لماذا يحرم قول اسم الإمام المهدي في غيبته؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله: إنَّ السّببَ في النّهي عَن ذكرِ اسمِ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه) ظاهرٌ في كثيرٍ منَ الرّواياتِ التي بيّنَت ذلكَ والتي منها, ما رواهُ ثقةُ الإسلامِ الكُلينيّ في الكافي (1/333): بسندِه عن عليٍّ بن محمّدٍ ، عَن أبي عبدِ اللهِ الصالحيّ قالَ : سألَني أصحابُنا بعدَ مُضيّ أبي محمّدٍ عليهِ السّلام أن أسألَ عنِ الإسمِ والمكانِ ، فخرجَ الجوابُ : إنْ دللتَهُم على الإسمِ أذاعوه, وإنْ عرفوا المكانَ دلّوا عليه. وكذلكَ ما رواهُ الكُلينيّ في الكافي (1/333): بسندِه عَن محمّدٍ بنِ يحيى ، عَن محمّدٍ بنِ الحُسينِ ، عنِ الحسنِ بنِ محبوبٍ ، عَن إبنِ رئابٍ عَن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام قالَ : صاحبُ هذا الأمرِ لا يُسمّيهِ باسمِه إلّا كافرٌ. 

وفي حديثٍ ثالثٍ في الكافي (1/330): بسندِه عَن محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ ومحمّدٍ بنِ يحيى جميعاً ، عَن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ الحميريّ قالَ : إجتمعتُ أنا والشّيخُ أبو عمرو رحمهُ اللهُ عندَ أحمدَ بنِ إسحاق فغمزني أحمدُ بنُ إسحاقَ أن أسألَه عنِ الخلفِ, فقلتُ له: يا أبا عمرو إنّي أريدُ أن أسألكَ عَن شيءٍ وما أنا بشاكٍّ فيما أريدُ أن أسألكَ عنهُ ، فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرضَ لا تخلو مِن حُجّةٍ إلّا إذا كانَ قبلَ يومِ القيامةِ بأربعينَ يوماً، فإذا كانَ ذلكَ رُفعَت الحُجّةُ, وأُغلقَ بابُ التّوبةِ فلَم يكُ ينفعُ نفساً إيمانُها لم تكُن آمنَت مِن قبلُ أو كسبَت في إيمانِها خيراً ، فأولئكَ أشرارٌ مِن خلقِ اللهِ عزَّ وجلَّ وهُم الذينَ تقومُ عليهم القيامةُ, ولكنّي أحببتُ أن أزدادَ يقيناً وإنَّ إبراهيمَ عليه السّلام سألَ ربّهُ عزَّ وجلَّ أن يُريَهُ كيفَ يِحيي الموتى ، قالَ: أولَم تؤمِن قالَ : بلى ولكِنْ ليطمئنَّ قلبي ، وقَد أخبرني أبو عليٍّ أحمدُ بنُ إسحاقَ ، عَن أبي الحسنِ عليه السّلام قالَ : سألتُه وقلتُ: مَن أعاملُ أو عمَّن آخذُ ، وقولُ مَن أقبَل ؟ فقالَ لهُ : العمريّ ثقتي فما أدّى إليكَ عنّي فعنّي يؤدّي, وما قالَ لكَ عنّي, فعنّي يقولُ ، فاسمَعْ لهُ وأطِعْ ، فإنّهُ الثّقةُ المأمونُ ، وأخبرني أبو عليٍّ أنّهُ سألَ أبا محمّدٍ عليهِ السّلام عَن مثلِ ذلكَ ، فقالَ لهُ : العمريّ وابنُه ثقتانِ ، فما أدّيا إليكَ عنّي فعنّي يؤدّيانِ, وما قالا لكَ فعنّي يقولانِ ، فاسمَع لهُما وأطعهُما فإنّهما الثّقتانِ المأمونانِ ، فهذا قولُ إمامينِ قَد مضيا فيكَ . قالَ : فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثُمَّ قالَ : سَل حاجتَك فقلتُ له : أنتَ رأيتَ الخلفَ مِن بعدِ أبي محمّدٍ عليهِ السّلام ؟ فقالَ : إي واللهِ ورقبتُه مثلَ ذا - وأومأ بيدِه - فقلتُ لهُ: فبقيَت واحدةٌ فقالَ لي : هاتِ ، قلتُ : فالإسمُ ؟ قالَ : مُحرّمٌ عليكُم أن تسألوا عَن ذلكَ ، ولا أقولُ هذا مِن عندي ، فليسَ لي أن أحلّلَ ولا أحرّمَ ، ولكنْ عنهُ عليه السّلام ، فإنَّ الأمرَ عندَ السّلطانِ ، أنَّ أبا محمّدٍ مضى ولَم يُخلف ولداً, وقُسِمَ ميراثُه وأخذَه مَنْ لا حقَّ لهُ فيه, وهو ذا ، عيالُه يجولونَ ليسَ أحدٌ يجسرُ أن يتعرّفَ إليهم أو يُنيلَهُم شيئاً، وإذا وقعَ الاسمُ وقعَ الطّلبُ ، فاتّقوا اللهَ وأمسكوا عَن ذلكَ. قلتُ: وقد وجّهَ علماؤنا هذهِ الأخبارَ بأنّها دالّةٌ على إختصاصِ النّهي بالخوفِ وترتّبِ المفسدةِ على ذكرِ إسمِه الشّريفِ, وقد ذكرَ الشّيخُ الحرُّ العامليّ فائدةً في حملِ هذهِ الأخبارِ على التّقيّةِ والخوفِ, في كتابِه وسائلُ الشّيعةٍ (16/240) بأن قالَ:  ولكنَّ التّقيّةَ في هذهِ المُدّةِ لا تشملُ جميعَ الأشخاصِ والأماكنِ . قلتُ: أرادَ بذلكَ التّنبيهَ على أنَّ زمانَ التّقيّةِ ومكانَها لا يشملانِ جميعَ الأشخاصِ والأماكنِ, كيفَ وقَد عُرفَ باسمهِ الشّريفِ مِن خواصِّ أبي محمّدٍ العسكريّ عليهِ السّلام, ومِن خواصِّ الحُجّةِ المُنتظَرِ (عجّلَ اللهُ فرجهُ), ومِن أهلِ بيتِه المُقرّبينَ في أزمنةٍ مُختلفةٍ وأماكنَ مُتفرّقةٍ. كما هوَ واضحٌ منَ الأخبارِ الواردةِ في هذا الصّددِ. ودمتُم سالمينَ.