ما الفَرقُ بينَ التَّصحيفِ والتَّحريفِ في الحَديثِ؟

عبدُ اللهِ /الأردنّ/ السَّلامُ عليكُم/ هلْ هناكَ فَرقٌ بينَ الحَديثِ المُصَحَّفِ والحديثِ المُحرَّفِ ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ عبدُ اللهِ المحترَمُ، السَّلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ

إنَّ المُرادَ بالتَّصحيفِ لُغَةً: هوَ الخَطأُ في الصَّحيفَةِ بإشتباهِ الحُروفِ، (يُنظَرُ: المِصباحُ المُنيرُ للفيوميّ، ص334)، وأمّا المَعنى الإصطلاحيّ لِلتَّصحيفِ فهوَ مَأخوذٌ مِنْ مَعناهُ اللُّغويّ ، فلِذا عَرّفوهُ بأنّهُ ما غُيِّرَ بَعضُ سَنَدِهِ، أو مَتنِهِ بما يَقرُبُ منهُ. فمِثالُ التَّغييرِ في السَّندِ: تَصحيفُ بُرَيد إلى (يَزيد)، أو الحسَنِ إلى (الحُسين)، أو نَسير إلى (بَشير)، وهكذا. ومِثالُ التَّغييرِ في المَتنِ: الحَديثُ (مَنْ صامَ رَمضانَ وأتبَعَهُ ستّاً منْ شَوّال)، صُحِّفَ إلى (شَيئاً مِنْ شَوّال). وأمّا التّحريفُ فهوَ لُغةً: يُرادُ بهِ مَصدرُ حُرِّفَ أي غُيِّرَ وبُدِّلَ، وإصطلاحاً: هوَ العُدولُ بالشَّيءِ عنْ جِهَتِهِ، وحُرِّفَ الكَلامُ تَحريفاً: عُدِلَ بهِ عنْ جِهتِهِ، وقد يَكونُ بالزِّيادةِ فيهِ أو النَّقصِ، وقد يَكونُ بِتَبديلِ بَعضِ كَلماتِهِ. ومِنَ التَّحريفِ: حَديثُ : نَهيُّ النَّبيّ (ص) عنِ الحِلَقِ قَبلَ صَلاةِ الجُمُعةِ، فقد حَرّفَهُ بعضُهم إلى (الحَلْق). والحِلَق : بِكَسرِ الحاء وفَتحِ اللّام مَعناهُ جلوسُ النّاسِ في حَلَقاتٍ مُستديرةٍ. وأمّا الحَلْقُ بفتحِ الحاءِ وسُكونِ اللّامِ فمَعناهُ الذي يَحلقُ شَعرهُ. فتأمّلْ ما صَنَعهُ هذا الرّاوي حينَ حَرّفَ الحَديثَ فعدلَ بهِ إلى غَيرِ جِهَتهِ، حيثُ إنّ النبيّ (ص) كانَ يَنهى أصحابَهُ عنِ الجلوسِ في حَلَقاتٍ مُستديرَةٍ قبلَ صَلاةِ الجُمُعةِ، فَجاءَ هذا الرّاوي فَجعلَ النَّبيَّ (ص) يَنهى عن حَلْقِ الشَّعرِ قبلَ صَلاةِ الجُمُعةِ. ومِنَ الطَّريفِ في هذا الأمرِ ما يُنقَلُ عنْ بَعضِهِم أنّهُ قالَ: لمْ أحْلِقْ رَأسي قبلَ الصَّلاةِ نَحواً منْ أربعينَ سنَةٍ بعدَ ما سَمِعْتُ هذا الحَديثَ. ( يُنظَرُ: كِتابُ إصلاحِ خطأ المُحدّثين، ص12-13). فَتَأمّلْ تَأثيرَ التَّحريفِ في مثلِ هذهِ الأمورِ. هذا وقد حاوَلَ الحافِظُ ابنُ حجرٍ العَسقلانيّ أنْ يُبديَ فَرقاً بينَ التَّصحيفِ والتَّحريفِ، فقالَ: ما كانَ فيهِ تَغييرُ حَرْفٍ أو حروفٍ بِتَغيّرِ النُّقطِ، معَ بقاءِ صورَةِ الخَطِّ، سُمّيَ مُصَحّفاً. مِثالُهُ: تَصحيفُ بُريد إلى يَزيد. وما كانَ فيهِ تَغييرٌ في الشَّكلِ، أي هَيئةِ الحُروفِ يُسمّى مُحرَّفاً، مِثالُهُ: تَحريفُ (قالٍ) إلى (غالٍ) كَما في الحَديثِ المَعروفِ المَشهورِ، أنَّ النَّبيَّ (ص) قالَ: يا عَليّ يَهلكُ فيكَ إثنان، مُحِبٍّ غالٍ، ومُبغِضٌ قالٍ. فقد حُرِّفَ إلى مُبغِضٍ غالٍ.

 ودُمتُم سالمِين.