صَلَاةُ التَّرَاوِيْحِ بِدْعَةٌ.

:

-إِخْوَانُنَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يُصَلَّونَ نَافِلَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً (المُسَمَّاةَ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ).

-بَيْنَمَا الشِّيْعَةُ الإِمَامِيَّةُ يُصَلُّوْنَهَا فُرَادَى لِأَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ إِنَّهَا لَمْ تُشَرَّعْ جَمَاعَةً.

فَأَيُّ الفَرِيْقَيْنِ يُمَثِّلُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ المَذْهَبَ الحَقَّ بَيْنَمَا يُمَثِّلُ الآَخَرُ المَذْهَبَ البِدْعِيَّ ؟؟!!

قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ الأَصْلَ فِي العِبَادَاتِ هُوَ التَّوْقِيْفُ وَالمَنْعُ دُوْنَ الجَوَازِ، بِمَعْنَى: أنَّ أيَّ شَيْءٍ يَرْتَبِطُ بِالأُمُوْرِ العِبَادِيَّةِ -كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ- مِنْ حَيْثُ ثُبُوْتُهَا أَو صِفَتُهَا أَوْ شَرَائِطُهَا لَا بُدَّ مِنْ وُجُوْدِ دَلِيْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرْعِ وَإِلَّا كَانَ الإِتْيَانُ بِهِ مُحَرَّمَاً وَمَمْنُوْعَاً؛ وَالنُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ العِبَادَاتِ مَوْقُوْفَةٌ عَلَى بَيَانِ الشَّرْعِ وَتَرْخِيْصِهِ وَلَا يَحِقُّ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ يُشَرِّعَ شَيْئَاً مِنْ عِنْدِهِ فِي الأَمُوْرِ العِبَادِيَّةِ .. وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ جَمِيْعَاً وَلَا مَجَالَ لِلْجَدَلِ فِيْهِ. 

قَالَ إبْنُ تَيْمِيَةَ كَمَا فِي "مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى": (تَصَرُّفَاتُ العِبَادَاتِ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ نَوْعَانِ: عِبَادَاتٌ يَصْلُحُ بِهَا دِيْنُهُمْ، وَعِبَادَاتٌ يَحْتَاجُوْنَ إِلَيْهَا فِيْ دُنْيَاهُمْ، فَبِاسْتِقْرَاءِ أُصُوْلِ الشَّرِيْعَةِ نَعْلَمُ أَنَّ العِبَادَاتِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ أَو أَحَبَّهَا لَا يَثْبُتُ الأَمْرُ بِهَا إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الحَدِيْثِ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ الأَصْلَ فِي العِبَادَاتِ التَّوْقِيْفُ، فَلَا يُشَرَّعُ مِنْهَا إِلَّا مَا شَرَّعَهُ اللهُ تَعَالَى وَإِلَّا دَخَلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ. {الشُّوْرَى: 21} )(1) . إنتهى.

فَإِذَا عَرَفْنَا أنَّ الجَمَاعَةَ هِيَ مِنْ أَوْكَدِ الطَّاعَاتِ وَالعِبَادَاتِ بِإصْطِلَاحِ أَهْلِ العِلْمِ بَلْ جَعَلَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، بِمَعْنَى أَنَّ تَرْكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مُبْطِلٌ لِلْصَلَاةِ. يَقُوْلُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ بنُ صَالِحٍ العُثَيْمِيْن: (وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ فَوُجُوْبُ الجَمَاعَةِ فِيْهَا ظَاهِرٌ فَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الجَمَاعَةِ فَهُوَ آَثِمٌ، بَلْ قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إِنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الجَمَاعَةِ بِلَا عُذْرٍ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الإِمَاْمِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - إخْتَارَهَا شَيْخُ الإِسْلَامِ إبْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ)(2). إنتهى.

