لَا يُوجَدُ مَائِزٌ حَقِيقِيٌّ بَيْنَ مُصْطَلَحَيْ الشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ.

عَامِرٌ/ العِرَاقُ/: مَا الفَرْقُ بَيْنَ مُصْطَلَحِ الشِّيعَةِ وَمُصْطَلَحِ الرَّافِضَةِ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ عامر المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     1- عِنْدَ أَتْبَاعِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) لَا يُوجَدُ فَرْقٌ لَدَيْنَا كَثِيرٌ بَيْنَ المُصْطَلَحَيْنِ حَيْثُ إِنَّ الشِّيعَةَ مِنَ المُشَايَعَةِ وَهِيَ المَحَبَّةُ وَالمُتَابَعَةُ، وَأَمَّا الرَّافِضَةُ فَهُوَ رَفْضُ البَاطِلِ وَالظَّالِمِ مَهْمَا كَانَ وَمَنْ كَانَ، وَلِذَلِكَ هُوَ مَفْهُومٌ عَظِيمٌ يُعَابُ وَيُنْبَزُ بِهِ أَتْبَاعُ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) وَيَسْتَعْمِلُهُ المُخَالِفُونَ المُتَعَصِّبُونَ لِتَشْوِيهِ سُمْعَةِ أَتْبَاعِ عَلِيٍّ (عَ)، وَلَكِنْ وَرَدَ عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ (عَ) أَنَّهُ وَصْفٌ يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى وَهُوَ مَنْ وَصَفَنَا وَسَمَّانَا وَمَيَّزَنَا بِهِ عَنْ سَائِرِ المُسْلِمِينَ لِكَوْنِنَا لَا نُحَابِي أَعْدَاءَ اللهِ تَعَالَى كَائِنِينَ مَنْ كَانُوا.

     وَلِذَلِكَ وَرَدَ كَمَا فِي الكَافِي الشَّرِيفِ (8 / 33): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَ) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَصِيرٍ وَقَدْ خَفرَهُ النَّفَسُ فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَ) :(يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا هَذَا النَّفَسُ العَالِي؟ فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ كَبُرَ سِنِّي، وَدَقَّ عَظْمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، مَعَ أَنَّنِي لَسْتُ أَدْرِي مَا أَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِي. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَ): يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَإِنَّكَ لِتَقُولَ هَذَا؟! قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَكَيْفَ لَا أَقُولُ هَذَا؟! فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُكْرِمُ الشَّبَابَ مِنْكُمْ وَيَسْتَحْيِي مِنَ الكُهُولِ؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ يُكْرِمُ الشَّبَابَ وَيَسْتَحْيِي مِنَ الكُهُولِ؟ فَقَالَ: يُكْرِمُ اللهُ الشَّبَابَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَيَسْتَحْيِي مِنَ الكُهُولِ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا وَاللهِ إِلَّا لَكُمْ خَاصَّةً دُونَ العَالَمِ. قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنَّا قَدْ نُبِزْنَا نَبْزًا انْكَسَرَتْ لَهُ ظُهُورُنَا وَمَاتَتْ لَهُ أَفْئِدَتُنَا وَاسْتَحْلَّتْ لَهُ الوُلَاةُ دِمَاءَنَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ لَهُمْ فُقَهَاؤُهُمْ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عَ): الرَّافِضَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لَا وَاللهِ مَا هُمْ سَمَّوْكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ سَمَّاكُمْ بِهِ، أَمَا عَلِمْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنَّ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ ضَلَالُهُمْ فَلَحِقُوا بِمُوسَى (عَ) لَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمْ هُدَاهُ فَسُمُّوا فِي عَسْكَرِ مُوسَى الرَّافِضَةَ لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا فِرْعَوْنَ وَكَانُوا أَشَدَّ أَهْلِ ذَلِكَ العَسْكَرِ عِبَادَةً وَأَشَدَّهُمْ حُبًّا لِمُوسَى وَهَارُونَ وَذُرِّيَّتِهِمَا (عَ) فَأَوْحَى اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) إِلَى مُوسَى (عَ) أَنْ اثْبِتْ لَهُمْ هَذَا الإِسْمَ فِي التَّوْرَاةِ فَإِنِّي قَدْ سَمَّيْتُهُمْ بِهِ وَنَحْلَتُهُمْ إِيَّاهُ، فَأَثْبَتَ مُوسَى (عَ) الإِسْمَ لَهُمْ، ثُمَّ ذَخَرَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) لَكَمْ هَذَا الإِسْمَ حَتَّى نَحَلَكُمُوهُ، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَفَضُوا الخَيْرَ وَرَفَضْتُمْ الشَّرَّ، افْتَرَقَ النَّاسُ كُلَّ فِرْقَةٍ وَتَشَعَّبُوا كُلَّ شُعْبَةٍ فَانْشَعَبْتُمْ مَعَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَذَهَبْتُمْ حَيْثُ ذَهَبُوا، وَاخْتَرْتُمْ مَنْ اخْتَارَ اللهُ لَكُمْ وَأَرَدْتُمْ مَنْ أَرَادَ اللهُ، فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا، فَأَنْتُمْ وَاللهِ المَرْحُومُونَ المُتَقَبَّلُ مِنْ مُحْسِنِكُمْ وَالمُتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِكُمْ، مَنْ لَمْ يَأْتِ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَمْ يَتَقَبَّلْ مِنْهُ حَسَنَةً وَلَمْ يَتَجَاوَزْ لَهُ عَنْ سَيِّئَةٍ...).

