كيفَ نخرجُ عليّاً (عليهِ السّلامُ) مِن حديثِ: (لا تدرِي مَا أحدثُوا بعدكَ)؟

أحمد السّالم/: السّلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، حديثُ "إنّكَ لا تدري مَا أحدثُوا بعدكَ)، هَل تستطيعونَ أن تخرجُوا عليّاً بنَ أبي طالبٍ مِن هذا الحديثِ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ أحمدُ المحترمُ، عليكمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ 

لو فَرضنَا أنَّ هذا الحديثَ، أي حديثَ الحوضِ الدّالِّ على أنّهُ يؤتَى بجماعةٍ مِنَ الصّحابةِ فيؤخذُ بهِم إلى النّارِ فيقولُ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) لآخذيهِم منَ الملائكةِ: يَا ربِّ أصحابِي هؤلاءِ! فيأتِي النّداءُ: إنّكَ لا تدري مَا أحدثُوا بعدكَ! [صحيحُ البخاريِّ 5: 191 كتابُ تفسيرِ القرآنِ، بابُ: وكنتَ عليهِم شهيداً مَا دُمتَ فيهِم، 240 بابُ: كمَا بدأنا أوّلَ خلقٍ نعيدهُ]. 

نقولُ: لو فرضنَا أنَّ هذا الحديثَ عامٌّ يشملُ جميعَ الصّحابةِ ولا ينصرفُ عندَ إطلاقهِ إلى المنافقينَ المتخفّينَ الّذينَ لا يعلمُهُم إلّا اللهُ والّذينَ نصَّتْ عليهِمُ الآيةُ القرآنيّةُ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُم نَحْنُ نَعْلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التّوبةُ:101.

وأنّهُ ليسَ المقصودُ بهِم أولئكَ الذينَ كانُوا يولّونَ الأدبارَ فِي الحروبِ بينَ يدي رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) وقَد وعدهُمُ اللهُ بإدخالهِم جهنّمَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِم يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. الأنفالُ: 15و16.

جاءَ فِي تفسيرِ الطّبري: (حدّثنَا محمّدٌ بنُ المثنَّى، قالَ: ثنا عبدُ الأعلى، قالَ: ثنا داودُ، عَن أبِي نضرةَ، فِي قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: ومَن يولّهِم يومئذٍ دبرهُ قالَ: ذاكَ يومَ بدرٍ). [تفسيرُ الطّبري ج9 ص 266].

وأنّهُ ليسَ المرادُ بهِمُ الّذينَ عناهُم البراءُ بنُ عازبٍ فِي كلامهِ حينَ قالَ لهُ المسيّبُ: طوبَى لكَ، صحبتَ النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ). وبايعتهُ تحتَ الشّجرةِ. فقالَ لهُ: يا بنَ أخِي، إنّكَ لا تدرِي مَا أحدثنَا بعدهُ! [صحيحُ البخاريِّ 3:30].

وأنّهُ ليسَ المرادُ بهِمُ الّذينَ اعترفُوا على أنفسهِم بأنّهُم أحدثُوا بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) فعلاً، كمَا أخرجَ الحاكمُ فِي مستدركهِ عَن عائشةَ قولهَا: إنِّي أحدثتُ بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) حدَثاً، ادفنونِي معَ أزواجهِ. [المستدركُ على الصّحيحينِ 4:87، صحّحهَا الحاكمُ ولم يتعقّبهُ الذّهبيُّ بشيءٍ]. 

قالَ الشّيخُ الألبانيُّ فِي: سلسلةِ الأحاديثِ الصّحيحةِ 1:676: (تعنِي بالحدثِ مسيرهَا يومَ الجملِ). إنتهى

وأنّهُ ليسَ المقصودُ بهِم أولئكَ الذينَ غرّتهُمُ الحياةُ الدّنيَا بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) فخالفُوا أوامرهُ فِي موضوعِ الخلافةِ كمَا يشيرُ إليهِ الإمامُ الغزاليّ فِي كلامهِ هُنا، قالَ فِي كتابهِ "سِرُّ العالمينَ" مَا نصّهُ: 

