هل يمكن أن يتغير موعد الظهور(بمشيئة الله ) بكثرة الدعاء و التوسل من قبل المؤمنين والمظلومين من الشيعة

المؤمنون موقنون حقاً بظهور المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف بعد ظهور عدة علامات موثقة وثابتة ...سؤالي هو هل يمكن أن يتغير موعد الظهور(بمشيئة الله سبحانه وتعالى) بكثرة الدعاء و التوسل من قبل المؤمنين والمظلومين من الشيعة مع الشكر والامتنان

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله 

قبلَ الإجابة المباشرة عن هذا السؤال يجبُ الإشارة إلى أنّ دراسة علامات الظهور وتطبيقها على الوقائع السياسية أصبح شائعاً في الفترة الأخيرة، وهناك من وثَقَ في تحليلاته إلى درجة أنهُ حدّد ظهوره الشريف بوقت معلوم وتاريخ محدّد، والبعض الآخر جزم بكوننا نعيش عهد الظهور من غير تعيين للسنة، وقد طُبعت العديد من الكتب في الآونة الأخيرة التي جزمت بذلك، ويبدو أنّ الدافع هو الحبّ الشديد لظهوره المبارك، وعليه لا نتهمُ النيات وإنما قد نختلفُ معهم في سوء التقدير.

ومن أمثلة ذلك، نشرت دار المحجّة البيضاء في بيروت سنة 2006م كتاباً بعنوان (اقتربَ الظهور) للكاتب عبد محمد حسن، استعرضَ فيه علامات الظهور في مئتي صفحة وقام بتحليلها وفقاً للأحداث العالمية، وحدّد فيه تاريخ ظهور الإمام (عجل الله فرجه) بيوم السبت 10 محرم 1429هـ الموافق 19 كانون الثاني 2008م؛ بل وقّتَ لكلّ علامة من علامات الظهور، فقال مثلاً 18 حزيران إلى 24 تموز 2007 هطول أمطار شديدة. و21 تموز 2007 يوم جمعة خروج السفياني. و4 تشرين الأول 2007 ليلة جمعة في ليلة القدر، الصيحة والنداء من السماء بصوت جبرائيل (عليه السلام). و19 كانون الأول 2007 مجزرة الكوفة على يد السفياني. و3 كانون الثاني 2008 مقتل النفس الزكية في مكة. و24 كانون الثاني 2008 الخسف في البيداء. وبداية تشرين الأول 2008 نزول النبيّ عيسى عليه السلام. و17 تشرين الأول 2008 فتح القدس.

وهناك كتابٌ اخر بعنوان (ظهور الإمام المهدي عليه السلام عام 2015م نبوءة قرآنية) تأليف جابر البلوشي. والذي حدّد فيه ظهور الإمام (عجل الله فرجه) بيوم السبت العاشر من شهر محرم عام 1437هـ، معتمداً في ذلك على علم الحروف، وكذلك عمل أيضاً على تحديد تواريخ العلامات مثل: 2010م يكون فيه وضع حدود اسرائيل الدائمة، وخروج الأمريكان والبريطانيين من العراق. 2014م كويكب كبير الحجم يصطدمُ بالأرض ويسبّب أعاصير وزلازل وفيضانات بتاريخ 21/3/2014م. 1436هـ خروج السفياني والخراساني واليماني. و2018م نزول السيد المسيح عليه السلام. و2019م إنّ الله سيدمرُ الولايات المتحدة الأمريكية بالرياح والأعاصير، بسبب كويكب قادم باتجاه الأرض.

وهناك كتاباتٌ أخرى جزمت بأننا في عصر الظهور مثل كتاب (أنت الآن في عصر الظهور) كتبه فارس فقيه، حدّد فيه أسماء شخصيات عصر الظهور كالخراساني واليماني وشعيب بن صالح، وطبَّق مواصفاتها على شخصيات حالية، وغير ذلك من الكتب والأبحاث.

