الخُمسُ في عهدِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وأميرِ المؤمنينَ عليهِ السلام .

:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : الأدلّةُ على وجوبِ الخُمسِ زمنَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه كثيرةٌ. فقد دلَّ الكتابُ والسنّةُ والسيرةُ القطعيّةُ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه على وجوبِ الخُمس، وإليكَ التفصيلُ: أمّا كتابُ اللهِ تعالى: فقولهُ تباركَ وتعالى: (وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلنَا عَلَى عَبدِنَا يَومَ الفُرقَانِ يَومَ التَقَى الجَمعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)                                                                                                                     (الأنفال/42).                     ولفظةُ (غنمَ) عامّةٌ شاملةٌ لمُطلَقِ الفائدةِ لُغةً، قالَ ابنُ فارس: (غنمَ: الغينُ والنونُ والميمُ أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على إفادةِ شيءٍ لم يُملَك مِن قبل)                                                                               معجمُ مقاييسِ اللغةِ لابنِ فارس (ج4/ص397) قالَ السيّدُ الخُوئي رحمَه اللهُ تعليقاً على هذهِ الآيةِ المُباركة: (فإنَّ (الغنيمةَ) بهذهِ الهيئةِ وإن أمكنَ أن يُقالَ، بل قيلَ باختصاصِها بغنائمِ دارِ الحربِ إمّا لُغةً أو اصطلاحاً - وإن كانَ لم يظهَر لهُ أيُّ وجهٍ -. إلّا أنَّ كلمةَ (غنمَ) بالصيغةِ الواردةِ في الآيةِ المُباركةِ ترادِفُ ربحَ واستفادَ وما شاكلَ ذلكَ فتعمُّ مُطلَقُ الفائدةِ، ولم يتوهَّم أحدٌ اختصاصَها بدارِ الحرب. ولعلَّ في التعبيرِ بالشيءِ - الذي فيهِ منَ السعةِ والشمولِ ما ترى - إيعازاً إلى هذا التعميمِ وأنَّ الخُمسَ ثابتٌ في مُطلقِ ما صدقَ عليهِ الشيءُ منَ الربحِ وإن كانَ يسيراً جدّاً كالدرهمِ غيرِ المُناسبِ لغنائمِ دارِ الحربِ كما لا يخفى).                                                                             كتابُ الخُمسِ، الأوّلُ، السيّدُ الخوئي (ص: 188) ومنَ الواضحِ أنَّ الآيةَ في مقامِ التشريعِ، وهيَ نازلةٌ على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، ومعنى ذلكَ أنَّ تشريعَ الخُمسِ كانَ زمنَ رسولِ اللهِ بصريحِ كتابِه تباركَ وتعالى. وأمّا رواياتُ آلِ مُحمّدٍ عليهم السلام فكثيرةٌ جدّاً سأذكرُ طائفةً مِنها:1- عن أحمدَ بنِ مُحمّد، عن الحُسينِ بنِ سعيد، عن حمّادٍ بنِ عيسى، عن ربعيّ بنِ عبدِ الله بنِ الجارود، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: كانَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) إذا أتاهُ المغنمُ أخذَ صفوَه وكانَ ذلكَ له، ثمَّ يقسمُ ما بقيَ خمسةَ أخماسٍ ويأخذُ خُمسَه، ثمَّ يقسمُ أربعةَ أخماسٍ بينَ الناسِ الذينَ قاتلوا عليه، ثمَّ قسمَ الخُمسَ الذي أخذَه خمسةَ أخماسٍ، يأخذُ خُمسَ اللهِ عزَّ وجلّ لنفسِه، ثمَّ يقسمُ الأربعةَ أخماسٍ بينَ ذوي القُربى واليتامى والمساكين وأبناءِ السبيل، يُعطي كلَّ واحدٍ مِنهم حقّاً، وكذلكَ الإمامُ أخذَ كما أخذَ الرسولُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم).                                                                             