طريقُ الحقِّ صعبٌ مُستصعبٌ وأهلهُ قلّةٌ والبلاءُ ملازمٌ لهُم

علي أحمد- السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، لماذا شيعةُ أهلِ البيتِ عليهمُ السّلامُ يُعانونَ منذُ الأزلِ أقصَى الظّروفِ وأشدَّ الإبتلاءاتِ ؟ وإذا أخذنَا على سبيلِ المِثالِ شيعةَ العراقِ في الأزمنةِ الأخيرةِ فهُم قَد ذاقُوا المُرَّ وعانُوا منَ القتلِ وأشدِّ التّعذيبِ على يدِ صدّام وبعدَ ذلكَ عانُوا مِنَ السّيّاراتِ المُفخّخةِ والتّفجيراتِ و الفسادِ ثُمَّ أزمةُ داعشَ ولا زالَتِ الإبتلاءاتُ والمِحنُ تتوالى عليهِم إنَّ القلبَ ليتفطّرُ على ما عانوهُ وما يعانوهُ ويزدادُ همّاً وغمّاً عندَما يتذكّرُ أنَّ الرّسولَ نفسَهُ قاسَى وتألّمَ في حياتهِ وأهلُ البيتِ عليهمُ السّلامُ كذلكَ فهذا موسى بنُ جعفرٍ عليهِ السّلامُ في ظُلمِ الطّواميرِ أوليسَ اللهُ يدافعُ عنِ المُؤمنينَ؟ إنَّ الفردَ عندمَا يقرأُ عَن هذهِ المصائبَ يُصابُ بإحباطٍ شديدٍ ويعجزُ عَن تقديمِ العطاءِ في حياتهِ ويشعرُ بأنّهُ قَد كُتبَ عليهِ الألمُ والمُعاناةُ .. أجيبونَا رحمَكُم اللهُ

: الشيخ مقداد الربيعي

عليكمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ عندمَا نراجعُ القُرآنَ الكريمَ نجدُ أنَّ أكثرَ النّاسِ تكرهُ الحقَّ وتُحاربهُ وأنَّ القلّةَ  هيَ المُؤمنةُ وأنّهَا وحدَهَا التي تتحمّلُ أعباءَ الدّعوةِ للحقِّ والدّفاعِ عنهُ .  فانظُر إلى قولهِ تعالى : {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} يوسفَ : 103.وقولهِ تعالى : { َولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} هود :17 .وقولهِ تعالى : { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } المؤمنونَ : 70... إلى غيرِهَا منَ الآياتِ الكثيرةِ التي وردَت بكُرهِ الكثرةِ الكاثرةِ منَ النّاسِ للحقِّ.وفي المقابلِ نجدُ أنّ الذينَ يُؤمنونَ بالحقِّ ويمتثلونَ لهُ هُم فئةٌ قليلةٌ ، يقولُ تعالى : { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ : 13.ويقولُ تعالى : { وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ }هود : 14.ويقولُ تعالى : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} النّساءُ : 66.ومِن خلالِ هذهِ الحقيقةِ الخارجيّةِ التي صدعَ بهَا القرآنُ الكريمُ نفهمُ سببَ الظّلمِ وقسوتهُ  الذي تعرّضَ لهُ شيعةُ أهلِ البيتِ ( عليهمُ السّلامُ ) عبرَ التّأريخِ ؛ إذ كانَتِ الكثرةُ الكاثرةُ منَ الأمّةِ التي اغتصبَتْ حقَّ أهلِ البيتِ ( عليهمُ السّلامُ ) وخالفَتْ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) في لزومِ إتّباعِهِم وإطاعتِهِم كمَا جاءَ في حديثِ الثّقلينِ وغيرهِ ، تملكُ السّلطةَ والقوّةَ ، وهيَ التي لَم تتوانَ عَن قتلِ أئمّةِ أهلِ البيتِ ( عليهمُ السّلامُ ) وذبحِهِم وسمّهِم وسجنِهِم لَم تتردّد في إلحاقِ الأذى والتّنكيلِ بشيعتِهِم أينمَا كانُوا ، لكِن - كمَا قيلَ - للباطلِ جولةٌ وللحقِّ دولةٌ ، وإنَّ غداً لناظرهِ قريبٌ يومَ تُرفرفُ  رايةُ الهُدى في سماءِ الدّنيا لتملأ الأرضَ عدلاً وقِسطاً كمَا مُلئَتْ ظُلماً وجوراً .. إنّهُم يرونَهُ بعيداً ونراهُ قريباً .ودُمتُم سالِمينَ.