وعليه فإنّ الأمر أصبح يمثل هاجساً عند الكثير ممّا يقودنا إلى السؤال عن مدى العلمية والموضوعية التي ترافق تأويل هذه العلامات ومدى الدقة في تطبيقها على مجريات الاحداث، وكيف يمكن الوثوق في النتائج؟ 

من الواضح أنّ كلّ ذلك يتمّ على أساس الاجتهاد الشخصي والمقاربات الذاتية لعلامات الظهور، وهو أمر قد يكون متفهماً طالما يتحرك في إطار الظنون والتوقعات الشخصية، إلا أنهُ لا يرتقي إلى مستوى الحقيقة العلمية التي يمكن التسليم بها، فلو أهملنا البحث التاريخي عن مصادر بعض العلامات ومدى صحة أسانيدها، فإنّ الجزم بثبوتها يختلف عن الجزم بتطبيقها على الوقائع الخارجية، وكلّ ما هو موجود في العلامات إشارات عامة يستحيل معها التأويل على موضوعات بعينها، فمثلاً عندما تتحدث الروايات عن ظهور السفياني واليماني يمكننا الجزم بظهورهما ولكن كيف يمكننا أن نجزم أنّ فلاناً هو السفياني أو اليماني؟ أو عندما تتحدث الروايات عن الرايات المشرقية كيف نعلم بأنّ رايات الجماعة الفلانية هي المقصودة؟ وهكذا الحال في جميع تلك العلامات، فالتسليم بها والتصديق بحدوثها شيء والجزم بتأويلها شيء اخر، فعبارة السائل (بعد ظهور عدة علامات موثقة وثابتة) تقودنا إلى سؤاله كيف أصبحت هذه العلامات موثقة وثابتة؟ هل مجرد توقع؟ أم هناك برهان يقطع بثبوتها؟ فأن كان توقعاً دافعهُ الحبّ والميل إلى ظهوره الشريف فإنّ ذلك لا يورّثُ الثقة ولا القطع بالثبوت، وإن كان هناك دليل قاطع بأنّ الإمام (عليه السلام) قصد من هذه العلامة هذا الحدث بعينه أو ذاك فما هو هذا الدليل الذي كشف له عن الغيب؟

من الجيد أن يتوقع المؤمن الظهور في أي وقت، ومن الجميل أن يستبشر بظهوره من أي حدث أو أي موقف، ومن المفيد أن يعيش الأمل والترقب الدائم لمقدمه الشريف، فإنّ أفضل العبادة انتظار الفرج، ومن معاني الإنتظار هو تهيئة النفس وتحفيزها بقرب الظهور، إلا أنّ كلّ ذلك لا يجعلنا نحتّم شيئاً على الله فما نحن إلا عبيده المؤملون فضله وإحسانه، ولا يمكننا بخبرتنا المحدودة وعقلونا القاصرة أن نحيط علماً بتدبيره تعالى، وعليه لا يسعنا إلا الإيمان به والتوسل إلى الله بتعجيل ظهوره. 

فقد أكّدت الروايات المستفيضة من أهل البيت (عليهم السلام) على عدم التوقيت، وتكذيب كلّ من يخبر بوقت الظهور، وقد يفهم منها عدم الخوض في ذلك لا على وجه التحديد ولا على وجه التلميح، ويبدو أنّ النهي ليس نهياً تشريعياً فحسب وإنما أيضاً ارشادياً لأنهُ يكشف عن عجز الإنسان بمعرفة ما لا يمتلك أدواته، فعن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: (يا ثابت إنّ الله كان قد وقّتَ هذا الأمر في سنة السبعين، فلما قتل الحسينُ عليه السلام أشتدّ غضب الله فأخّره إلى أربعين ومائة، فلمّا حدثناكم بذلك أذعتم وكشفتم قناع الستر، فلم يجعل الله لهذا الأمر بعد ذلك عندنا وقتاً، (يمحو الله ما يشاء ويثبتُ وعنده  أمّ الكتاب)، قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله الصادق عليه السلام  فقال: قد كان ذلك) ( ). وجاء في التوقيع الصادر عن الإمام المهدي (عليه السلام) بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان العمري: (وأما ظهورُ الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره وكذبَ الوقّاتون)( ). وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين)( ). روى الصّدوق عن عبد السلام بن صالح الهروي، في حديث الإمام الرضا (عليه السلام) مع دعبل: قال: (.. وأما (متى) فإخبار عن الوقت، فقد حدثني أبي، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذريّتكَ؟ فقال: مَثَلُه مَثَل الساعة التي (لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَت فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُم إِلاَّ بَغْتَةً).( )