هل تنصيب عمر ابن الخطاب خليفة على المسلمين بالشورى ام تنصيب ؟مع ذكر الادله

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

قَد صوّرَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) وبأروعِ الكلماتِ ما جرى في شأنِ الخلافةِ بعدَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله) في خُطبتِه الشّقشقيّةِ، حيثُ بدأها بقولِه: (أمَا وَاللَّهِ لَقَد تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافة وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ) حيثُ أثبتَ بهذهِ الكلماتِ أنَّ الخليفةَ الأوّلَ قَد تقمّصَ قميصاً ليسَ له، معَ علمِه بأنَّ مقامَ الخلافةِ خاصٌّ بأميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام)، وبذلكَ يكونُ قَد نزعَ الشّرعيّةَ مِن مسارِ الخُلفاءِ مِن غيرِ أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) وقَد أشارَ في خُطبتِه إلى قولةٍ مشهورةٍ للخليفةِ الأوّلِ وهوَ قولُه (أقيلوني فلستُ بخيرِكُم) وهوَ إعترافٌ بعدمِ أهليّتِه لِهذا المقامِ، حيثُ قالَ أميرُ المُؤمنينَ: (فَيَا عَجَباً بَيْنمَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ) فمُطالبتُه بالإستقالةِ دليلٌ على أنَّ الخلافةَ ليسَت حقَّهُ، إذ كيفَ يستقيلُ مِن حقِّه الذي أوجبَهُ اللهُ له، ومعَ ذلكَ نجدُه يعهدُ بها في مرضِ موتِه إلى الخليفةِ الثّاني، الأمرُ الذي يُؤكّدُ على أنَّ هُناكَ إتّفاقاً بينَهُما بأن يدفعَ الثّاني الأوّلَ للخلافةِ على أن يرُدَّها له فيما بعد وهذا ما قالَهُ أميرُ المؤمنينَ في خُطبتِه (لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلمُهَا وَيَخْشُنُ مَسُّهَا وَيَكْثُرُ العِثَارُ فِيهَا وَالِاعْتِذَارُ مِنْهَا) حيثُ شبّهَ الخلافةَ بناقةٍ لها ضرعانِ، أخذَ كلُّ واحدٍ منهُما ضِرعاً مِنها إقتساماً للفائدةِ وقد قالَ الإمامُ (عليه السّلام) لعُمرَ بعدَ بيعةِ أبي بكرٍ: أحلبُ حلباً لكَ شطرُه، أشدُد لهُ اليومَ يردُّه عليكَ غداً، وهذا ما حصلَ بالفعلِ، أمّا قولُه فصيّرَها في حوزةٍ خشناء فيه إشارةٌ لِما إتّصفَ بهِ الثّاني منَ الغلظةِ والجفاءِ، وقَد أكّدَت مصادرُ التّاريخِ وكتبُ السّيرِ مُجرياتِ أحداثِ الخلافةِ كما أشارَت إليهِ هذهِ الخُطبةُ، إبتداءً مِن سقيفةِ بني ساعدة وما جرى فيها مِن نزاعٍ، ومروراً بالمرسومِ الذي أصدرَهُ الخليفةُ الأوّلُ بتعيينِ عُمر بنِ الخطّابِ خليفةً على المُسلمينَ وقَد خالفَ بذلكَ وصيّةَ النّبيّ للأئمّةِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) كما خالفَ ما إفترضوهُ على أنفُسِهم بأن يكونَ الأمرُ شورى بينَ المُسلمينَ، فقَد جاءَ في الكاملِ في التّاريخِ أنَّ أبو بكرٍ دعا عُثمانَ بنَ عفّان فقالَ لهُ: "اكتُب: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، هذا ما عهِدَ أبو بكرٍ بنُ أبي قُحافةَ إلى المُسلمينَ، أمّا بعدُ... لكِن أُغميَ عليهِ في تلكَ اللّحظةِ قبلَ أن يُكملَ كلامَه، فكتبَ عُثمان: "أمَّا بعدُ فإنّي َقد إستخلفتُ عليكُم عمرَ بنَ الخطّابِ ولَم آلكُم خيراً". وعندَما إستيقظَ أبو بكرٍ مِن إغماءتِه قالَ لعُثمان: "إقرأ عليَّ"، فقرأ عُثمان، وعندَما إنتهى كبَّرَ أبو بكرٍ وقالَ: "أراكَ خِفتَ أن يختلفَ النّاسُ إن مُتُّ في غشيتي؟"، قالَ: "نعم"، فقالَ: "جزاكَ اللهُ خيراً عنِ الإسلامِ وأهلِه" (الكاملُ في التّاريخِ ج2، ص 425) وعليهِ فإنَّ خلافةَ عُمر لَم تكُن بالشّورى وإنّما كانَت بتعيينٍ خاصٍّ مِن أبي بكر.