نَسْأَلُ الآَنَ هَلْ شَرَّعَ المَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَنَا صَلَاةَ نَافِلَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً؟ أَيْ هَلْ جَاءَ بِهَا نَصٌّ قُرْآَنِيٌّ أَوْ نَبَوِيٌّ بِأَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً، أَوْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً، وَلَوْ لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى نُثْبِتَ مَشْرُوْعِيَّتَهَا مِنْ فِعْلِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ)، بِحَيْثُ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الجَمَاعَةِ المَوْجُوْدَةِ فِي الصَّلَاةِ المَكْتُوْبَةِ مِنْ حَيْثُ الأَجْرُ وَالثَّوَابُ أَوِ الصِّحْةُ وَالبُطْلَانُ؟؟!!

لَا نَذْهَبُ بَعِيْدَاً فَسَوْفَ يُجِيْبُنَا عُلَمَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْفُسِهُمْ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ:

- قَالَ العَلَّامَةُ القَسْطَلَانِيّ فِي "إِرْشَادِ السَّارِي فِي شَرْحِ صَحِيْحِ البُخَارِيِّ "عِنْدَ بُلُوْغِهِ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ (نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ): (سَمَّاهَا بِدْعَةً لِأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَسُنَّ لَهُمُ الاِجْتِمَاعَ لَهَا، وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الصِّدِّيْقِ، وَلَا أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَلَا هَذَا العَدَدَ) (3). إنتهى.

- وَجَاءَ عَنِ العَلَّامَةِ العَيْنِيِّ فِي "عُمْدَةِ القَارِي شَرْحُ صَحِيْحِ البُخَارِي": ((وَإِنَّمَا دَعَاهَا بِدْعَةً لِأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَسُنَّهَا لَهُمْ، وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِيْ بَكْرٍ وَلَا رَغَّبَ رَسُوْلُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِيْهَا) (4). إنْتَهَى

- وَعَنِ العَلَّامَةِ إبْنِ الجَوْزِيِّ فِي "كَشْفِ المُشْكِلِ مِنْ أَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ" : (وَقَوْلُهُ نِعْمَتِ البِدْعَةُ فَعَلى شَيْءٍ لَا عَلَى مِثَالٍ تَقَدَّمَ فَسَمَّاهَا بِدْعَةً لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُوْلِ اللهِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَة وَلَا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ) (5) .إنتهى

- وَقَالَ إبْنُ الأَثِيْرِ فِي "النِّهَايَةُ فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" ، مَادَّةُ "بَدَعَ": (..لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهَا لَهُمْ وَإِنَّمَا صَلَّاهَا لَيَالِيَاً ثُمَّ تَرَكَهَا وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، وَلَا جَمَعَ النَّاسَ لَهَا، وَلَا كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَنَدَبَهُمْ إِلَيْهَا) (6). إنتهى

-وَعَنِ الخَطِيْبِ الشَرْبِيْنِيِّ فِي "مُغْنِي المُحْتَاجِ شَرْحَ المِنْهَاجِ": (...وَإِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ تَجْمِيْعِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّاسَ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ، وَلَمْ يَكُنْ أَمْرُ الأَوَّلِ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ عَلَى ذَلِكَ). إنتهى

- وَجَاءَ عَنِ إبْنِ شَحْنَةَ حِيْنَ ذَكَرَ وَفَاةَ عُمَرَ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِيْنَ مِنْ تَارِيْخِهِ "رَوْضَةُ المَنَاظِرِ": (هُوَ أَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيْرَاتٍ فِي صَلَاةِ الجَنَائِزِ، وَأَوَّلُ مَن جَمَعَ النَّاسَ عَلَى إِمَامٍ يُصَلِّي بِهِمُ التَّرَاوِيْحَ) (7). إنتهى

- وَعَنْ إبْنِ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"، قَالَ فِي تَرْجَمَةِ عُمَرَ: (هُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتَّرَاوِيْحِ وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى البُلْدَانِ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشَرةَ..) (8).. وَهَكَذَا نَصَّ البَاجِيُّ وَالسِّيُوْطِيُّ والكَتْوَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ التَّرَاوِيْحَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ هُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ (9).