وسائلُ الشيعة - الحرُّ العاملي (ج9/ص510)    2- عن أحمدَ بنِ الحسنِ بنِ عليٍّ بنِ فضّال، عن أبيهِ، عن عبدِ اللهِ بنِ بكير، عن بعضِ أصحابِه، عن أحدِهما (عليهما السلام) في قولِ اللهِ تعالى: (واعلموا أنّما غنِمتم مِن شيءٍ فإنَّ للهِ خُمسَه وللرّسولِ ولذي القُربى واليتامى والمساكينِ وابنِ السبيل) قالَ: خُمسُ اللهِ للإمام، وخُمسُ الرسولِ للإمام، وخمسُ ذوي القُربى لقرابةِ الرسولِ الإمام، واليتامى يتامى آل الرّسول، والمساكينُ مِنهم، وأبناءُ السبيلِ مِنهم، فلا يخرجُ مِنهم إلى غيرِهم.                                                                     وسائلُ الشيعةِ - الحرُّ العاملي (ج9/ ص510)  فإنَّ قولهُ عليهِ السلام (وخمسُ الرّسولِ للإمام) إخبارٌ منهُ أنَّ الخُمسَ كانَ مُشرّعاً منذُ زمنِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله.                                                                                    3-  عن حمّادٍ بنِ عمرو وأنسٍ بنِ مُحمّد، عن أبيهِ جميعاً، عن الصّادقِ، عن آبائِه عليهم السلام ـ في وصيّةِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) لعليٍّ (عليهِ السلام) ـ قالَ: يا عليُّ إنَّ عبدَ المُطّلبِ سنَّ في الجاهليّةِ خمسَ سُننٍ أجراها اللهُ له في الإسلام ـ إلى أن قال: ـ ووجدَ كنزاً فأخرجَ منهُ الخُمسَ، وتصدّقَ به، فأنزلَ اللهُ: (واعلموا أنّما غنِمتم مِن شيءٍ فإنَّ للهِ خُمسَه)                                                                                   وسائلُ الشيعةِ - الحرُّ العامليّ (ج9/ ص496)4- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعدِ قَالَ أَخبَرَنَا شُعبَةُ عَن أَبِي جَمرَةَ قَالَ كُنتُ أَقعُدُ مَعَ ابنِ عَبَّاسٍ يُجلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ أَقِم عِندِي حَتَّى أَجعَلَ لَكَ سَهمًا مِن مَالِي فَأَقَمتُ مَعَهُ شَهرَينِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَفدَ عَبدِ القَيسِ لَمَّا أَتَوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَن القَومُ أَو مَن الوَفدُ قَالُوا رَبِيعَةُ قَالَ مَرحَبًا بِالقَومِ أَو بِالوَفدِ غَيرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَستَطِيعُ أَن نَأتِيكَ إِلَّا فِي الشَّهرِ الحَرَامِ وَبَينَنَا وَبَينَكَ هَذَا الحَيُّ مِن كُفَّارِ مُضَرَ فَمُرنَا بِأَمرٍ فَصلٍ نُخبِر بِهِ مَن وَرَاءَنَا وَنَدخُل بِهِ الجَنَّةَ وَسَأَلُوهُ عَن الأَشرِبَةِ فَأَمَرَهُم بِأَربَعٍ وَنَهَاهُم عَن أَربَعٍ أَمَرَهُم بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحدَهُ قَالَ أَتَدرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحدَهُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَن تُعطُوا مِن المَغنَمِ الخُمُسَ وَنَهَاهُم عَن أَربَعٍ عَن الحَنتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ وَرُبَّمَا قَالَ المُقَيَّرِ وَقَالَ احفَظُوهُنَّ وَأَخبِرُوا بِهِنَّ مَن وَرَاءَكُم.                                                                                       صحيحُ البُخاري (ج1/ص92) 5- وفي عهدِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله إلى عمرو بنِ حزمٍ جاءَ ما هذا لفظه: (عهدٌ مِن محمّدٍ النبيّ رسولِ اللهِ لعمرو بنِ حزمٍ حينَ بعثَه إلى اليمنِ: أمرَه بتقوى اللهِ في أمرِه كلِّه، وأن يأخذَ مِنَ المغانمِ خُمسَ الله، وما كُتبَ على المؤمنينَ منَ الصدقةِ منَ العقارِ عُشرَ ما سقى البعلُ وسقَت السماء، ونصفَ العُشر ممّا سقى الغرب).                                                                                   فتوحُ البلدانِ للبلاذري (ج1/ص84)