(لكِنْ أسفرتِ الحجّةُ وجههَا، وأجمعَ الجماهيرُ على متنِ الحديثِ، مِن خطبتهِ فِي يومِ غديرِ خمٍّ، باتّفاقِ الجميعِ، وهوَ يقولُ: مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ. فقالَ عمرُ: بخٍّ بخٍّ يَا أبَا الحسنِ، لقَد أصبحتَ مولايَ ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ. فهذا تسليمٌ ورضىً وتحكيمٌ، ثمَّ بعدَ هذا غلبَ الهَوى لحبِّ الرّياسةِ، وحملِ عمودِ الخلافةِ، وعقودِ البنودِ، وخفقانِ الهَوى فِي قعقعةِ الرّاياتِ، واشتباكِ ازدحامِ الخيولِ، وفتحِ الأمصارِ، سقاهمُ كأسَ الهوى، فعادُوا إلى الخلافِ الأوّلِ، فنبذوهُ وراءَ ظهورهِم، واشتروا بهِ ثمناً قليلاً). إنتهى [مجموعةُ رسائلِ الإمامِ الغزاليِّ، كتابُ سرِّ العالمينَ:483].

فلو فرضنَا أنَّ حديثَ الحوضِ لا يعنِي هؤلاءِ بَل يعنِي جميعَ الصّحابةِ أكتعينَ أبصعينَ ]العربُ تؤكِّدُ كلمةَ أجمعينَ بعبارةِ: اكتعينَ أبصعينَ، وهيَ تعنِي جميعاً وأجمعينَ]، فكيفَ نخرجُ منهُم أميرَ المؤمنينَ عليّاً (عليهِ السّلامُ)؟

الجوابُ: منَ المعلومِ فِي علمِ الأصولِ أنّهُ يمكنُ تخصيصُ العُموماتِ، وهذا التّخصيصُ تارةً يكونُ بقرينةٍ متّصلةٍ وأخرى منفصلةٍ، فمثالُ التّخصيصِ بالقرينةِ المتّصلةِ مَا جاءَ فِي قولهِ تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ} العصرُ 1و2. فهُنا بعدَ أن نصَّ على أنَّ مُطلقَ الإنسانِ خاسرٌ إستثنَى المؤمنينَ مِن هذا الخسرانِ، ومثالُ المخصّصِ المنفصلِ مَا وردَ مِن تخصيصِ آياتِ المواريثِ فِي سورةِ النّساءِ: {يُوصِيكُمْ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}، بمَا رويَ عنِ النّبيِّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) أنّهُ قالَ: (لا ميراثَ للقاتلِ). [الكافِي 7:141]، أو قالَ: (القاتلُ لا يرثُ). [صحيحُ سننِ ابنِ ماجه للألباني 2: 348ح2157].

وبلحاظهِ يمكنُ أن نخصّصَ حديثَ الحوضِ بمَا وردَ مِن عشراتِ الأحاديثِ الصّحيحةِ فِي حقِّ عليٍّ (عليهِ السّلامُ) أنّهُ منَ المؤمنينَ الصّالحينَ النّاجينَ يومَ القيامةِ، وإليكَ نَزراً يسيراً منهَا: 

1- روى البخاريُّ فِي صحيحهِ فِي بابِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ القرشيّ الهاشميّ أبي الحسنِ رضيَ اللهُ عنهُ: أنَّ النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) قالَ فيهِ: (لأعطينَّ الرّايةَ -أو ليأخذنَّ الرّايةَ- غداً رجلاً يحبّهُ اللهُ ورسولهُ -أو قالَ يحبُّ اللهَ ورسولهُ- يفتحُ اللهُ عليهِ).

قالَ إبنُ حجرٍ فِي شرحهِ للحديثِ فِي "فتحِ الباري": (إنَّ عليّاً يحبُّ اللهَ ورسولهُ ويحبّهُ اللهُ ورسولهُ أرادَ بذلكَ وجودَ حقيقةِ المحبّةِ، وإلّا فكلُّ مسلمٍ يشتركُ معَ عليٍّ فِي مطلقِ هذهِ الصّفةِ. وفِي الحديثِ تلميحٌ بقولهِ تعالى: قُل إن كنتُم تحبّونَ اللهَ فاتّبعونِي يحببكُم اللهُ فكأنّهُ أشارَ إلى أنَّ عليّاً تامُّ الاتّباعِ لرسولِ اللهِ - صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ - حتّى إتّصفَ بصفةِ محبّةِ اللهِ لهُ، ولهذا كانَت محبّتهُ علامةَ الإيمانِ وبغضهُ علامةَ النّفاقِ كمَا أخرجهُ مسلمٌ مِن حديثِ عليٍّ نفسهِ قالَ: "والذي فلقَ الحبّةَ وبرأَ النّسمةَ إنّهُ لعهدُ النّبيِّ - صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ - أن لا يحبّكَ إلّا مؤمنٌ ولا يبغضكَ إلّا منافقٌ"). [فتحُ الباري 7:57].

