في حديث (يرضى الله لرضاها و يغضب لغضبها ) هل لله عز وجل قوة عاقلة ؟ و كيف يُدرك ان سيدتنا فاطمة غاضبة ؟؟؟ ومتى يدرك ؟ اذ ان فاطمة الزهراء عليها السلام ليست أزلية انما هي مخلوقة محدثة و غضبها كذلك صح ؟

السلام عليكم نشكركم على مجهودكم المبارك ان شاء الله و وفقكم لما يحب و يرضى اتمنى أن تتفهمو كوني شاب مراهق بعمر 17 سنة لذلك اتمنى لو يكون الجواب مبسط.... خطر ببالي سؤال من باب الفضول عندما اتذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في حق مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) (يرضى الله لرضاها و يغضب لغضبها ) هو هل لله عز وجل قوة عاقلة ؟؟ و كيف يُدرك ان سيدتنا فاطمة غاضبة ؟؟؟ ومتى يدرك ؟ اذ ان فاطمة الزهراء عليها السلام ليست أزلية انما هي مخلوقة محدثة و غضبها كذلك صح ؟؟ ومتى تحدث ردة الفعل التي هي غضب الله عز و جل لغضب مولاتنا ؟؟ فكما قلنا ان سيدتنا ومولاتنا غضبها محدث فهل هذا يعني ان الله يجري عليه الزمن فهو يغضب في الوقت الذي تغضب فيه الزهراء عليها السلام ؟!

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله

النقطةُ الأولى : إنّ الله تعالى عالمٌ بكلّ شيء ، فلا يحتاج الى آلةٍ يدركُ ويعلم بها ، إذ جميع الأشياء منكشفة له قبل حدوثها ، بخلاف البشر فإنهم يحتاجون الى قوةٍ وآلة بها يدركون ويعلمون الأشياء ، فالآلة والقوة هي سبيلنا للوصول الى العلم بالأشياء ، وهذا بخلاف الله تعالى فهو يعلم بذاته بجميع الأشياء ، وجميع الاشياء منكشفة له ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، بلا حاجة الى آلةٍ وقوة . ومن جملة الأشياء التي كان يعلم بها هو أنّ الزهراء (ع) ستقارع الظالمين وتقف في وجههم ، مطالبة لإرجاع الأمور الى مسارها الصحيح ، فعلمه بالاشياء قبل حصول الشيء في الخارج ، ولكن عند حصول الشيء في الخارج يقعُ العلم على المعلوم . فعلمهُ قبل حصول المعلوم ومعه وبعده ، لا يتغير شيئاً في علمه ولا في ذاته ، ولا يتغير بحصول المعلوم وتحققه ، بل الأشياء تتغير بتغيير الله لها . النقطةُ الثانية : إنّ الغضب الإلهيّ ليس كغضب البشر من حصول التغير والتأثر والإنفعال النفسي ، والانتقال من حالة الى حالة ، فهذه صفات المخلوقات . وإنما المرادُ من الغضب الإلهي هو نتائج الغضب ، وهو إنزالُ العقاب ، والإبعاد والطرد عن ساحة الرحمة ، إما في الدنيا أو الآخرة أو كليهما . والغضبُ بهذا المعنى شيء محدَث ، وليس بأزلي . روى الصدوق عَن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَن أَبِيهِ قَالَ : سَأَلْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَل لَهُ رِضًى وَسَخَطٌ فَقَالَ نَعَم وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَلَكِنَّ غَضَبَ اللَّهِ عِقَابُهُ وَرِضَاهُ ثَوَابُهُ . التوحيد، الشيخ الصدوق، ص ١٧٠ ومن هنا يتبينُ أنّ الغضب الإلهي يحصلُ عندما يمارس الإنسان ما يُغضِبُ اللهَ تعالى ، فالله غضبَ على ظلمة مولاتنا الزهراء (ع) بمعنى أنهُ أبعدهم عن ساحة رحمته ، وأنهم مستحقون للعقاب الأخروي نتيجة أفعالهم . ومن هنا يظهرُ أنه لا يلزم من غضبه حلول الحوادث في الذات الإلهية ، لأنّ الغضب ليس محلها الذات الإلهية ، بل هي صفة فعل ، إذ الطرد والابعاد وإنزالُ العقاب من صفات الفعل الإلهي ، وليست من صفات الذات .