ما معنى خبر الثقة في الموضوعات ؟ وما معنى خبر الثقة في الاحكام ؟ وما هو الاثر الذي يترتب على عدم القول بخبر الثقة ؟

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكُم ورحمة الله: 

الرّاوي الثقةُ تارًة يُخبرنا عَن موضوعٍ منَ الموضوعاتِ، وأخرى يخبرُنا عَن حُكمٍ شرعيٍّ منَ الأحكامِ، فالمُرادُ منَ الموضوعاتِ أن يُخبرنا الثّقةُ عَن وقوعِ طلاقِ زيدٍ لزوجتِه، فإخبارُه عنِ الطّلاقِ الذي وقعَ بينَ زيدٍ وزوجتِه يُعبّرُ عنهُ إخبارٌ عن الموضوعِ، وهكذا الحالُ لو أخبرنا عَن وقوعِ سرقةٍ في بيتِ أحمد، إذ أنّ إخبارَه عن السّرقةِ التي وقعَت في دارِ أحمد يُعبّرُ عنهُ بالإخبارِ عنِ الموضوعِ، وذلكَ لأنّ كُلّاً منَ الطّلاقِ والسّرقةِ يُعَـدّان منَ الموضوعاتِ، وهكذا الحالُ لو أخبرنا عنِ القتلِ والزّنا وغيرِ ذلكَ منَ الموضوعات. 

وأمّا الإخبارُ عن الحُكمِ، فيُرادُ به أنّ الثّقةَ نفسَه يخبرُنا عَن حكمٍ شرعيٍّ وصلَ إليه، كأن يقولَ مثلاً: وردَ عنِ الإمامِ الصّادق (ع) أنّ شُربَ الخمرِ حرامٌ، أو يقولَ: وردَ عنِ الإمامِ الباقرِ (ع) أنّ المُنافقَ مخادعٌ، وغيرُها منَ الأمثلة. 

فإذا عرفتَ ذلكَ، فقولُ النّجاشيّ في رجالِه مثلاً: محمّدٌ بنُ عيسى بنِ عبيد، وثّقَه شيخي إبنُ نوحٍ، يعبّرُ عنهُ بالإخبارِ عنِ الموضوعِ، وذلكَ لأنّ الوثاقةَ التي أخبرَ عنها النّجاشيُّ تُعَـدُّ موضوعاً من الموضوعاتِ، وليسَت إخباراً عَن حكمٍ شرعي. 

نعم، يترتّبُ على الإخبارِ بوثاقةِ محمّدٍ بنِ عيسى حكمٌ شرعيّ مُستفادٌ مِن قولِ المعصومِ (ع) حاصلهُ مثلاً: صدقُ خبرِ الثّقة، وحيثُ أنّ محمّداً بنَ عيسى ثقةٌ، فهذا يعني أن نُصدّقَ خبرَه، ونتعاملَ معهُ طِبقاً لِـما وردَ عنِ المعصوم (ع).  

وأمّا الأثرُ المُترتّبُ على عدمِ القولِ بخبرِ الثّقةِ فباهظٌ جدّاً، ولكن ليسَ هذا هوَ موضوعُ الخلافِ بينَ الأعلامِ في هذهِ المسألةِ ، وإنّما أصلُ الخلافِ يكمنُ في هذا السّؤالِ المطروحِ: هلِ الوثاقةُ المُتحقّقةُ في الرّاوي تُعَـدُّ علّةً تامّةً يترتّبُ على إثرِها القولُ بصحّةِ حديثِه كما يذهبُ إلى ذلكَ السيّدُ الخوئيّ (قدّس) وآخرونَ، أو أنّ الوثاقةَ هي جزءُ العلّةِ كما يذهبُ إليها السيّدُ السّيستانيّ (دامَ ظلّه) وآخرونَ، فلا يحكمونَ بصحّةِ الحديثِ بمُجرّدِ وثاقةِ الرّاوي، وإنّما يُضيفونَ إلى وثاقتِه شواهدَ وقرائنَ إن توفّرَت لديهِ حكموا على خبره بالصحّةِ، وإلّا فلا. وكلٌّ منَ الفريقينِ لهم أدلّتُهم التي إستندوا إليها وأسّسوا عليها ما ذهبوا إليه. وقد بُحثَت هذهِ المسائلُ في بحثِ حُجّيّةِ خبرِ الواحدِ في علمِ الأصولِ، وكذلكَ في علميّ الدّرايةِ والرّجالِ. فليراجِع مَن أرادَ التّفصيلَ. ودمتُم سالمين.