    2- أَمَّا عِنْدَ العَامَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا اخْتِلَافًا كَبِيرًا فِي بَيَانِ هَذَيْنِ المُصْطَلَحَيْنِ، بَلْ فِي كُلِّ مُصْطَلَحٍ مِنْهُمَا، وَنَذْكُرُ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرِ مَا قَالَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجُمَةِ أَبَانَ بْنِ تَغْلُبَ فِي مِيزَانِ الإِعْتِدَالِ (1 / 5): [م، 4] الكُوفِيُّ شِيعِيٌّ جلدٌ، لَكِنَّهُ صَدُوقٌ، فَلَنَا صِدْقُهُ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ. وَقَدْ وَثَّقَةُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: زَائِغٌ مَجَاهِرٌ.

     فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ سَاغَ تَوْثِيقُ مُبْتَدِعٍ وَحَدُّ الثِّقَةِ العَدَالَةُ وَالإِتْقَانُ؟ فَكَيْفَ يَكُونُ عَدْلًا مَنْ هُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ؟ وَجَوَابُهُ أَنَّ البِدْعَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: فَبِدْعَةٌ صُغْرَى كَغُلُوِّ التَّشَيُّعِ، أَوْ كَالتَّشَيُّعِ بِلَا غُلُوٍّ وَلَا تَحَرُّفٍ، فَهَذَا كَثِيرٌ فِي التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مَعَ الدِّينِ وَالوَرَعِ وَالصِّدْقِ. فَلَوْ رُدَّ حَدِيثُ هَؤُلَاءِ لَذَهَبَ جُمْلَةٌ مِنَ الآثَارِ النَّبَوِيَّةِ، وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ بَيِّنَةٌ.

     ثُمَّ بِدْعَةٌ كُبْرَى، كَالرَّفْضِ الكَامِلِ وَالغُلُوِّ فِيهِ، وَالحَطِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالدُّعَاءِ إِلَى ذَلِكَ، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ وَلَا كَرَامَةَ.

     فَالشِّيعِيُّ الغَالِي فِي زَمَانِ السَّلَفِ وَعُرْفِهِمْ هُوَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي عُثْمَانَ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ حَارَبَ عَلِيًّا، وَتَعَرَّضَ لِسَبِّهِمْ. وَالغَالِي فِي زَمَانِنَا وَعُرْفِنَا هُوَ الَّذِي يُكَفِّرُ هَؤُلَاءِ السَّادَةَ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الشَّيْخَيْنِ أَيْضًا، فَهَذَا ضَالٌّ مُعثرٌ [وَلَمْ يَكُنْ أَبَانُ بْنُ تَغْلُبَ يَعْرِضُ لِلشَّيْخَيْنِ أَصْلًا، بَلْ قَدْ يَعْتَقِدُ عَلِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُمَا].

     وَعَلَّقَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الذَّهَبِيِّ فِي لِسَانِ مِيزَانِهِ (1 / 10) بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ كَلَامَ الذَّهَبِيِّ فِي أَبَانَ وَغَيْرِهِ فَقَالَ: *قُلْتُ* فَالمَنْعُ مِنْ قَبُولِ رِوَايَةِ المُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ لَمْ يُكَفَّرُوا بِبِدْعَتِهِمْ كَالرَّافِضَةِ وَالخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ. ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ البَاقِلَّانيُّ وَأَتْبَاعُهُ  -وَالقَبُولُ مُطْلَقًا إِلَّا فِيمَنْ يُكَفَّرُ بِبِدْعَةٍ، وَإِلَّا فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الكَذِبَ. ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَطَائِفَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِي أَيْضًا. وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الحَدِيثِ، بَلْ نَقَلَ فِيهِ ابْنُ حَبَّانَ إِجْمَاعَهُمْ - وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ المُبْتَدِعَ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً كَانَ عِنْدَهُ بَاعِثٌ عَلَى رِوَايَةِ مَا يُشِيدُ بِهِ بِدْعَتَهُ.

     وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ (3 / 1045 ): قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: سَأَلْتُ أَبَا إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيَّ عَنِ الحَاكِمِ فَقَالَ: ثِقَةٌ فِي الحَدِيثِ رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: كَانَ شَدِيدَ التَّعَصُّبِ لِلشِّيعَةِ فِي البَاطِنِ، وَكَانَ يُظْهِرُ التَّسَنُّنَ فِي التَّقْدِيمِ وَالخِلَافَةِ، وَكَانَ مُنْحَرِفًا عَنْ مُعَاوِيَةَ وَآلِهِ مُتَظَاهِرًا بِذَلِكَ، وَلَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ

     قُلْتُ (الذَّهَبِيُّ): أَمَّا انْحِرَافُهُ عَنْ خُصُومِ عَلِيٍّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا أَمْرُ الشَّيْخَيْنِ فَمُعَظِّمٌ لَهُمَا بِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ شِيعِيٌّ لَا رَافِضِيٌّ، وَلَيْتَهُ لَمْ يُصَنِّفِ المُسْتَدْرَكَ فَإِنَّهُ غَضَّ مِنْ فَضَائِلِهِ بِسُوءِ تَصَرُّفِهِ.

     وَفِي مِيزَانِ الإِعْتِدَالِ أَيْضًا قَالَ الذَّهَبِيُّ (2 / 616): عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ [ق]:

     أَبُو الصَّلْتِ الهَرَوِيُّ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، إِلَّا أَنَّهُ شِيعِيُّ جَلِدٌ.

     وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ... وَقَالَ الدَّارقطْنِيُّ: رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ مُتَّهَمٌ بِوَضْعِ حَدِيثِ: "الإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِالقَلْبِ". وَنَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَلْبٌ لِلعَلَوِيَّةِ خَيْرٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.

     وَكَانَ يُعْرَفُ بِالتَّشَيُّعِ، فَنَاظَرْتُهُ لِأَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ، فَلَمْ أَرَهُ يُفَرِّطُ، رَأَيْتُهُ يُقَدِّمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا يَذْكُرُ الصَّحَابَةَ إِلَّا بِالجَمِيلِ. وَقَالَ لِي: هَذَا مَذْهَبِي الَّذِي أُدِينُ اللهَ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَيَّارٍ: إِلَّا أَنَّ ثَمَّ أَحَادِيثَ يَرْوِيهَا فِي المَثَالِبِ.

     وَقَالَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا فِي مِيزَانِ الإِعْتِدَالِ (3 / 62): عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ [عَ] عَالِمُ الشِّيعَةِ وَصَادِقُهُمْ وَقَاصُّهُمْ وَإِمَامُ مَسْجِدِهِمْ، وَلَوْ كَانَتِ الشِّيعَةُ مِثْلَهُ لَقَلَّ شَرُّهُمْ.

