ما الفائدة من رواية الاحاديث الضعيفة (لا موضوعة) هل له قيمة علمية؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ 

ليسَ كلُّ ضعيفِ الإسنادِ متروكٌ 

قُلنا : إتّفقَ عُلماءُ النّقدِ ، منَ الفريقينِ سُنّةً وشيعةً ، أنَّ الحديثَ المَرويَّ عَنِ المعصومِ عليهِ السّلامُ بإسنادٍ ضعيفٍ ، على ثلاثةِ أقسامٍ :  

القسمُ الأوّلُ : ما كانَ راويهِ كذّاباً ، أو صاحبَ بدعةٍ شنيعةٍ ، وهذا معَ التّفرّدِ ساقطٌ واهٍ ، لا حُجيّةَ فيهِ إجماعاً . 

القسمُ الثّاني : ما كانَ راويهِ ضعيفاً ، غيرَ مطعونٍ بالكذبِ والبدعةِ الشّنيعةِ ؛ فهذا إن شهدَت لهُ القرينةُ ، مِن عقلٍ ، أو إجماعٍ ، أو شُهرةٍ مُعتبرةٍ ، فخبرُه حُجّةٌ للقرينةِ ، وإلاّ فلا حُجّيّةَ فيما يروي الضّعيف . 

القسمُ الثّالثُ : ما كانَ راويهِ ضعيفاً ، غيرَ مطعونٍ بالكذبِ والبدعةِ الشّنيعةِ ، لكِن لمَّا روى أكثرَ مِن طريقٍ ضعيفٍ ، ليسَ فيها صحيحٌ ، رواها غيرُه منَ الضّعفاءِ غيرِ المطعونينَ بالكذبِ . 

فهذا الخبرُ ينظرُ إلى كثرةِ طُرقِه الضّعيفةِ ؛ فإنْ حقّقَت هذهِ الكثرةُ الإطمئنانَ بالصّدورِ ، فالخبرُ حُجّةٌ بِاتّفاقِ علماءِ النّقدِ منَ الفريقينِ سُنّةً وشيعةً . 

قالَ السّيّدُ الخُوئيّ رضيَ اللهُ عنهُ ، في الرّواياتِ المادحةِ للحبرِ إبنِ عبّاسٍ :  نحنُ وإنْ لَم نظفَر بروايةٍ صحيحةٍ مادحةٍ ، وجميعُ ما رأيناهُ منَ الرّواياتِ في إسنادِها ضعفٌ ، إلاّ أنَّ اِستفاضتَها أغنَتنا عنِ النّظرِ في إسنادِها ، فمِنَ المُطمأنِّ بهِ صدورُ بعضِ هذهِ الرّواياتِ عَنِ المَعصومينَ إجمالاً. مُعجمُ رجالِ الحديث 11: 250. الطّبعةُ الخامسةُ سنةَ 1992م. 

وقالَ الإمامُ الشّافعيُّ النّوويّ : وهذهِ وإن كانَت أسانيدُ مُفرداتُها ضعيفةٌ، فمجموعُها يقوّي بعضُه بعضاً، ويصيرُ الحديثُ حسناً ويُحتجُّ بهِ، وسبقَهُ البيهقيّ في تقويةِ الحديثِ بكثرةِ الطّرقِ الضّعيفةِ. فتحُ المُغيثِ ، شرحُ ألفيّةِ الحديثِ (ت: علي حسين) 1: 94 . مكتبةُ السّنّةِ ، مصر. 

وقالَ إبنُ تيميّة (728هـ): قد يكونُ الرّجلُ عندَهم ضعيفاً ؛ لكثرةِ الغلطِ في حديثِه ، فيروونَ عنهُ لأجلِ الإعتبارِ بهِ، فإنَّ تعدّدَ الطّرقِ، وكثرتَها يُقوّي بعضُها بعضاً ، حتّى قَد يحصلُ العلمُ بهَا. مجموعُ الفتاوى (ت: عبدُ الرّحمنِ قاسم) 18: 26. مجمَع الملِك ، فهد . 

الحاصِلُ: نحنُ لا نحتجُّ بالأخبارِ ضعيفةِ الإسنادِ إطلاقاً ، إلاّ إذا تكثّرَت طُرقُها ، إلى ما يوجبُ الإطمئنانَ بصدورِها ، أو إنجبرَت بقرائنِ القبولِ كالشّهرةِ ونحوِها ، وعلى هذا في الجُملةِ ، عُلماءُ الفريقينِ سُنّةً وشيعة.