي الحَدِيثِ مِثَالُ الأَدَبِ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِمْ بِالنَّارِ.

: اللجنة العلمية

 الأَخُ أَبُو حُسَيْنٍ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 هَذَا الجَوَابُ مِنَ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيِّ لَنَا عَلَيْهِ عِدَّةُ مُلَاحَظَاتٍ:

 المُلَاحَظَةُ الأُولَى: هَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنَ الحَدِيثِ، فَلَوْ عُرِضَ هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى أَيِّ عَرَبِيٍّ انْسَلَخَ مِنَ التَّعَصُّبِ لِمُعَاوِيَةَ، لَفَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ (ص): "يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ" أَنَّ عَمَّارًا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الدَّاعِينَ إِلَى الجَنَّةِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ (ص): "وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ" أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَحِزْبَهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ الدَّاعِينَ إِلَى النَّارِ.

 وَحَمْلُ الحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ يَحْتَاجُ إِلَى قَرِينَةٍ، وَلَمْ يُبْرِزْهَا الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، فَيَبْقَى تَأْوِيلُهُ لِلحَدِيثِ مُجَرَّدُ دَعْوًى بِلَا دَلِيلٍ.

 وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِنَا: إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الجَنَّةِ، وَالشَّيَاطِينَ وَالفَرَاعِنَةَ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى النَّارِ.

 فَهَلْ يَسُوغُ لِعَاقِلٍ مُتَدَيِّنٍ أَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَادُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ وَالفَرَاعِنَةَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، بَلِ المُرَادُ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى عَدَمِ طَاعَةِ الأَنْبِيَاءِ، وَهُمْ مَعْذُورُونَ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ؟!!! وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَالشَّيَاطِينُ وَالفَرَاعِنَةُ يُدْخِلُهُمُ اللهُ الجَنَّةَ، لِأَنَّهُمْ اجْتَهَدُوا فَأَخْطَؤُوا!!!

 هَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ، هَلْ يُمْكِنُ لِعَاقِلٍ مِنْ أَهْلِ الذَّوْقِ السَّلِيمِ أَنْ يَسُوغَ هَذَا التَّأْوِيلَ؟!

 المُلَاحَظَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الفَقَاهَةِ وَالإِجْتِهَادِ، فَهُوَ مِنَ الطُّلَقَاءِ الَّذِينَ أَظْهَرُوا الإِسْلَامَ فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يُعْرَفْ مُلَازَمَتُهُ لِلنَّبِيِّ (ص) وَلَا مُلَازَمَةَ أَصْحَابِهِ الفُقَهَاءِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى يَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَيَصِلَ إِلَى مَرْتَبَةِ الإِجْتِهَادِ.

وَلَوْ سَلَّمْنَا بِاجْتِهَادِ مُعَاوِيَةَ، وَلَكِنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالإِجْمَاعِ، إِذِ النَّبِيُّ (ص) حَرَّمَ الخُرُوجَ عَلَى الخَلِيفَةِ العَادِلِ وَإِمَامِ المُسْلِمِينَ الَّذِي انْعَقَدَتْ لَهُ البَيْعَةُ، وَمُعَاوِيَةُ اجْتَهَدَ وَخَرَجَ عَلَى إِمَامِ زَمَانِهِ عَلِيِّ بِنِ أَبِي طَالِبٍ (عَ) الَّذِي بَايَعَهُ أَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ وَكِبَارُ الصَّحَابَةِ.

 فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الإِجْتِهَادِ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ، وَلَيْسَ مِنَ الإِجْتِهَادِ السَّائِغِ.

 المُلَاحَظَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ سَلَّمَنَا صِحَّةَ التَّبْرِيرِ الَّذِي قَدَّمَهُ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ بِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ وَمَعْذُورُونَ فِي تَأْوِيلِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، وَلَكِنْ نَقُولُ: العُذْرُ وَالتَّأْوِيلُ لَا يَبْقَى مُسْتَمِرًّا بَعْدَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ (رض)؟! فَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ قَبْلَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ، إِذْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ خَطَأُ اجْتِهَادِهِمْ (حَسَبَ زَعْمِهِمْ) وَلَكِنْ بَعْدَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ، وَاشْتِهَارِ الحَدِيثِ (تَقْتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ) بَيْنَ القَاصِي وَالدَّانِي، وَظُهُورِ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى خَطَأٍ وَأَنَّهُمْ دَاعُونَ إِلَى النَّارِ، وَخَارِجُونَ عَلَى الخَلِيفَةِ الحَقِّ، عَلَى هَذَا الفَرْضِ لَا يُقَالُ إِنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ وَمَعْذُورُونَ، بَلْ يُقَالُ: مُعَانِدُونَ وَضَالُّونَ وَمُفَرِّقُونَ لِصَفِّ المُسْلِمِينَ

     أَلَمْ يَكُنْ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَحِزْبِهِ أَنْ يَتَرَاجَعُوا عَنْ خَطَئِهِمْ وَيُصْلِحُوا مَا أَفْسَدُوهُ بَعْدَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ، وَيُسَلِّمُوا الأَمْرَ لِلإِمَامِ الَّذِي أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى إِمَامَتِهِ؟

     فَلَوْ أَحْسَنَّا الظَّنَّ بِمُعَاوِيَةَ وَحِزْبِهِ البُغَاةِ قَبْلَ مَقْتَلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَلَكِنْ كَيْفَ نُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ بَعْدَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ؟!!

