ما هو موقف الشيعة من مسألة لعن الشخص باسمه وهو ما يعرف بـ(لعن المعين)؟

هل لكم ان تبينوا لنا موقف الشيعة من مسألة (لعن المعين)، لأن أهل السنة يقولون ايضاً بجواز اللعن، إلا أنهم يفتون بحرمة لعن الشخص باسمه وهو ما يعرف بـ(لعن المعين)، ولهذا يحرمون لعن يزيد بن معاوية لعنهما الله؟

:

إنَّ أصلَ جوازِ اللعنِ ممّا لا خلافَ فيهِ بينَ المُسلمينَ قاطبةً، وقد دلَّ عليه الكتابُ العزيز، وتواترَت على نقلِه السنّةُ المُطهّرة. إنّما الكلامُ في لعنِ الشخصِ المُعيّنِ (فلانٍ بنِ فلان) فقد ذهبَ فقهاءُ الإماميّةِ الى جوازِه، وذهبَ مشهورُ العامّةِ إلى عدمِ الجواز، فما جاءَ في كلامِ السائلِ مِن أنَّ علماءَ العامّةِ يُفتونَ بحُرمةِ لعنِ شخصٍ باسمِه غيرُ صحيحٍ، لأنَّ بعضَهم يذهبُ إلى القولِ بالجوازِ بل بالوجوب. وإليكَ التفصيل: فقد صرّحَ فقهاؤنا بجوازِ لعنِ المُعيّنِ إن كانَ مِن أصحابِ البدع، ففي الحدائقِ الناضرةِ للشيخِ يوسف البحراني رحمَه الله. قالَ ما هذا لفظُه: (ومِن ذلكَ أيضاً ما خرجَ عن الأئمّةِ المُتأخّرينَ (صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين) في لعنِ جماعةٍ ممَّن كانوا كذلك، كفارسٍ بنِ حاتمٍ القزويني، والحسنِ بنِ مُحمّدٍ بنِ بابا، ومحمّدٍ بنِ نُصيرٍ النميري، وأبي طاهرٍ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ بلال، وأحمدَ بنِ هلال، والحُسينِ بنِ منصور الحلّاج. وابنِ أبي العزاقر، وأبي دلف، وجمعٍ كثيرٍ ممَّن يتسمّى بالشيعةِ). الحدائقُ الناضرةُ للمُحقّقِ البحراني (ج1/ص54). وهذا واضحٌ، وذهبَ كثيرٌ مِن علماءِ العامّةِ إلى الجوازِ كذلكَ، وإليكَ بعضَ أقوالهم:  1- قالَ التفتازانيُّ في شرحِ العقائدِ النسفيّة : اتّفقوا على جوازِ اللعنِ على مَن قتلَ الحُسين ، أو أمرَ به ، أو أجازَه ، أو رضيَ به ، والحقُّ أنَّ رضا يزيد بقتلِ الحُسين واستبشارَه بذلك َوإهانتَه أهلَ بيتِ رسولِ اللهِ ممّا تواترَ معناه وإن كانَ تفصيلهُ آحاداً ، فنحنُ لا نتوقّفُ في شأنِه ، بل في كُفرِه وإيمانِه ، لعنةُ اللهِ عليهِ وعلى أنصارِه وأعوانه ). (أجوبةُ مسائلِ جيشِ الصّحابةِ للشيخِ عليٍّ الكوراني  (ص 7) 2- قالَ العلّامةُ الألوسي : (في ذكرِ الأقوالِ في سبِّ يزيد بنِ معاوية عليهما لعائنُ اللهِ قالَ ما هذا لفظهُ (ومِنهم مَن يقول : إنّه لم يُعصَ بذلكَ ولا يجوزُ لعنُه وقائلُ هذا ينبغي أن يُنظمَ في سلسلةِ أنصارِ يزيد وأنا أقول : الذي يغلبُ على ظنّي أنَّ الخبيثَ لم يكُن مُصدّقاً برسالةِ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وأنَّ مجموعَ ما فعلَ معَ أهلِ حرمِ اللهِ تعالى وأهلِ حرمِ نبيّه عليهِ الصلاةُ والسلام وعترتِه الطيّبينَ الطاهرين في الحياةِ وبعدَ المماتِ وما صدرَ منه منَ المخازي ليسَ بأضعفَ دلالةٍ على عدمِ تصديقِه مِن إلقاءِ ورقةٍ منَ المصحفِ الشريف في قذر؛ ولا أظنُّ أنَّ أمرَه كانَ خافياً على أجلّةِ المُسلمينَ إذ ذاكَ ولكن كانوا مغلوبينَ مقهورينَ لم يسعهم إلّا الصبرُ ليقضي اللهُ أمراً كانَ مفعولاً ، ولو سلّمَ أنَّ الخبيثَ كانَ مُسلماً فهوَ مسلمٌ جمعَ منَ الكبائرِ ما لا يحيطُ به نطاقُ البيان ، وأنا أذهبُ إلى جوازِ لعنِ مثلِه على التعيينِ ولو لم يتصوّر أن يكونَ له مثلٌ منَ الفاسقين ، والظاهرُ أنّه لم يتب ، واحتمالُ توبتِه أضعفُ مِن إيمانه ، ويلحقُ به ابنُ زياد . وابنُ سعد . وجماعةٌ فلعنةُ اللهِ عزَّ وجل عليهم أجمعين ، وعلى أنصارِهم وأعوانِهم وشيعتِهم ومَن مالَ إليهم إلى يومِ الدينِ ما دمعَت عينٌ على أبي عبدِ اللهِ الحُسين)                                (تفسيرُ الألوسي (ج19/ص153)  3- وفي الانتصارِ للعامليّ (وقالَ الجاحظُ في الرسالةِ الحاديةِ عشر في بني أميّةَ مِن رسائلِه ص 398: ( المنكراتُ التي اقترفَها يزيدُ مِن قتلِ الحُسين وحمله بناتِ رسولِ الله ( ص ) سبايا ، وقرعه ثنايا الحُسينِ بالعود ، وإخافتَه أهلَ المدينة ، وهدم الكعبة ، تدلُّ على القسوةِ والغِلظة ، والنصبِ ، وسوءِ الرأي ، والحقدِ والبغضاءِ والنفاقِ والخروجِ عن الايمانِ ، فالفاسقُ ملعونٌ ، ومَن نهى عن شتمِ الملعونِ فملعون ).                                   (الانتصارُ/ج 8/ص 354) 4- وقالَ ابنُ العمادِ الحنبلي نقلاً لكلامِ ابنِ الأهدلِ في لعنِ يزيد عليهِ لعائنُ الله، ما هذا لفظُه: (قلتُ الحاصلُ مِن ذلكَ أنَّ يزيد إن صحَّ عنهُ ما جرى منهُ على الحُسينِ وآله منَ المِثلةِ وتقليبِ الرأسِ الكريمِ بينَ يديه وإنشادِه الشعرَ في ذلكَ مُفتخِراً فذلكَ دليلُ الزندقةِ والانحلالِ منَ الدين فإنَّ مثلَ هذا لا يصدرُ مِن قلبٍ سليم وقد كفّرَه بعضُ المُحدّثينَ وذلكَ موقوفٌ على استحلالِه لذلكَ واللهُ أعلمُ وقالَ الإمامُ التفتازانيُّ أمّا رضا يزيد بقتلِ الحُسين وإهانتِه أهلَ بيتِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلمّ فمِمّا يُقطعُ به وإن كانَ تفصيلُه آحاداً فلا يُتوقّفُ في كُفرِه لعنةُ اللهِ عليه وعلى أنصارِه وأعوانِه انتهى كلامُ ابنِ الأهدل).                            (شذراتُ الذهب ج4/ص11)5- قالَ البجريمي الشافعي في التُّحفة: (وفي شرحِ عقائدِ السعدِ يجوزُ لعنُ يزيد اه. ويُشكلُ عليه أنَّ لعنَ الشخصِ لا يجوزُ وإنّما يجوزُ اللعنُ بالوصفِ فتأمّله. قالَ ح ل قالَ ابنُ الجوزي: أجازَ العلماءُ الورعونَ لعنَ يزيد وصنّفَ في إباحةِ لعنِه مُصنّفاً اه. وقالَ: وعلى هذا يكونُ مُستثنىً مِن عدمِ جوازِ لعنِ الكافرِ المُعيّنِ بالشخصِ كما صرّحَ بهِ السعدُ بعدَ أن قالَ: إنّي لا أشكُّ في عدمِ إسلامِه بل ولا في عدمِ إيمانِه فلعنةُ اللهِ عليه وعلى أنصارِه وأعوانِه اه كلامُ السعد)  (تحفةُ الحبيبِ على شرحِ الخطيب (ج5/ص91) للبجريميّ الشافعيّ).6- وفي حاشيةِ الجملِ (وَأَمَّا لَعنُ المُعَيَّنِ مِن كَافِرٍ أَو فَاسِقٍ فَقَضِيَّةُ ظَوَاهِرِ الأَحَادِيثِ الجَوَازُ وَأَشَارَ الغَزَالِيُّ إلَى تَحرِيمِهِ إلَّا مَن عُلِمَ مَوتُهُ عَلَى الكُفرِ) حاشيةُ الجمل (3/ 436) الشافعيّ ونهايةُ المُحتاجِ إلى شرحِ المِنهاج (4/ 339) الشافعيّ و (حاشيةُ الشبراملسى (ج6/ص101) الشافعيّ 7- قالَ ابنُ تيمية (وأمّا لعنُ المُعيّنِ فيُنهى عنه وفيهِ نزاعٌ وتركُه أولى)  مُختصَرُ الفتاوى المصريّة (ص: 512) ابنُ تيميةَ الحنبلي  إلى هُنا أصبحَ الجوابُ واضحاً في لعنِ المُعيّن، فالإماميّةُ وبعضُ علماءِ العامّةِ مُجمعةٌ على الجواِز، ومشهورُ العامّةِ ذهبَ إلى التحريم.