     قَالَ المَسْعُودِيُّ: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا أَقْوَلَ بِقَوْلِ الشِّيعَةِ مِنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ.

     وَثَّقَةُ أَحْمَدُ، وَأَحْمَدُ العَجْلِيُّ، وَالنِّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: شِيعِيُّ مُفَرِّطٌ. وَقَالَ الدَّارقطْنِيُّ: رَافِضِيُّ غَالٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: مَائِلٌ عَنِ القَصْدِ.

     وَقَالَ المُزِيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ (18 / 285):

     عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ الكُوفِيُّ (عَ): أَخُو بِلَالِ بْنِ أَعْيَنَ وَحِمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ. وَزُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ وَعَبْدِ الأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ.

     وَقَالَ الحَمِيدِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ شِيعِيٌّ كَانَ عِنْدَنَا رَافِضِيٌّ، صَاحِبُ رَأْيٍ.

     وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ وَكَانَ رَافِضِيًّا.

     وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الأجري، عَنْ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَامِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: هُمْ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ: عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ، وَحِمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ، رَوَافِضُ كُلُّهُمْ، أَخْبَثُهُمْ قَوْلًا: عَبْدُ المَلِكِ.

     وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مِنْ عِتْقِ الشِّيعَةِ، مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.... 

     وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي كِتَابِ "الثُّقَاتِ" وَقَالَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ. رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ.

     عِلْمًا أَنَّهُ مَعَ كُلِّ مَا قَالُوهُ فِيهِ  يَرْوِي لَهُ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ مِنْهُمُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، فَلَاحِظْ أَخِي العَزِيزَ أَنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشِّيعِيِّ وَالرَّافِضِيِّ كَثِيرًا لِكَوْنِهِمَا - كَمَا يَعْلَمُونَ جَيِّدًا - شَيْئًا وَاحِدًا، وَأَنَّ كُلَّ شِيعِيٍّ إِنَّمَا هُوَ رَافِضِيٌّ فِي الوَاقِعِ، وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ يُصَرِّحُ البَعْضُ أَوْ يَنْكَشِفُ أَمْرُهُ فَيُسَمُّونَهُ رَافِضِيًّا، وَإِلَّا فَيُحَاوِلُونَ جَعْلَهُ شِيعِيًّا كَيْ يَسْتَفِيدُوا مِنْ عِلْمِهِ وَأَحَادِيثِهِ لِأَنَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الشِّيعَةِ فِي كُلِّ العُلُومِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْزِلُوهُمْ عَنْهُمْ تَمَامًا فَبَقَوا يَأْخُذُونَ عَنْهُمْ مَا يُعْجِبُهُمْ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ مَا لَا يُعْجِبُهُمْ بِزَعْمِ أَنَّهُمْ شِيعَةٌ وَأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي يَرُدُّونَهَا تَدْعَمُ مَذْهَبَهُ وَبِدْعَتَهُ فَيَجِبُ رَدُّهَا مَعَ وَثَاقَتِهِ وَصِدْقِهِ عِنْدَهُمْ وَبِاعْتِرَافِهِمْ.

     وَقَالَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (7 / 344): مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ (4): قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَوْرَعَ مِنْهُ. قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ أُوصِي شُعْبَةَ بِالرِّصَافَةِ، فَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، فَقَالَ لِي شُعْبَةُ: أَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ، أَمَا إِنَّهُ صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُ شِيعِيٌّ قَدَرِيٌّ. مَحْمُودُ بْنُ غيلَانَ: عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ لِي: لَا تَكْتُبْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، فَإِنَّهُ مُعْتَزِلِيٌّ رَافِضِيٌّ.

     وَحَتَّى الجَوْزَجَانِيِّ النَّاصِبِيِّ اضْطَرَّ لِلإِعْتِرَافِ بِوَثَاقَتِهِ رُغْمَ كَوْنِهِ يُضَعِّفُ وَيُكَذِّبُ كُلَّ شِيعِيٍّ فَقَالَ: يَشْتَمِلُ عَلَى غَيْرِ بِدْعَةٍ، وَكَانَ مُتَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ.