2- وجاءَ فِي البخاري، البابُ نفسهُ: (قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ لعليٍّ أمَا ترضَى أن تكونَ منِّي بمنزلةِ هارونَ مِن موسَى). 

قالَ إبنُ حجرٍ في شرحهِ للحديثِ: (قولهُ: (أمَا ترضَى أن تكونَ منِّي بمنزلةِ هارونَ مِن موسَى) أي نازلاً منِّي منزلةَ هارونَ مِن موسَى. ووقعَ فِي روايةِ عامرٍ بنِ سعدٍ بنِ أبِي وقّاصٍ عندَ مسلِمٍ والتّرمذيِّ قالَ: "قالَ معاويةُ لسعدٍ: "مَا منعكَ أن تسبَّ أبَا ترابٍ؟ قالَ: أما مَا ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ لهُ رسولُ اللهِ - صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ - فلَن أسبّهُ." فذكرَ هذا الحديثَ وقولهُ: لأعطينَّ الرّايةَ رجلاً يحبّهُ اللهُ ورسولهُ وقولهُ: لمّا نزلَتْ فقُل تعالَوا ندعُ أبناءنَا وأبناءكُم دَعا عليَّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ فقالَ: اللهمَّ هؤلاءِ أهلِي). [فتحُ الباري 7:60]

3- روى مسلمٌ في صحيحهِ قولَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ): (إنّهُ لعهدُ النّبيّ الأميّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ إليَّ أن لا يحبّنِي إلّا مؤمنٌ ولا يبغضنِي إلّا منافقٌ). [صحيحُ مسلمٍ 1:61]. 

4- روى الحاكمُ في مستدركهِ وصحّحهُ ووافقهُ الذّهبيُّ: (عنِ إبنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهمَا قالَ: قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ لعليٍّ: أما إنّكَ ستلقَى بعدِي جُهداً. قالَ فِي سلامةٍ مِن ديني؟ قالَ: فِي سلامةٍ مِن دينكَ). [المستدركُ على الصّحيحينِ 3:140].

5- أخرجَ التّرمذيُّ فِي سننهِ أنَّ النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) قالَ فِي حقِّ عليٍّ (عليهِ السّلامُ): (عليٌّ منِّي وأنا منهُ، وهوَ وليُّ كلِّ مؤمنٍ بعدي). [سننُ التّرمذي 5:297، سلسلةُ الأحاديثِ الصّحيحةِ للألباني 5:261]. 

6- قولهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) لعليٍّ (عليهِ السّلامُ): (أنتَ وليُّ كلِّ مؤمنٍ بعدِي ومؤمنةٍ). [مسندُ أحمدَ 1:331 بسندٍ صحيحٍ، المستدركُ على الصّحيحينِ 3:144 صحّحهُ الحاكمُ ووافقهُ الذّهبيُّ].

7- قولهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ): (مَن كنتُ مولاهُ فهذا عليٌّ مولاهُ). [نصَّ على تواترهِ السّيوطيُّ فِي "قطفُ الأزهارِ" ص227، والذّهبيُّ فِي "سيرِ أعلامِ النّبلاءِ" 8:335، والكتّانيُّ فِي "نظمِ المُتناثرِ" ص206].

8-قولهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ): (عليٌّ معَ القرآنِ والقرآنُ معَ عليٍّ لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوضَ). [رواهُ الحاكمُ فِي المستدركِ على الصّحيحينِ 3:134 وصحّحهُ ووافقهُ الذّهبيُّ]. 

وهكذا نجدُ العشراتِ بلِ المئاتِ مِنَ الأحاديثِ الصّحيحةِ الواردةِ فِي كتبِ أهلِ السّنّةِ قبلَ الشّيعةِ الدّالّةِ على حُسنِ عاقبةِ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ)، فلا يكونُ مشمولاً بحديثِ الحوضِ جزماً، هذا فضلاً عَن إجماعِ علماءِ المسلمينَ بأنَّ عليّاً (عليهِ السّلامُ) مصيبٌ فِي جميعِ حروبهِ التي خاضهَا بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) وأنَّ مقاتليهِ هُم بغاةٌ وظالمونَ لهُ.

