ما هي أهم أدلة الإمامة؟

لماذا تم الاعتماد على المناقب والوراثة بعد النص في اختيار الامام عند الاثنا عشرية

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

 

منَ الواضحِ أنَّ الإمامةَ عهدُ اللهِ يؤتيهِ مَن يشاءُ مِن عبادِه، فهيَ بذلكَ تدورُ مدارَ النّصِّ وجوداً وعدماً، وقَد صرّحَت الآياتُ القُرآنيّةُ بذلكَ مثلَ قولِه تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ) فقولُه (لا ينالُ عهدي) دليلٌ واضحٌ وصريحٌ على أنَّ الإمامةَ عهدٌ منَ اللهِ تعالى غيرُ خاضعٍ للذّوقِ واختيارِ النّاس، وقَد قالَ الإمامُ الصّادقُ (عليهِ السّلام) في هذهِ الآيةِ: (إنَّ اللّهَ إتّخذَ إبراهيمَ عبداً قبلَ أن يتّخذَهُ نبيّاً، وإتّخذهَ نبيّاً قبلَ أن يتّخذَهُ رسولاً، وإتّخذَهُ رسولاً قبلَ أن يتّخذَهُ خليلاً، وإتّخذَهُ خليلاً قبلَ أن يتّخذَهُ إماماً) (الكافي 1: 175، حديث 2 و4) وقَد فصّلنا دلالةَ الآيةِ على كونِ الإمامةِ نصّاً إلهيّاً في إجابةٍ سابقةٍ. وكذلكَ قولُه تعالى: (وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا وَأَوحَينَا إِلَيهِم فِعلَ الخَيرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) ممّا يُؤكّدُ على أنَّ الإمامَ ليسَ مُجرّدَ قائدٍ سياسيٍّ وإجتماعيّ وإنّما الإمامُ هوَ الذي يُمثّلُ أمرَ اللهِ وإرادتَه، وقالَ تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ) وغيرُ ذلكَ منَ الآياتِ التي تُؤكّدُ على أنَّ أمرَ الإمامةِ بيدِ اللهِ وليسَ بيدِ النّاسِ، ممّا يعني أنَّ الأساسَ فيها هوَ التّنصيبُ والتّعيينُ وليسَ الإنتخابَ والشّورى. ومِن هُنا رفضَ شيعةُ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) كلَّ إمامٍ لَم يتمَّ تعيينُه بالنّصوصِ الشّرعيّةِ، ودعوا إلى ضرورةِ الإلتزامِ بالأئمّةِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) لكثرةِ النّصوصِ التي صرّحَت بإمامتِهم على جميعِ المُسلمينَ، وقَد فصَّلَ العلماءُ تلكَ النّصوصَ في الكُتبِ العقائديّةِ وبيّنوا دلالاتِها بما لا يدعُ مجالاً للشّكِّ، والمُطّلعُ على تلكَ الكُتبِ سوفَ يجدُ أنّهُم لَم يستندُوا على الوراثةِ أو على المناقبِ والفضائلِ العامّةِ كدليلٍ على إمامةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام)، وإنّما إختصرُوا الإستدلالَ على النّصوصِ التي فيها تصريحٌ أو إشارةٌ على إمامتِهم، أمّا المناقبُ الخاصّةُ التي تُميّزَ بها أهلُ البيتِ (عليهم السّلام) دونَ غيرِهم يمكنُ الإستدلالُ بها إذا أُضيفَت لها مُقدّماتٌ عقليّةٌ، فبحُكمِ العقلِ لا يجوزُ تقدّمُ المَفضولِ على الفاضلِ، فإذا ثبتَ أنَّ أهلَ البيتِ أفضلُ مِن غيرِهم فلا يجوزُ حينَها أن يكونوا تابعينَ غيرَ مَتبوعينَ. ولا يمنعُ ذلكَ مِن أنَّ مكانتَهُم مِن رسولِ اللهِ وقرابتَهُم منهُ تزيدُهم شرفاً وكرامةً. ويمكنُ عدُّ السّببِ في تركيزِ العلماءِ على ذكرِ الفضائلِ هوَ إثباتُ أفضليّتِهم على مَن سِواهُم، باعتبارِ أنَّ مِن ضمنِ الأدلّةِ التي ذكرَها المُخالفونَ على إمامةِ البعضِ هوَ الأفضليّةُ، فأثبتَ عُلماؤمنا أنَّ أهلَ البيتِ عليهم السّلام أفضلُ مِن غيرِهم.ش