بَيْعَةُ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (ع) لِطُغَاةِ زَمَانِهِمْ.

قَاسِمٌ الخَطِيبُ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      مَا حَقِيقَةُ أَنَّ الأَئِمَّةَ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بَايَعُوا الخُلَفَاءَ الأُمَوَيِّينَ وَالعَبَّاسِيِّينَ؟ وَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ؟ وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا أَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ). أَرْجُو الرَّدَّ وَبِالدَّلِيلِ؟ شُكْرًا لَكُمْ خَادِمُكُمْ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُ قاسم المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     وَرَدَ فِي التَّوْقِيعِ الشَّرِيفِ عَنِ الإِمَامِ الحُجَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ): أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ آبَائِي (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) إِلَّا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ، وَإِنِّي أَخْرُجُ حِينَ أَخْرُجُ، وَلَا بَيْعَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي. كَمَالُ الدِّينِ للصَّدُوقِ ص485.

     وَرُوِيَ غَيْرُهَا أَيْضًا.

     البَيْعَةُ الَّتِي تَكُونُ عَنْ اخْتِيَارٍ ورِضًى لِلحَاكِمِ الظَّالِمِ وَغَيْرِ الشَّرْعِيِّ، هِيَ الَّتِي رُبَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا آيَةُ {وَلَا تَرْكَنُوا}.

     وَأَمَّا لَوْ كَانَتِ البَيْعَةُ عَنْ إِكْرَاهٍ لِلحَاكِمِ الظَّالِمِ، فَلَا قِيمَةَ لِهَذِهِ البَيْعَةِ عِنْدَ اللهِ، فَلَا تَكُونُ بَيْعَةً شَرْعِيَّةً صَحِيحَةً، فَلَا يَشْمُلُهَا آيَةُ {وَلَا تَرْكَنُوا} إِذْ لَا لَوْمَ عَلَى المُكْرَهِ.

     وَهَذَا مَا حَصَلَ بِالضَّبْطِ مَعَ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) فَقَدْ كَانَتْ بَيْعَتُهُمْ لِلسَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ بِالإِكْرَاهِ وَالقَهْرِ، وَبَايَعَهُمْ أَئِمَّةُ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) تَوَقِّيًا مِنْ شَرِّهِمْ وَأَذَاهُمْ وَحِمَايَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ مِنَ القَتْلِ وَتُهْمَةِ الخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ السُّلْطَانِ.

     إِذْ عَدَمُ البَيْعَةِ عِنْدَهُمْ تُسَاوِقُ التَّمَرُّدَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَالخُرُوجَ عَنْ طَاعَتِهِ، وَهَذَا بِحَدِّ ذَاتِهِ مُبَرِّرٌ لِقَتْلِهِمْ.

      وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.