قوله تعال (ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) لماذا تم تفسير الشهداء بـ شهداء الأعمال ؟

السلام عليكم ممكن سؤال قرآني تفسير الاية ١٤٠ال عمران اية ليتخذ منكم شهداء لماذا فسرها السيد صاحب الميزان ب شهداء الأعمالوهي من السياق وأسباب النزول تدل على شهداء القتل في سبيل الله

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكُم ورحمة الله 

ذهبَ جمهورُ المُفسّرينَ منَ الفريقينِ (السنّةِ والشّيعةِ الإماميّةِ) إلى أنّ كلمةَ (شهداء) في قولِه تعالى: (وليتّخذَ منكُم شهداء) [آلُ عمران: 140]. إمّا أن يرادَ بها أنّها جمعُ شهيدٍ؛ أي ويكرمُ منكُم ناساً بالشّهادةِ، وهُم شهداءُ أُحدٍ. وإمّا أن يرادَ بها أنّها جمعُ شاهدٍ؛ أي ويتّخذَ منكُم شهوداً معدّلينَ بما ظهرَ منهم الثّباتُ على الحقِّ والصّبرُ على الشّدائدِ ليشهدوا على الأُممِ يومَ القيامةِ. [ينظر مجمعُ البيانِ للطبرسيّ، وتفسيرُ أبي السّعودِ في تفسيرِ هذهِ الآيةِ]. 

إذا عرفتَ ذلكَ، فما ذهبَ إليهِ السيّدُ الطباطبائيّ مِن أنّ الشهداءَ في هذهِ الآيةِ إنّما المرادُ بهم شهداءُ الأعمالِ، وليسَ الشّهداءُ المقتولينَ ، فحُجّتُه في ذلكَ قد بيّنها في تفسيرِه الميزان، في (ج ٤/ص ٢٩)، إذ قالَ: وأمّا قوله: (ويتّخذَ منكم شهداء)، فالشّهداءُ شهداءُ الأعمالِ، وأمّا الشّهداءُ بمعنى المقتولينَ في معركةِ القتالِ، فلا يعهدُ إستعماله في القرآنِ وإنّما هوَ منَ الألفاظِ المُستحدثةِ الإسلاميّةِ كما مرّ في قولِه تعالى وكذلكَ جعلناكُم أمّةً وسطاً لتكونوا شهداءَ: أنّ الشّهداءَ بمعنى المقتولينَ إنّما هوَ لفظٌ مُستحدثٌ غيرُ معهودٍ في إستعمالِ القُرآنِ لهُ بهذا المعنى. 

وبعبارةٍ أخرى: إنّ السيّدَ الطباطبائيّ كأنّهُ يريدُ أن يقولَ: إنّ القرآنَ العظيمَ لـمّا كانَ نازلاً بلغةِ العربِ الفصيحةِ المُحتجِّ بها، فبيانُ المرادِ من آياتِه ينبغي أن يكونَ على وفقِ ما هوَ متداولٌ بينَ العربِ وما هوَ مألوفٌ لديهم، وأمّا الألفاظُ المُستحدثةُ التي ظهرَت على السّاحةِ الإسلاميّةِ فيما بعد فليسَت هيَ المقصودة منهُ. ودمتُم سالمين.