قالَ المنّاويُّ الشّافعيُّ فِي "فيضِ القديرِ": قالَ عبـدُ القاهرِ الجرجاني في كتابِ الإمامةِ: أجمعَ فقهاءُ الحجازِ والعراقِ مِن فريقَي الحديثِ والرّأي، مِنهُم: مالكٌ، والشّافعيُّ، وأبو حنيفةَ، والأوزاعيُّ، والجمهورُ الأعظمُ منَ المتكلّمينَ والمسلمينَ أنَّ عليّاً مصـيبٌ فِي قتالهِ لأهلِ صِفّينٍ، كمَا هوَ مصيبٌ فِي أهلِ الجملِ، وأنَّ الّذينَ قاتلوهُ بغاةٌ ظالمونَ لهُ، ولكِن لا يُكفَّرونَ ببغيهِم.

وقالَ الإمامُ أبو منصورٍ فِي كتابِ الفرقِ فِي بيانِ عقيدةِ أهلِ السُّـنّةِ: أجمعوا أنَّ عليّاً مصـيبٌ فِي قتالهِ أهلَ الجملِ: طلحةَ والزّبيرِ وعائشةَ بالبصرةِ، وأهلَ صِفّينٍ: معاويةَ وعسكرهُ. إنتهى [فيضُ القديرِ 6/474].

وهذا كلّهُ إذا لم نفسِّرِ العبارةَ الواردةَ فِي حديثِ الحوضِ نفسهِ: (فإذَا زُمرةٌ حتَّى إذا عرفتهُم خرجَ رجلٌ مِن بينِي وبينهِم فقالَ: هلمَّ فقلتُ: أينَ؟ قالَ: إلى النّارِ). [صحيحُ البخاريِّ 7:208]، بأنَّ المرادَ بالرّجلِ الذي يأخذُ هؤلاءِ الأصحابِ إلى النّارِ هوَ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ (عليهِ السّلامُ) نفسهُ، الذي يعدُّ قسيماً للنّارِ والجنّةِ.

جاءَ فِي "طبقاتِ الحنابلةِ" لأبِي يعلى: سمعتُ محمّداً بنَ منصورٍ يقولُ: كنَّا عندَ أحمدَ بنِ حنبلٍ، فقالَ لهُ رجلٌ: يَا أبا عبدِ اللهِ، مَا تقولُ فِي هذا الحديثِ الذي يُروى أنَّ عليّاً قالَ: "أنَا قسيمُ النّارِ"؟

فقالَ: وما تنكرونَ مِن ذا؟ أليسَ رَوينَا أنَّ النّبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) قالَ لعليٍّ: لا يحبُّكَ إلّا مؤمنٌ، ولا يبغضكَ إلّا منافقٌ؟

قلنَا: بلى.

قالَ: فأينَ المؤمنُ؟

قلنَا: فِي الجنّةِ.

قالَ: فأينَ المنافقُ؟

قلنَا: فِي النّارِ.

قالَ: فعليٌّ قسيمُ الجنّةِ والنّارِ.  [طبقاتُ الحنابلةِ 1:320].

وقالَ إبنُ حجرٍ المكِّيِّ فِي "الصّواعقِ المحرقةِ": (أخرجَ الدّارقطنِي: إنَّ عليّاً قالَ للسّتّةِ الذينَ جعلَ عمرُ الأمرَ شورى بينهُم كلاماً طويلاً مِن جملتهِ: أنشدكُم باللهِ، هَل فيكُم أحدٌ قالَ لهُ رسولُ اللهِ : يا عليُّ، أنتَ قسيمُ النّارِ والجنّةِ يومَ القيامةِ، غيرِي؟ قالوا: اللّهُمَّ لا. ومعناهُ ما رواهُ غيرهُ عَن عليٍّ الرّضا، أنّهُ قالَ لهُ: أنتَ قسيمُ الجنّةِ والنّارِ، فيومَ القيامةِ تقولُ للنّارِ: هذا لِي وهذا لكِ"). إنتهى [الصّواعقُ المحرقة 2:369].

وجاءَ عنِ القاضِي عيّاضٍ فِي فصلِ إخبارهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) عَن المغيّباتِ مِن كتابهِ "الشّفا": (وأخبرَ بملكِ بنِي أميّةَ، ... وقتلِ عليٍّ، وأنَّ أشقاهَا الذي يخضِّبُ هذهِ مِن هذهِ، أي لحيتهُ مِن رأسهِ، وأنّهُ قسيمُ النّارِ; يدخِلُ أولياءَهُ الجنّةَ وأعداءَهُ النّارَ). [الشّفا بتعريفِ حقوقِ المصطفى 1: 338]

ودمتُم سالِمينَ.