إِخْتِلَافُ القِرَاءَاتِ لَيْسَ تَحْرِيْفَاً.

أَمْجَدُ الزُّبَيْدِيُّ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَرَأْتُ لَكُمْ جَوَابَاً عَنْ سُؤَالٍ حَوْلَ القِرَاءَاتِ القُرْآَنِيَّةِ وَالتَّحْرِيْفِ فَقُلْتُمْ فِي الجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ فِي المَعْنَى كَثِيْرَاً وَلَكِنَّ النَّتِيْجَةَ أَلَيْسَتْ تَحْرِيْفَاً فِي اللَّفْظِ؟! فَأَيُّ لَفْظٍ هُوَ الإِلَهِيُّ هَلْ (مَالِكُ أَو مَلِكُ) (صِرَاطُ أَو سِرَاطُ) المُشْكِلَةُ قَائِمَةٌ فِي اللَّفْظِ.

: اللجنة العلمية

الأَخُ أَمْجَدُ المُحْتَرَمُ، عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ 

لَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ القِرَاءَاتُ (المُشَارُ إِلَيْهَا فِي السُّؤَالِ) مِنْ مَصَادِيْقِ التَّحْرِيْفِ المُصْطَلَحِ عَلَيْهِ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَوِ النَّقِيْصَةِ فِيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ إخْتِلَافَاتٌ نَحَوِيَّةٌ وَصَرْفِيَّةٌ لَا تُغَيِّرُ مِنَ المَعْنَى المُرَادِ كَثِيْرَاً. وَالسَّبَبُ فِيْهَا -كَمَا يُشِيْرُ إِلَيْهِ إبْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ البَارِي عَنْ ابنِ أَبِي هَاشِمٍ-: (إِنَّ الجِهَاتَ الَّتِي وُجِّهَتْ إِلَيْهَا المَصَاحِفُ كَانَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ حَمَلَ عَنْهُ أَهْلُ تِلْكَ الجِهَةِ وَكَانَتِ المَصَاحِفُ خَالِيَةً مِنَ النُّقَطِ وَالشَّكْلِ قَالَ فَثَبَتَ أَهْلُ كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى مَا كَانُوا تَلَقَّوْهُ سَمَاعَاً عَنِ الصَّحَابَةِ بِشَرْطِ مُوَافَقَةِ الخَطِّ وَتَرَكُوا مَا يُخَالِفُ الخَطَّ امْتِثَالاً لِأَمْرِ عُثْمَانَ الَّذِي وَافَقَهُ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ لِما رَأَوْا فِي ذَلِكَ مِنَ الإحْتِيَاطِ لِلْقُرْآَنِ فَمِنْ ثَمَّ نَشَأَ الإخْتِلَافُ بَيْنَ قُرَّاءِ الأَمْصَارِ) [فتحُ الباري 9: 28].

وَلَكِنَّ السُّؤَالَ المُهِمَّ هُنَا: هَلْ يَجُوْزُ قِرَاءَةُ القُرْآَنِ بِهَذِهِ القِرَاءَاتِ أَو لَا يَجُوْزُ؟!!

الجَوَابُ: قَالَ السَّيِّدُ الخُوْئِيُّ (قُدِّسَ سِرُّهُ الشَّرِيْفُ): (بِالنَّظَرِ إِلَى مَا ثَبَتَ قَطْعِيَّاً مِنْ تَقْرِيْرِ المَعْصُوْمِيْنَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- شِيْعَتِهِمْ عَلَى القِرَاءَةِ ، بِأَيَّةِ وَاحِدَةٍ مِنَ القِرَاءَاتِ المَعْرُوْفَةِ فِي زَمَانِهِمْ، فَلَا شَكَّ فِي كِفَايَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا. فَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ القِرَاءَاتُ مَعْرُوْفَةً فِي زَمَانِهِمْ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ أَنَّهُم رَدَعُوا عَنْ بَعْضِهَا ، وَلَو ثَبَتَ الرَّدْعُ لَوَصَلَ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ نَقْلِهِ بِالآَحَادِ، بَلْ وَرَدَ عَنْهُمْ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- إِمْضَاءُ هَذِهِ القِرَاءَاتِ بِقَوْلِهِمْ:

"إقْرَأْ كَمَا يَقْرَأُ النَّاسُ. إقْرَؤُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ". وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيْصِ الجَوَازِ بِالقِرَاءَاتِ السَّبْعِ أو العَشْرِ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الجَوَازِ أَنْ لَا تَكُوْنَ القِرَاءَةُ شَاذَّةً، غَيْرَ ثَابِتَةٍ بِنَقْلِ الثِّقَاتِ عِنْدَ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا مَوْضُوْعَةً، أَمَّا الشَّاذَّةُ فَمِثَالُهَا قِرَاءَةُ " مَلَكَ يَوْمَ الدِّيْنِ " بِصِيْغَةِ المَاضِي وَنَصْبِ "يَوْمَ"، وَأَمَّا المَوْضُوْعَةُ فَمِثَالُهَا قِرَاءَةُ " إِنَّمَا يَخْشَى اللهُ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءَ " بِرَفْعِ كَلِمَةِ اللهِ وَنَصْبِ كَلِمَةِ العُلَمَاءَ عَلَى قِرَاءَةِ الخَزَاعِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيْفَةٍ.

وَصَفْوَةُ القَوْلِ: أَنَّهُ تَجُوْزُ القِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ كَانَتْ مُتَعَارَفَةً فِي زَمَانِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).  [البَيَانُ فِي تَفْسِيْرِ القُرْآَنِ:168].

وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.