ثورةُ الحسينِ لم تمنعِ الأمويّينَ عن استمرارِهم في الظلم ؟!

: اللجنة العلمية

  لقد أشعلتِ الثّورةُ الحسينيّةُ الجذوةَ في قلوبِ المؤمنينَ بالتّصدي للطّغاةِ والظالمينَ أينما كانوا ، ومازالتْ تشكّلُ  نبراساً للأباةِ والأحرارِ في كلّ العالمِ ، فليسَ على الثّائرِ أنْ يحقّقَ الغرضَ المادّيَ من ثورتهِ بشكلٍ مباشرٍ ، بل قد يكونُ للبُعدِ المعنويّ من رفضِ الظّلمِ والاستشهادِ في سبيلِ اللهِ والقيَمِ النّبيلةِ أبلغُ الأثرِ في الدّنيا والآخرةِ ولو على المستوى البعيدِ ، على أنَّ المتتبّعَ لحوادثِ التّأريخِ يجدُ أنّ أغلبَ الثّوراتِ التي تلتْ ثورةَ الإمامِ الحسينِ ( عليهِ السّلامُ ) في العهدِ الأمويّ كانتِ الثّورةُ الحسينيّةُ  التي قامت على مبدأ الدفاع عن كرامة الإنسان وإبائه ، هي قدوتَها ومنارَها ، حتّى انتهتْ بإسقاطِ النّظامِ الأمويّ وإنهاءِ وجودهِ إلى الأبد . فالنّظامُ الأمويُّ كانتْ لهُ خطّةٌ محكمةٌ في هدمِ الدّينِ بدأها معاويةُ بحربهِ الباغيةِ ضدَّ أميرِ المؤمنينَ ( عليهِ السّلامُ ) ثمّ استمرَّ بشتمهِ لصحابةِ رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) على المنابرِ ثمّ تواصلَ بوضعِ الأحاديثِ المكذوبةِ على رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) كما يؤكّدُ ذلكَ جملةٌ منَ المؤرّخين .ذكرَ ابنُ أبي الحديدِ المعتزليّ في كتابهِ " شرحُ نهجِ البلاغةِ " : (( ذكرَ شيخُنا أبو جعفر الإسكافي رحمهُ اللهُ تعالى ... أنَّ معاويةَ وضعَ قوماً منَ الصّحابةِ وقوماً منَ التّابعينَ على روايةِ أخبارٍ قبيحةٍ في عليٍّ عليهِ السّلامُ ، تقتضي الطّعنَ فيهِ والبراءةِ منهُ ، وجعلَ لهم على ذلكَ جعلاً يرغبُ في مثلهِ ، فاختلقوا ما أرضاهُ ، منهم أبو هريرةَ وعمرو بنُ العاصِ والمغيرةُ بنُ شعبةَ ، ومنَ التّابعينَ عروةُ بنُ الزّبير)) [ شرحُ نهجِ البلاغة 4: 63]هذا ، وقد أخرجَ الهيثميُّ والحاكمُ وصحّحهُ ووافقهُ الذّهبيُّ ، والبوصيريُّ وحسّنهُ ، عن أبي برزةَ الأسلميّ ، قالَ : كانَ أبغضَ الأحياءِ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم بنو أميّةَ وبنو حنيفةَ وثقيف [ المستدرك 4 / 481 قالَ الحاكمُ : هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشّيخينِ ولم يخرجاهُ ووافقهُ الذّهبيُّ . وأخرجهُ البويصريُّ في مختصرِ إتحافِ السّادةِ المتّقين 9 - 10 / 202 ، ورُويَ عنهُصلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم أنّهُ قال : ( وشرُّ قبائلِ العربِ بنو أميّةَ ) ، قالَ البويصريُّ : رواهُ أبو يَعلىالموصليّ بإسنادٍ حسنٍ . مجمعُ الزّوائد 10 / 71 وقالَ : رواهُ أحمدُ وأبو يَعلى . . . وكذلكَ الطبرانيُّ، ورجالُهم رجالُ الصّحيحِ غيرَ عبدِ اللهِ بنِ مطرفٍ بنِ الشّخيرِ وهو ثقةٌ ].وأخرجَ  الحاكمُ والبوصيريُّ وحسّنهُ والهيثميُّ والبيهقيُّ وابنُ حجرٍ عن أبي سعيدٍ الخدري ، قالَ :قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم : إذا بلغَ بنو أبي العاصِ  ثلاثينَ رجلاً اتّخذوا مالَ اللهِدولاً  ، ودينَ اللهِ دغلاً  ، وعبادَ اللهِ خولاً  . [  المستدركُ 4 / 480 . مجمعُ الزّوائدِ 5 / 243 إلّا أنّهُ قالَ : بنو أبي الحكمِ . وقالَ : رواهُ الطّبرانيُّ ، وفيهِ ابنُ لهيعةَ وفيهِ ضعفٌ ، وحديثهُ حسنٌ . دلائلُ النّبوةِ 6 / 507 . مختصرُ إتحافِ السّادةِ المتّقين 10 / 505 وقال : رَواهُ أبو يَعلى بسندٍ صحيحٍ . المطالبُ العاليةُ 4 / 332 . البدايةُ والنّهاية 6 / 248 ].فكلُّ هذا النّظامِ الطاغوتيّ الأمويّ أنهى وجودَهُ الإمامُ الحسينُ ( عليهِ السّلامُ ) بثورتهِ العظيمةِ حتّى باتَ ذِكْرُ الأمويّينَ ويزيدَ سُبّةً على مرّ التّأريخِ لموقفِهم الشّنيعِ منَ الإمامِ الحسينِ ( عليهِ السّلامُ ) ، يقولُ  الذّهبيُّ في ترجمتهِ ليزيدَ ( عليهِ لعائنُ الله )  في "سِيَرِ أعلامِ النّبلاء": (( كانَ ناصبياً ، فظّاً ، غليظاً ، جلفاً ، يتناولُ المسكرَ ، ويفعلُ المنكرَ . افتتحَ دولتهُ بمقتلِ الشّهيدِ الحسينِ ، واختتمَها بواقعةِ الحرّةِ ، فمقَتَهُ النّاسُ ، ولم يُباركْ في عمرهِ ، وخرجَ عليهِ غيرُ واحدٍ بعدَ الحسينِ ، كأهلِ المدينةِ قاموا للهِ ، وكمرداسِ بنِ أدية الحنظليّ البصريّ ، ونافعٍ بنِ الأزرق ، وطرّافٍ بنِ معلى السّدوسيّ ، وابنِ الزّبيرِ بمكةَ )) [ سِيَرُ أعلامِ النّبلاء 4: 37]وجاءَ عن الإمامِ الآجريّ في كتابهِ "الشّريعة" قولهُ : (( على منْ قتلَ الحسينَ بنَ عليٍّ لعنةُ اللهِ ولعنةُ اللّاعنينَ ، وعلى منْ أعانَ على قتلهِ ،وعلى منْ سبَّ عليّ بنَ أبي طالبٍ أو سبَّ الحسينَ و آذى فاطمةَ في ولدِها أو آذى أهلَ بيتِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وسلّم )، فعليهِ لعنةُ اللهِ وغضبهُ ، لا أقامَ اللهُ الكريمُ لهُ وزناً،ولا نالتهُ شفاعةُ محمّدٍ ( صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ) )) [ كتابُ الشّريعة 5 : 2183]ودُمتُم سالِمين