إِذَنْ .. بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الأَعْلَامِ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَسُنَّ نَافِلَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً، وَهُوَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يُصَلِّهَا جَمَاعَةً وَلَوْ لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ وَجَدْنَا الدَّلِيْلَ قَدْ جَاءَنَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ .. فَتَابِعُوا مَعِيْ :

- رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهِيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَن يُسْرٍ بنِ سَعِيْدٍ عَنْ زَيْدٍ بنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إتَّخَذَ حُجْرَةً قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيْرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيْهَا لَيَالِيَ ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُ الَّذِيْ رَأَيْتُ مِنْ صَنِيْعِكُم، فَصَلُّوا أيُّهَا النَاسُ فِي بُيُوْتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ المَرْءِ فِيْ بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوْبَةَ (10). 

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي "نَيْلِ الأَوْطَارِ": ((جَعَلَ يَقْعُدُ) أَيْ يُصَلِّي مِنْ قُعُوْدٍ لِئَلَّا يَرَاهُ النَّاسُ فَيَأْتَمُّوا بِهِ) (11). إنتهى.

 ثُمَّ قَوْلُهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ): (قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيْعِكُمْ، فَصَلُّوا أيُّهَا النَّاسُ فِيْ بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوْبَةَ).. وَاضِحُ الدَّلَالَةِ فِي عَدَمِ مَسْنُوْنِيَّةِ الجَمَاعَةِ فِي نَافِلَةِ رَمَضَانَ .. وَإِلَّا لَوْ كَانَتِ الجَمَاعَةُ مَشْرُوْعَةً وَمَسْنُوْنَةً لَمْ يَقْعُدْ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ) عَنِ الإِئْتِمَامِ بِهِم فَيَحْرِمَهُمْ مِنْ هَذَا الخَيْرِ العَمِيْمِ، أَوْ يَقُوْلُ لَهُمْ :( فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ [صَلَاةُ[ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوْبَةَ) ؟؟؟!!!

ابْنُ عُمَرٍ يَصِفُ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةَ التَّرَاوِيْحِ بِأَنَّهُ كَالحِمَارِ:

رَوَى إبْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ (وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ عَابِدٌ) عَنْ سُفْيَانٍ (الثَّوْرِيِّ (إِمَامٌ ثِقَةٌ) عَنْ مَنْصُوْرٍ (وَهُوَ إبْنُ المُعْتَمِرِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ لَا يُدَلِّسُ كَمَا يَقُوْلُ إبْنُ حَجَرٍ) عَنْ مُجَاهِدٍ (أَحَدِ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ) قَالَ: (سَأَلَ رَجُلٌ ابنَ عُمَرَ: أَقُوْمُ خَلْفَ الإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ تُنْصِتُ كَأَنَّكَ حِمَارٌ ؟؟!!(12).

وَفِي طَرِيْقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَهُوَ صَحِيْحٌ أَيْضَاً: (.. عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَر، فَقَالَ: أُصَلِّي خَلْفَ الإِمَامِ فِي رَمَضَانَ؟ قَالَ: أَتَقْرَأُ القُرْآَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَتُنْصِتُ كَأَنَّكَ حِمَارٌ، صَلِّ فِي بَيْتِكَ) (13). إنتهى

فَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ نَافِلَةِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً هِيَ المَسْنُوْنَةُ وَالمَشْرُوْعَةُ، لَمَا كَانَ ذَلِكَ يَفُوْتُ إبْنَ عُمَرَ، وَيَقُوْلُ لِلشَّخْصِ أنَّكَ مَعِ إمْتِثَالِكَ للسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ تَكُوْنُ كَالحِمَارِ؟؟!!

تَصْرِيْحُ عُمَرَ (نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ) هَلْ يَصِحُّ مِنْهُ هَذَا أَو لَا؟؟!! 

