ما هو راي العلماء في كتاب سليم ابن قيس الهلالي؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله : 

 

 هناكَ رأيانِ أساسيّانِ حولَ الكتابِ المذكور. 

 

الأوّلُ: ثبوتُ نسبةِ الكتابِ لسُليمٍ بنِ قيس، والإعتناءِ بهِ، والإهتمامِ بما جاءَ فيه. وهوَ ما أختارَهُ الشّيخُ النّعمانيّ في كتابِه الغيبة (ص102), إذ يقولُ: (وليسَ بينَ جميعِ الشّيعةِ فيمَن حملَ العلمَ ورواهُ عنِ الأئمّةِ خلافٌ في كتابِ سُليمٍ بنِ قيسٍ الهلاليّ, أصلُه مِن أكبرِ كتبِ الأصولِ التي رواها أهلُ العلمِ وحملةُ حديثِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) وأقومِها,لأنَّ جميعَ ما اشتملَ عليهِ هذا الأصلُ إنّما هوَ عَن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله) وأميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) وسلمانَ والمقدادِ وأبي ذرٍّ, ومَن جرى مجراهُم ممَّن شهدَ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله) وأميرَ المؤمنينَ وسمعَ منهم وهوَ منَ الأصولِ التي ترجعُ الشّيعةُ إليها ويُعوَّلُ عليها).   

 

والثّاني: عدمُ ثبوتِ نسبةِ الكتابِ لسُليمٍ بنِ قيسٍ، فلا ينبغي الإعتناءُ به، والإهتمامُ بما جاءَ فيه. وهذا ما ذهبَ إليه الشّيخُ المفيدُ (قدّس), وابنُ الغضائريّ (ره), فأمّا الشّيخُ المفيدُ (قدّس) فإنّهُ في مقامِ الرّدِّ على الشّيخِ أبي جعفرٍ الصّدوقِ صرّحَ في آخرِ كتابِ تصحيحِ الإعتقادِ قائِلاً: وأمّا ما تعلّقَ بهِ أبو جعفرٍ (ره) مِن حديثِ سُليمٍ الذي رجعَ فيهِ إلى الكتابِ المُضافِ إليهِ بروايةِ أبان بنِ أبي عيّاش، فالمعنى فيهِ صحيحٌ، غيرَ أنَّ هذا الكتابَ غيرُ موثوقٍ به، ولا يجوزُ العملُ على أكثرِه، وقد حصلَ فيه تخليطٌ وتدليسٌ، فينبغي للمُتديّنِ أن يجتنبَ العملَ بكلِّ ما فيهِ، ولا يعوّلَ على جُملتِه والتّقليد لرواتِه، وليفزعَ إلى العُلماءِ فيما تضمّنَه منَ الأحاديثِ, ليوقفوهُ على الصّحيحِ منها والفاسدِ، واللهُ المُوفّقُ للصّوابِ. وأمّا الشّيخُ ابنُ الغضائريّ فإنّهُ ذهبَ إلى عدمِ ثبوتِ نسبةِ الكتابِ إلى سُليمٍ، وأنّهُ موضوعٌ، إذ قالَ (ره) في ترجمةِ سُليمٍ: والكتابُ موضوعٌ لا مريةَ فيهِ، وعلى ذلكَ علاماتٌ تدلُّ على ما ذكرنا. منها: ما ذُكرَ أنّ محمّداً بنَ أبي بكرٍ وعظَ أباهُ عندَ الموتِ, ومنها: أنَّ الأئمّةَ ثلاثةُ عشر، وغيرُ ذلك. وأسانيدُ هذا الكتابِ تختلفُ تارةً بروايةِ عُمرَ بنِ أذينة، عَن إبراهيمَ بنِ عُمر الصّنعانيّ، عَن أبان بنِ أبي عيّاشٍ، عن سُليم. وتارةً يروي عمرُ عَن أبانَ بلا واسطةٍ. ثُمَّ إنَّ بعضَ العُلماءِ مِـمَّن تولّوا مهمّةَ تحقيقِ كتابِ سُليم قد بيّنوا أنّ أصلَ الكتابِ قد رواهُ أبانُ بنُ أبي عيّاشٍ عن سُليمٍ بنِ قيسٍ الهلاليّ, ولم يروِه عنهُ غيرُه كما جاءَ ذلكَ في فهرستِ ابنِ النّديمِ ص276, إذ قالَ : «سليمٌ بنُ قيسٍ مِن أصحابِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) وكانَ هارِباً منَ الحجّاجِ لأنّهُ طلبَهُ ليقتلَه فلجأ إلى أبانَ بنِ أبي عيّاشٍ فآواهُ فلمّا حضرتهُ الوفاةُ قالَ لأبانَ إنّ لكَ عليَّ حقّاً, وقد حضرتني الوفاةُ يا ابنَ أخي إنّه كانَ مِن أمرِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) كيتَ وكيت وأعطاهُ كتاباً وهوَ كتابُ سُليمٍ بنِ قيسٍ المشهورِ رواهُ عنهُ أبانُ بنُ أبي عيّاشٍ ولم يروِه عنهُ غيرُه . . وهوَ أوّلُ كتابٍ ظهرَ للشّيعةِ. وقد نقلَ هذا الكلامَ أيضاً العلّامةُ الحلّيُّ عنِ السّيّدِ عليٍّ بنِ أحمدَ العقيقيّ في كتابِه خُلاصةُ الأقوالِ في ترجمةِ سُليمٍ بنِ قيسٍ الهلاليّ, فينتجُ مِن ذلكَ أنَّ أصلَ الكتابِ إذا كانَ طريقُه مُنحصِراً بأبانَ بنِ أبي عيّاشٍ فلا يُعتمَدُ عليهِ أصلاً, لأنَّ أبانَ بنَ أبي عيّاشٍ قدِ إتّفقَت كلماتُ نُقّادِ الحديثِ على أنّهُ ضعيفٌ, إذ ضعّفهُ المفيدُ والطّوسيّ والنّجاشيّ وابنُ الغضائريّ, وقد حاولَ بعضُ العلماءِ أنْ يُثبتَ طريقاً آخرَ للكتابِ عَن إبراهيمَ بنِ عُمرَ اليمانيّ وهوَ ثقةٌ على ما يظهرُ, لكنْ تبيّنَ أنّ الطّريقَ المُوصلَ إلى ابنِ عُمر اليمانيّ يمرُّ عن طريقِ محمّدٍ بنِ عليّ الصّيرفيّ وهوَ ضعيفٌ جدّاً, فلا يثبتُ إعتبارٌ لهذا الكتابِ لهذهِ الجهةِ كما ذهبَ إلى ذلكَ الشّيخُ مُسلمٌ الدّاوريّ في كتابِه (أصولُ علمِ الرّجالِ ج1/ص490). 

