هل قول يا علي ارزقني او يا علي اشفني شرك كما يدعي النواصب؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ 

عليكمُ السّلامُ ورحمةُ الله وبركاته : 

لَم يخالِف في أنَّ هذا القولَ لا يُستلزَمُ منهُ الشّركُ إلا حفنةٌ مِن أتباعِ إبنِ تيميّة وإبنِ عبدِ الوهّاب، وإذا طالعتَ تُراثَ المُسلمينَ بإختلافِ مشاربِهم وجدتَ أنَّ توسّلَ النّاسِ بالصّالحينَ مِمّا لا شائبةَ به، ولنذكُر على ذلكَ شاهدين: 

1 ـ أخرجَ الإمامُ أحمدُ وغيرُه بسندٍ صحيحٍ عَن عُثمان بنِ حنيفٍ أنَّ رجُلاً ضريرَ البصرِ أتى النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، فقالَ : اِدعُ اللهَ أن يُعافيني. فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ : (إن شئتَ دعوتُ لكَ ، وإن شئتَ أخّرتُ ذاكَ ، فهوَ خيرٌ لكَ. وفي روايةٍ : (وإن شئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لك) ، فقالَ : اِدعهُ. فأمره أن يتوضّأَ ، فيُحسنَ وضوءَه ، فيُصلّي ركعتين ، ويدعو بهذا الدّعاءِ : اللّهمَّ إنّي أسألُك ، وأتوجّهُ إليكَ بنبيّكَ محمّدٍ نبيّ الرّحمةِ، يا محمّدُ إنّي توجّهتُ بكَ إلى ربّي في حاجتي هذه ، فتُقضى لي ، اللّهمَّ فشفّعهُ فيَّ وشفّعني فيه) . قالَ : ففعلَ الرّجلُ فبرء. 

فلو كانَ قولُ يا مُحمّدُ و يا عليُّ أو يا حُسينُ يُستلزمُ منهُ الشّركُ فكيفَ كانَ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يُعلّمُ هذا الرّجلَ الشّرك؟ 

2 ـ وهذا الفعلُ مِمّا كانَ الصّحابةُ يفعلونَه ويُعلّمونَه، فعَن أبي أُمامةَ بن سهلٍ بن حنيفٍ عَن عمّهِ عثمانَ بنِ حنيفٍ : أنَّ رجُلاً كانَ يختلفُ إلى عُثمانَ بنِ عفّانٍ رضيَ اللهُ عنهُ في حاجةٍ له فكانَ عثمانُ لا يلتفتُ إليه ولا ينظرُ في حاجتِه فلقيَ إبنَ حنيفٍ فشكى ذلك إليهِ فقالَ له عثمانُ بنُ حنيفٍ : اِئتِ الميضأةَ فتوضّأ ثُمَّ اِئتِ المسجدَ فصلِّ فيهِِ ركعتينِ ثُمّ قُل : اللّهمَّ إنّي أسألُكَ وأتوجّهُ إليكَ بنبيّنا مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّم نبيّ الرّحمةِ يا محمّد إنّي أتوجّهُ بكَ إلى ربّي فتُقضى لي حاجتي. وتذكرُ حاجتكَ وروِّح حتّى أروّحَ معَك فانطلقَ الرّجلُ فصنعَ ما قالَ له ثمّ أتى بابَ عُثمان بنِ عفانٍ رضيَ اللهُ عنه فجاءَ البوّابُ حتّى أخذَ بيدِه فأدخلَه على عُثمانَ بنِ عفّانٍ رضيَ اللهُ عنهُ فأجلسَه معهُ على الطّنفسةِ فقالَ : حاجتُكَ فذكرَ حاجتَه وقضاها لهُ ثمّ قالَ لهُ : ما ذكرتَ حاجتَك حتّى كانَ السّاعةَ وقالَ : ما كانَت لكَ مِن حاجةٍ فأذكُرها ثمَّ إنَّ الرّجلَ خرجَ مِن عندِه فلقيَ عُثمانَ بنَ حنيفٍ فقالَ لهُ : جزاكَ اللهُ خيراً ما كان ينظرُ في حاجتي ولا يلتفتُ إليّ حتّى كلّمتُه فيّ فقالَ عثمانُ بنُ حنيفٍ : واللهِ ما كلمتُه ولكنّي شهدتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وأتاهُ ضريرّ فشكى إليهِ ذهابَ بصرِه فقالَ لهُ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم : فتبصّرَ فقالَ : يا رسولَ اللهِ ليسَ لي قائدٌ وقد شقَّ عليّ فقالَ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم : اِئتِ الميضأةَ فتوضّأ ثُمّ صلِّ ركعتينِ ثمّ ادعُ بهذهِ الدّعواتِ قالَ إبنُ حنيفٍ : فو اللهِ ما تفرّقنا وطالَ بنا الحديثُ حتّى دخلَ علينا الرّجلُ كأن لَم يكُن بهِ ضرّ قط. 

المعجمُ الكبيرُ – الطّبرانيّ 9 / 30.