رواياتُ بابِ استحبابِ تزويجِ البيضاءِ والزرقاءِ

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ينبغي أن يُعلمَ أنّ الرواياتِ في بابِ استحبابِ الزواجِ كثيرةٌ ومتنوّعةٌ، ولكن في جوابِنا هُنا سنقتصرُ على ما وردَ في منطوقِ السؤالِ خشيةَ الإطالة، وألّا يتشعّبَ البحثُ، فنقولُ: أوردَ الحرُّ العامليُّ في (وسائلِ الشيعة ج20/ص58)، في بابِ استحبابِ تزويجِ البيضاءِ والزرقاءِ ثلاثَ رواياتٍ هي:  [٢٥٠٢٧] ١ ـ محمّدٌ بنُ يعقوب ، عن عدّةٍ مِن أصحابِنا ، عن سهلٍ بنِ زياد ، عن بكرٍ بنِ صالح ، عن بعضِ أصحابِه ، عن أبي الحسنِ الرّضا ( عليهِ السلام ) قالَ : مِن سعادةِ الرجلِ أن يكشفَ الثوبَ عن امرأةٍ بيضاء . [٢٥٠٢٨] ٢ ـ وعنهم ، عن أحمدَ بنِ أبي عبدِ الله ، عن أبيه ، عن عليٍّ بنِ النعمان ، عن أخيهِ داودَ بنِ النعمان ، عن أبي أيّوبَ الخرّاز، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : إنّي جرّبتُ جواري بيضاءَ وادماءَ فكانَ فيهنَّ بونٌ . [٢٥٠٢٩] ٣ ـ وعن عليٍّ بنِ إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكوني ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : قالَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : تزوّجوا الزُّرقَ فإنّ فيهنَّ اليُمن . والتحقيقُ: أنّ الروايةَ الأولى ضعيفةٌ لجهالةِ بعضِ الرواةِ عن أبي الحسنِ (ع)، وأمّا الروايةُ الثانيةُ فصحيحةٌ، وأمّا الثالثةُ فقد اختلفَ فيها أصحابُنا، فالعلّامةُ المجلسيّ في كتابِه (مرآةُ العقولِ في شرحِ أخبارِ آلِ الرسول، ج ٢٠/ص ٢٧) يَـعُدُّها ضعيفةً، في حينِ أنّ الشيخَ هادي النجفي في كتابِه (موسوعةُ أحاديثِ أهلِ البيت ( ع )، (ج12/ ص ٣٣٧) يَعُدُّها مُعتبرةً، وسببُ الخلافِ بينَهما مردّهُ إلى المباني الرجاليّةِ التي يتبنّاها كلُّ عالمٍ مِن علماءِ مدرسةِ أهلِ البيت (ع) والتي قد يختلفونَ فيها في بعضِ المواردِ طِبقاً لاجتهادِهم كما لا يخفى. وأمّا مِن حيثُ المَتنُ، فلا شكَّ في أنّ الرواياتِ في هذا البابِ تحثُّ على الزواجِ منَ المرأةِ البيضاء، وأمّا الحثُّ على الزواجِ منَ الزرقِ، فاعلَم أنّ بعضَ أصحابِنا اشتبهَ عليهِ الأمرُ لـمّا احتملَ أن يكونَ الزّرقُ تصحيفاً للرّزقِ، فذهبَ إلى أنّ هذا الحديثَ هو بعينِه ما مرَّ في آخرِ بابٍ أنَّ التزويجَ يزيدُ في الرّزق. [ينظر: الوافي للفيضِ الكاشاني (ج21/ ص ٥٤)]. في حينِ أنّ آخرينَ غيرَهم لم يحتملوا مثلَ هذا التصحيفَ، بل عندَهم أنّ المُرادَ بالزّرقِ في هذهِ الروايةِ إمّا هيَ الزّرقةُ في العين، أو هيَ خُضرةٌ في سوادِ العينِ وِفقاً لِما في لسانِ العربِ في مادّةِ (زرق). [ينظر: كتابُ (هدايةِ الأمّةِ إلى أحكامِ الأئمّةِ ( ع ) للحرِّ العاملي، (ج ٧/ ص ١٠٤). وعليهِ يكونُ توجيهُ الحديثِ بهذا النحوِ سليماً، إذ هوَ مِن بابِ حذفِ الموصوفِ والتعبيرِ عنه بوصفِه الذي يُناسبُه، فكأنَّ لسانَ الحديثِ يقولُ عليكَ بذاتِ العيونِ الزرق، وهذا ليسَ غريباً على واقعِنا الذي نعيشُه قديماً وحديثاً في أنّ كثيراً منَ الرجالِ يرغبونَ بالمرأةِ البيضاءِ أو ذاتِ العيونِ الزُّرق. ودمتُم سالِمين.