 

وفي مقابلِ ذلكَ ذهبَ العلّامةُ التّستريّ (رحمَه اللهُ) إلى رأيٍّ آخرَ في ترجمةِ أبانَ بنِ أبي عيّاشٍ جاءَ فيه: «والحقُّ في كتابِ سُليمٍ بنِ قيسٍ أنَّ أصلَه كانَ صحيحاً قَد نقلَ عنهُ الأجلّةُ المشايخِ الثّلاثة والنّعمانيّ والصّفّار وغيرُهم ، إلّا أنّهُ حدثَ فيهِ تخليطٌ وتدليسٌ منَ المُعاندينَ, فالعدوّ لا يألو خبالاً كما عرفتَ منَ المُفيدِ ، لا كما قالَ إبنُ الغضائريّ مِن كونِ الكتابِ موضوعاً لخبرِ وعظِ محمّدٍ بنِ أبي بكرٍ أباهُ، فالكتابُ الموضوعُ إن إشتملَ على شيءٍ صحيحٍ يكونُ في الأقلّيّةِ كما في التّفسيرِ الذي إفتروهُ على العسكريّ (عليه السّلام) ، والكتابُ بالعكسِ ، بل لم نقِف فيه على كذبٍ مُحقّقٍ سوى خبرِ الوعظِ ، أمّا خبرُ عددِ الأئمّةِ فقَد عرفتَ أنّهُ سوءُ تعبيرٍ مِن بعضِ الرّواةِ ، ووقوعُ أخبارٍ خمسةٍ مثلِه في الكافي ، وحينئذٍ فلا بدَّ أن تُراعى القرائنُ في أخبارِه كما عرفتَ منَ المفيدِ». هذا خلاصةُ ما عندَنا عَن كتابٓ سِليمٍ بنِ قيسٍ الهلاليّ. ودمتُم سالِمينَ.