ما هيَّ صحّةُ حديثِ الصلاةِ البتراءِ؟ لأنّي لم أجِد لها حديثاً في صحيحيّ مُسلِمٍ والبُخاري.

:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : الأخُ السائلُ العزيز، إنَّ كلمةَ البتراءِ صفةٌ، منَ البتر، والبترُ لُغةً هوَ قطعُ الشيءِ قبلَ إتمامِه. الصّحاحُ في اللّغةِ -اسماعيلُ بنُ حمّاد الجوهري- (ج1/ص30) ، مُعجَمُ مقاييسِ اللّغةِ -ابنُ فارس- (ج1/ص 194). وعلى هذا فالمُرادُ منَ الصلاةِ البتراء، الصلاةُ المقطوعةُ قبلَ إتمامِها، وهيَ الصلاةُ الخاليةُ مِن ذكرِ آلِ محمّدٍ كما هوَ المُتعارفُ عندَ أبناءِ العامّة. وأمّا حديثُ (لا تصلّوا عليَّ الصلاةَ البتراء) فقد ذكرَه ابنُ حجرٍ الهيثمي في الصّواعقِ حيثُ قال: (ويروى لا تصلّوا عليَّ الصّلاةَ البتراءَ فقالوا وما الصّلاةُ البتراءُ قالَ تقولونَ اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وتُمسِكونَ بل قولوا اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آلِ محمّد). الصّواعقُ المُحرقةُ (ج2/ص430) وقالَ أيضاً: (وأخرجَ الدارقطنيّ والبيهقيّ حديثَ ومَن صلّى صلاةً ولم يُصلِّ فيها عليَّ وعلى أهلِ بيتي لم تُقبَل منه). الصواعقُ المُحرِقة (ج2/ص667). وروى السهميُّ (ت 427 هـ) في تاريخِ جرجان، بترجمةِ الحسنِ بنِ الحُسين الجرجانيّ الشاعر، قالَ: حدّثنا أبو إبراهيم إسماعيلُ بنُ إبراهيم العلويّ بواسِط حدّثنا الحسنُ بنُ الحسينِ الجرجانيّ الشاعر حدّثني أحمدُ بنُ الحُسينِ حدّثني الفضلُ بنُ شاذانَ النيسابوري بإسنادٍ له رفعَه عن عليٍّ بنِ الحُسين عن أبيهِ عن جدِّه قالَ إنَّ اللهَ فرضَ على العالمِ الصّلاةَ على رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وقرنَنا بهِ فمَن صلّى على رسولِ الله (ص) ولم يُصلِّ علينا لقيَ اللهَ تعالى وقد بترَ الصلاةَ عليهِ وتركَ أوامرَه. (تاريخُ جرجان لحمزةَ بنِ يوسف السّهمي، ص189). وروى الكُليني بسندِه عن ابنِ القدّاحِ عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قال : سمعَ أبي رجلاً مُتعلّقاً بالبيتِ وهوَ يقول : اللهمَّ صلِّ على محمّد ، فقالَ لهُ أبي : يا عبدَ الله لا تبتِرها، لا تظلِمنا حقّنا، قُل : اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وأهلِ بيتِه . (الكافي للكُليني: 2 / 495).  ومِن خلالِ ما ذكرناهُ يتّضحُ أنَّ الذي يصلّي على رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله الصّلاةَ البتراءَ عليه أن يأتي بالدليلِ على جوازِها او كفايتِها، وليسَ العكس، فليسَ لأحدٍ أن يقولَ: ما الدليلُ على بطلانِ الصلاةِ البتراء. لأنَّ دليلَ بطلانها معَها، إذ لا دليلَ على مشروعيّتِها او إجزائِها لو كنّا مأمورينَ بها. والصلاةُ التي أُمِرنا بها والتي لا خلافَ فيها بينَ المُسلمينَ قاطبةً هيَ أن تقولَ: (اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد). فقد أجمعَ المُسلمونَ كافّةً على أنَّ المُرادَ منَ الصلاةِ الواردةِ في قولِه تباركَ وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا)  (الأحزاب /57).هيَ أن نقول: (اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آلِ مُحمّد).  - روى الصّدوقُ رحمَه اللهُ عن الإمامِ الرّضا صلواتُ اللهِ عليه قوله: (وأمّا الآيةُ السابعةُ فقولُ اللهِ عزَّ وجل: (إنَّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلّوا عليهِ وسلّموا تسليماً) قالوا: يا رسولَ اللهِ قد عرَفنا التسليمَ فكيفَ الصّلاةُ عليك؟ فقالَ: تقولونَ اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد كما صلّيتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيم إنّكَ حميدٌ مجيد)عيونُ أخبارِ الرّضا (ع) - الشيخُ الصّدوق (ج2/ص238) - وروى البُخاري في صحيحِه ما هذا لفظُه: (حَدَّثَنِى سَعِيدُ بنُ يَحيَى حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا مِسعَرٌ عَنِ الحَكَمِ عَنِ ابنِ أَبِى لَيلَى عَن كَعبِ بنِ عُجرَةَ - رضيَ اللهُ عنه - قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيكَ فَقَد عَرَفنَاهُ فَكَيفَ الصَّلاَةُ قَالَ « قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) صحيحُ البُخاريّ (ج16/ص45) -وروى أيضاً، قالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابنُ الهَادِ عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ خَبَّابٍ عَن أَبِى سَعِيدٍ الخُدرِيّ قَالَ قُلنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسلِيمُ فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ قَالَ « قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ وَرَسُولِكَ ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ ، وَبَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكتَ عَلَى إِبرَاهِيمَ » . قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيثِ « عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ » . صحيحُ البُخاريّ (ج16/ص46)