الجوابُ: لو ذُكرَ لفظُ النّبيّ مكانَ لفظِ مُحمّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآله), لما استقامَ الكلامُ , ولصارَ هُناكَ خللٌ واضحٌ في سياقِ الآيةِ, إذ في مثلِ هذهِ الحالةِ سيكونُ منطوقُ الآيةِ بناءً على المطلوبِ في سؤالِكُم هكذا: (وما النّبيّ إلّا رسولٌ قد خلَت مِن قبلِه الرّسلُ)؟!!. وهذا الكلامُ كما ترى لا يصحُّ مِن عامّيٍّ ! فما بالُكَ بكلامِ اللهِ تعالى المُعجزِ الذي تحدّى بهِ قُريشاً وهُم أهلُ البيانِ والفصاحةِ والبلاغةِ؟ وعليهِ فالكلامُ في الآيةِ الشّريفةِ كلامٌ سليمٌ جارٍ وِفقَ القواعدِ النّحويّةِ والبلاغيّةِ العاليةِ, ولا غُبارَ عليهِ , عندَ جمهورِ العُلماءِ مِن كافّةِ المذاهبِ الإسلاميّةِ. زِد على ذلكَ أنَّ أهلَ العلمِ وخصوصاً النّحويّينَ منهُم نبّهوا على أنَّ الكلامَ العربيَّ عموماً وكلامَ القرآنِ خصوصاً الذي يحسنُ السّكوتُ عليه ويُرادُ منهُ معنىً مُعيّناً إن وُجِدَ فيهِ الصّفة , فلا بُدَّ لها من موصوفٍ تخبرُ عنهُ, وهذا الموصوفُ لا ينبغي أنْ يكونَ صفةً أخرى , لأنَّ الصّفةَ لا تُخبرُ عَن صفةٍ أُخرى , ونحنُ لَـمّا وجدنا في هذهِ الآيةِ كلمةَ (رسولٍ) التي تُمَثِّلُ الصّفةَ , فهُنا لا بُدَّ لها مِن موصوفٍ تُخبرُ عنهُ, وهذا الموصوفُ لا يصحُّ أنْ يكونَ كلمةَ (نبيّ) لأنّها صفةٌ أُخرى لموصوفٍ تنطبقُ عليهِ النّبوّةُ, بَل لا بُدَّ أنْ يكونَ الموصوفُ في هذا الموضعِ اسمَ علمٍ لشخصٍ ينبغي أنْ يصحَّ وصفُه بأنّهُ مُرسَلٌ, لكَي تتطابقَ الصّفةُ معَ الموصوفِ, وليسَ هُناكَ مِن شخصٍ تنطبقُ عليهِ هذهِ الصّفةُ وتخبرُ عنهُ في هذا الموضعِ منَ الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1).
وقال ابن منظور: الآية: (سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن))(2).
إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3).
المزيدإلّا شخصُ مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله. ودُمتم سالِمين.