بَقِيَ أَنْ نُلَاحِظَ تَصْرِيْحَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ عَنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ: (نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ)، هَلْ يَشْفَعُ لَهُ وَيُثْبِتُ مَشْرُوْعِيَّتَهَا، مَعْ أَنَّ قَوْلَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِه وَسَلَّمَ) : ( كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ) وَاضِحٌ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ؟؟!!

أَقُوْلُ: لَا نَذْهَبُ بَعِيْدَاً وَلْنَتْرُكِ الجَوَابَ لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ الَّذِي قَالَ فِي "سِلْسِلَةِ الأَحَادِيْثِ الضَّعِيْفَةِ": ( وَإِنَّ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنْ يَحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ ... عَلَى أَنَّ فِي الدِّيْنِ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَأَنَّ الدَّلِيْلَ عَلَى حُسْنِهَا إعْتِيَادُ المُسْلِمِيْنَ لَهَا!! ) (14). إنتهى

وَلَئِنْ شَاغَبَنَا أَحَدٌ هُنَا فِي تَمَامِيَّةِ أَدِلَّةِ أَدَاءِ نَافِلَةِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً، وَالمُشَاغِبُوْنَ كُثُرٌ، لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لِلْحَقِّ كَارِهُوْنَ، نَقُوْلُ: لَقَدْ ثَبَتَ عِنَدْ عُلَمَائِكُم أَنَّ مَشْرُوْعِيَّتَهَا فِي البَيْتِ فُرَادَى أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِهَا فِي المَسْجِدِ جَمَاعَةً، بِهَذَا صَرَّحَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوْسُفَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ حِيْنَ قَالُوا:

(إنَّ فِعْلَهَا (الصَّلَاةُ لَيْلَاً فِي رَمَضَانَ) فُرَادَى فِي البَيْتِ أَفْضَلُ، لِحَدِيْثِ: "خَيْرُ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوْبَةَ) (15) .

وَعَنْ إبْنِ قُدَامَةَ فِي "المُغْنِي":

(وَالتَّطُوْعُ فِي البَيْتِ أَفْضَلُ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: عَليْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوْتِكُم فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوْبَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ زَيْدٍ بنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَّا المَكْتُوْبَةَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)(16) . إنتهى

فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى 29:16.

(2)مَجْمُوعُ فَتَاوى وَرَسَائِلُ الشَّيْخِ العُثَيْمِينَ ، مَسْأَلَة 927.

(3)إِرْشَادُ السَّارِيْ فِي شَرْحِ صَحِيْحِ البُخَارِي 5 : 4.

(4)عُمْدَةُ القَارِي شَرْحُ صَحِيْحِ البُخَارِي 6 : 126.

(5)كَشْفُ المُشْكِلِ مِنْ أَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ 4: 116.

(6)النِّهَايَةُ فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ 1: 107 ، مادَّةُ "بدع ".

(7)رَوْضَةُ المَنَاظِرِ - لِابْنِ شَحْنَة - 11: 122 ، مَطْبُوْعٌ بِهَامِشِ تَأْرِيْخِ ابْنِ الأَثِيْرِ.

(8)الطَّبَقَاتُ -إبْنُ سَعْدٍ - 3: 218.

(9) الأَوَائِلُ : 149.

(10)صَحِيْحُ البُخَارِيِّ 186:1 ،كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ .

(11)نَيْلُ الأَوْطَارِ 3: 179.

(12)مُصَنَّفُ إبْنُ أَبِي شَيْبَة 2: 288.

(13) مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ 4 : 263 - 264 ،حَديث رقم 7742.

(14)سِلْسِلَةُ الأَحَادِيْثِ الضَّعِيْفَةِ 2: 17 .

(15)رَاجِعْ : صَحِيْحَ مُسْلِمٍ بِشَرْحِ النَّوَوِيِّ 6: 39 ، وَفَتْحَ البَارِي لِلْعَسْقَلَانِي 4 : 252.

(16)المُغْنِي 1: 775.