لا علاقة بين قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) والقول بالعصمة والإلهام للأئمة (ع)!!

أنور/مصر/: لا يمكن قبول ما تزعمونه من أن خلفاء الرسول (ص) [أي الأئمة الاثني عشر] كانوا معصومين، وكانوا متصلين بالله عن طريق الإلهام، لأن قبول هذا الكلام يعني إنكار ما قاله الله في سورة الأحزاب: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُم وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّ‍ينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيماً} [الأحزاب:40].       وإذا قلنا: إننا نقبل الآية ونقول بنزول الإلهام على علي، فقد ناقضنا أنفسنا، ووقعنا في التضاد، ولا يمكننا أن نرضى بدين فيه التضاد والتناقض؛ لأن الله تعالى قال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرءَانَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اختِلَافاً كَثِيراً} [النساء:82].

: اللجنة العلمية

    الأخ أنور المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

       لا نجد علاقة بين الآية الكريمة التي جئت بها، ونفي العصمة والإلهام عن الأئمة (عليهم السلام).

       فإن كان محل استدلالكم هو نفي الأبوة المباشرة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين الأئمة (عليهم السلام)، فلا علاقة لهذا النفي بثبوت العصمة والإلهام لهم، وهذا واضح جداً ولا يحتاج إلى بيان.

       أو كان محل استدلالكم هو خاتمية النبوة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكذلك لاعلاقة بهذه الخاتمية وثبوت العصمة والإلهام للأئمة (عليهم السلام)؛ إذ لا ملازمة ذاتية بين العصمة والإلهام والنبوة، فمريم (عليها السلام) كانت تكلمها الملائكة مباشرة، ونزل القرآن الكريم ببيان عصمتها كذلك وهي ليست نبية؛ إذ قال تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) آل عمران 42.

        والمعلوم أن المراد من التطهير - حسب الإطلاق الوارد في الآية الكريمة - الأعم من التطهير الجسدي والمعنوي، وهو يشمل التطهير من الذنوب والخصال المذمومة، كذلك ورد النص القرآني بالوحي عن طريق الإلهام لأم موسى (عليه السلام) وهي ليست من الأنبياء، قال تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي) القصص 7.

       وقد ثبت في مصادر أهل السنة أن عمر بن الخطاب كان من المحدثين، أي كانت تحدثه الملائكة من غير أن يكون نبياً، فقد روى البخاري ج4 ص 149 عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "لقد كان من قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر".

       وجاء عن ابن حجر في الفتح ج1 ص 115 قوله: "إن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبي (صلى الله عليه وسلم)، فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع، وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة" انتهى.

       وهكذا غيرها من الأدلة والبيانات التي تثبت عصمة وإلهام جماعة من الناس من غير أن يكونوا أنبياء، وحكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد من هذه الناحية.

       ودمتم سالمين.