     وَفِي (7 / 361) مِنَ السِّيَرِ قَالَ الذَّهَبِيُّ: الحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ (م، 4)....    

     قُلْتُ (الذَّهَبِيُّ): هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلَامِ، لَوْلَا تَلَبُّسُهُ بِبِدْعَةٍ.... 

     قُلْتُ (الذَّهَبِيُّ): كَانَ يَتْرُكُ الجُمُعَةَ، وَلَا يَرَاهَا خَلْفَ أَئِمَّةِ الجَوْرِ بِزَعْمِهِ.

     وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي السِّيَرِ (7 / 370):

     قَالَ وَكِيعٌ: حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عِنْدِي إِمَامٌ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَا يَتَرَحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ. فَقَال : أَفَتَتَرَحَّمُ أَنْتَ عَلَى الحَجَّاجِ؟ قُلْتُ (الذَّهَبِيُّ): لَا بَارَكَ اللهُ فِي هَذَا المِثَالِ. وَمُرَادُهُ: أَنَّ تَرْكَ التَّرَحُّمِ سُكُوتٌ، وَالسَّاكِتُ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَكِنْ مَنْ سَكَتَ عَنْ تَرَحُّمِ مِثْلِ الشَّهِيدِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ شَيْئًا مِنْ تَشَيُّعٍ، فَمَنْ نَطَقَ فِيهِ بِغَضٍّ وَتَنَقُّصٍ فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى الشَّيْخَيْنِ بِذَمٍّ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ، وَكَذَا مَنْ تَعَرَّضَ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ بِذَمٍّ فَهُوَ نَاصِبِيٌّ يُعَزَّرُ، فَإِنْ كَفَّرَهُ فَهُوَ خَارِجِيٌّ مَارِقٌ، بَلْ سَبِيلُنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ لِلكُلِّ وَنُحِبَّهُمْ، وَنَكُفَّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ.

     ثُمَّ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي سِيَرِهِ (16 / 457): قَالَ الدَّارقطْنِيُّ (بَعْدَ سُؤَالِ جَمَاعَةٍ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي أَفْضَلِيَّةِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ بَعْدَ أَنْ سَكَتَ حِينَهَا وَلَمْ يُجِبْهُمْ بِشَيْءٍ) وَقُلْتُ لِلَّذيِ اسْتَفْتَانِي: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، وَقُلْ لَهُمْ: أَبُو الحَسَنِ يَقُولُ: عُثْمَانُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ عَقْدٍ يُحَلُّ فِي الرَّفْضِ. 

     قُلْتُ (الذَّهَبِيُّ): لَيْسَ تَفْضِيلُ عَلِيٍّ بِرَفْضٍ وَلَا هُوَ بِبِدْعَةٍ، بَلْ قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ... وَلَكِنَّ جُمْهُورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرْجِيحِ عُثْمَانَ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ، وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ، وَالأَفْضَلُ مِنْهُمَا بِلَا شَكٍّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالَفَ فِي ذَا فَهُوَ شِيعِيُّ جَلدٌ، وَمَنْ أَبْغَضَ الشَّيْخَيْنِ وَاعْتَقَدَ صِحَّةَ إِمَامَتَهُمَا فَهُوَ رَافِضِيٌّ مَقِيتٌ، وَمَنْ سَبَّهُمَا وَاعْتَقَدَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدًى فَهُوَ مِنْ غُلَاةِ الرَّافِضَةِ.

     وَكَمَا نَرَى عَدَمَ التَّمْيِيزِ وَالمَائِزِ الحَقِيقِيِّ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الشِّيعِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، فَلَا نَرَى مَائِزًا إِلَّا الرِّوَايَةَ الَّتِي تَرُوقُ أَوْ لَا تَرُوقُ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالبَرَاءَةِ مِنَ الظَّالِمِينَ مِنْ عَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ نَرَى بِوُضُوحٍ كَوْنَ المِعْيَارِ وَالسَّبَبِ فِي التَّسْمِيَةِ وَالإِبْعَادِ بِسَبَبِ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ بِسَبَبِ أَمْرٍ دِينِيٍّ عَقَدِيٍّ فَافْهَمْ.     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.