     وَلِذَا نَرَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَحِزْبَهُ البُغَاةَ انْفَضَحُوا وَتَوَرَّطُوا بَعْدَ مَقْتَلِ عَمَّارٍ، وَلَكِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى عِنَادِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، وَقَالُوا: قَتَلَهُ مَنْ أَخْرَجَهُ؟! يَعْنِي: قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَ)!! وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَا الغَادِيَةِ قَاتِلَ عَمَّارٍ كَانَ مِنْ حِزْبِ مُعَاوِيَةَ وَفِي جَيْشِهِ!!

     أَلَيْسَ هَذَا التَّبْرِيرُ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَحِزْبِهِ كَاشِفًا عَنْ عِنَادِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، وَأَنَّ المَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَسْأَلَةَ اجْتِهَادٍ وَظُهُورِ خَطَأٍ، بِقَدْرِ مَا هُوَ حِرْصٌ عَلَى المُلْكِ وَانْكِبَابٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَمُعَادَاةٌ لِلدِّينِ وَأَهْلِهِ؟!

 المُلَاحَظَةُ الرَّابِعَةُ: التَّأَدُّبُ مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) وَسُوءُ الأَدَبِ مَعَ رَسُولِ اللهِ (ص) شَيْءٌ قَبِيحٌ، فَتَأْوِيلُ كَلَامِ النَّبِيِّ (ص) وَحَمْلُهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لِأَجْلِ تَبْرِئَةِ مُعَاوِيَةَ، صَحِيحٌ أَنَّهُ تَأَدُّبٌ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَحِزْبِهِ الطُّلَقَاءِ، وَلَكِنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ (ص) فَلَا تَغْفَلْ.

 المُلَاحَظَةُ الخَامِسَةُ: هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِنَا: فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَقَوْلِنَا: فُلَانٌ دَاعِيَةٌ إِلَى النَّارِ.

 إِذِ الأَوَّلُ قَدْ لَا يَكُونُ دَاعِيَةً إِلَى النَّارِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

 وَأمّا الثَّانِي فَهُوَ دَاعِيَةٌ إِلَى النَّارِ، إِذَن هُوَ جَزْمًا وَقَطْعًا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لِأَنَّهُ دَاعِيَةٌ وَإِمَامٌ وَقَائِدٌ إِلَى النَّارِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

 وَهَذَا نَظِيرُ الشَّيَاطِينِ وَالأَبَالِسَةِ وَمُحَارِبِي رِسَالَاتِ الأَنْبِيَاءِ، مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ، فَهُمْ بِطَرِيقٍ أَوْلَى مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

 وَمُعَاوِيَةُ وَحِزْبُهُ لَيْسُوا فَقَطْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ، نَظِيرَ الأَبَالِسَةِ وَالشَّيَاطِينِ وَالفَرَاعِنَةِ.

    كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَنْهُمْ اجْتَهَدُوا وَأَخْطَؤُوا؟! 

     فَهَذَا التَّأْوِيلُ يَفْتَحُ بَابَ العُذْرِ لِلأَبَالِسَةِ وَالفَرَاعِنَةِ وَمُكَذِّبِي الأَنْبِيَاءِ.

     انْظُرْ كَيْفَ سَاقَ مُعَاوِيَةُ الحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ إِلَى هَذَا اللَّازِمِ الَّذِي بِهِ يُبْطِلُ رِسَالَاتِ الأَنْبِيَاءِ.

     المُلَاحَظَةُ السَّادِسَةُ: لَقَدْ نَسَفَ الأَلْبَانِيُّ كُلَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ بِالإِعْتِذَارِ لِمُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ فِي حَرْبِهِمْ لِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ حَكَمَ عَلَى قَاتِلِ عَمَّارٍ (أَبِي الغَادِيَةِ) بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَخَالَفَ بِذَلِكَ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَابْنَ حَجَرٍ وَأَمْثَالَهُمَا الَّذِينَ يُرِيدُونَ تَبْرِئَةَ سَاحَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ (ص).. قَالَ فِي "السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ":

     (وَأَبُو الغَادِيَةِ هُوَ الجِهَنيُّ وَهُوَ صَحَابِيٌّ كَمَا أَثْبَتَ ذَلِكَ جَمْعٌ، وَقَدْ قَالَ الحَافِظُ فِي آخِرِ تَرْجُمَتِهِ مِنَ الإِصَابَةِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ الحَدِيثَ، وَجَزَمَ ابْنُ مَعِينٍ بِأَنَّهُ قَاتِلُ عَمَّارٍ: وَالظَّنُّ بِالصَّحَابَةِ فِي تِلْكَ الحُرُوبِ أَنَّهُ كَانُوا فِيهَا مُتَأَوِّلِينَ، وَلِلمُجْتَهِدِ المُخْطِئِ أَجْرٌ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ، فَثُبُوتُهُ للصَّحَابَةِ بِالطَّرِيقِ الأَوْلَى.

 وَأَقُولُ: هَذَا حَقٌّ، لَكِنَّ تَطْبِيقَهُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِمْ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَنَاقُضَ القَاعِدَةِ المَذْكُورَةِ بِمِثْلِ حَدِيثِ التَّرْجُمَةِ، إِذْ لَا يُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّ أَبَا غَادِيَةَ القَاتِلَ لِعَمَّارٍ مَأْجُورٌ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ مُجْتَهِدًا، وَرَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: قَاتِلُ عَمَّارٍ فِي النَّارِ! فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ القَاعِدَةَ صَحِيحَةٌ إِلَى مَا دَلَّ الدَّلِيلُ القَاطِعُ عَلَى خِلَافِهَا، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْهَا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ هُنَا، وَهَذَا خَيْرٌ مِنْ ضَرْبِ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ). انْتَهَى [سِلْسِلَةُ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ 5: 19].

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.