رسل/الجزائر/: تزعمون أن معاوية رضي الله عنه كان كافراً مرتداً! ويلزمكم لو كان الأمر كما تقولون: القدح في علي وابنه الحسن، بأن يكون عليٌّ مغلوباً من المرتدين، وأن الحسن قد سلم أمر المسلمين إلى المرتدين. بينما نجد أن خالد بن الوليد قد حارب المرتدين زمن أبي بكر وقهرهم، فيكون نصر الله لخالد على الكفار أعظم من نصره لعلي! والله عدل لا يظلم واحدًا منهما، فيكون أفضل عند الله منه!!
الأخت رسل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لم يثبت أن النصر يكون دائماً حليف الرسل والأنبياء (ص) فضلاً عن غيرهم، فها هو القرآن الكريم يخبرنا بشكلٍ واضحٍ وصريح عن قتل الرسل على أيدي الناس المخالفين لهم، يقول تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) (البقرة: 87).
وعليه لا تستقيم الدعوى المتقدمة بأن الله لم ينصر علياً (عليه السلام) في حربه مع معاوية، ونصر خالد بن الوليد في حربه على المرتدِّين، لعدم وجود الملازمة بين الانتصار وصلاح الشخص، فقد ينتصر المؤمن على الكافر والمنافق، وقد يحصل العكس، كما هو صريح الآية قال الجرجاني: الآية: (هي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلة كانت أو قصيرة)(1).
وقال ابن منظور: الآية: (سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن))(2).
إن الآية هي: (طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها والذي بعدها في غيرها)(3).
المزيدالقرآنية المتقدمة.
أما كوننا نزعم بأن معاوية كافر ومرتد، فالشيعة لا تقول بكفر معاوية، بل تقول هو من المسلمين المسلم:
السِلْم ( بالكسر ): السلام. والسلم ( يُفتح ويُكسر ): يعني الصلح. السلام: السلامة، والسلام: الاستسلام. وأسلمَ أمرَهُ إلى الله أي سَلَّمَ ، وأَسْلَمَ أي دخل في السَلْمِ، وهو الاستسلام ، وأسلم من الإسلام(1).
وأسلَمَ الرجل أي انقاد، وقيل: أسلَمَ : دخل في الإسلام الإسلام لغة:
للإسلام في اللغة عدة معانٍ منها:
1ـ اعتناق الدين الإسلامي والدخول فيه.
2ـ الانقياد والطاعة.
3ـ الصلح والسلام.
المزيد، وصار مسلماً وتسلَّم . يُقال : كان كافراً ثمّ تسلّم أي أسلم . والتسليم يعني: الرضا بما قدَّر الله وقضاه ، والانقياد لأوامره وترك الاعتراض(2).
المزيدالبغاة، كما نصّ عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث المعروف الذي يرويه البخاري وغيره: (وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ)(1).
وقد ثبت أن عماراً قتله جيش معاوية في صفين، فمعاوية هو قائد الفئة الباغية التي تدعو إلى النار بنصّ الحديث المذكور.
وإليك عقيدة أهل السنة السنة لغة:
السنة هي: الطريقة , مرضية كانت أو غير مرضية , و العادة(1).
السنة : السيرة و الطريقة , و الجمع سنن(2).
السنة : الطريقة , و السنة السيرة حميدة كانت أو ذميمة , و الجمع سنن(3).
السنة : السيرة , حسنة كانت أو قبيحة(4).
السنة : الطريقة و السيرة , حميدة كانت أو ذميمة(5).
يقول أبن فارس : و السنة : مفرد سنن , و سنة الوجه طريقته , و سنة النبي ( ص ) طريقته التي كان يتحراها(6).
أما سنة الله تعالى في تطلق على ( حكمته ) نحو قوله تعالى : ( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )(7).
و السنة في المجمع و في الصناعة : هي طريقة النبي ( ص ) قولاً و فعلاً و تقريراً , أصالة أو نيابة(8).
المزيدوالجماعة في هذا الجانب، قال المناوي الشافعي في "فيض القدير": (وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة: أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين كما هو مصيب في أهل الجمل وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له لكن لا يكفرون ببغيهم وقال الإمام أبو منصور في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة: أجمعوا أن عليا مصيب في قتاله أهل الجمل طلحة والزبير وعائشة بالبصرة وأهل صفين معاوية وعسكره)(2).
ودمتم سالمين.
________________________
(1)- صحيح البخاري لمحمد البخاري، طبعة دار طوق النجاة، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الطبعة الأولى 1422هـ، ج4، ص21.
(2)- فيض القدير شرح الجامع الصغير لزين الدين الدين لغـة:
قال ابن فارس: (الدال والياء والنون أصل واحد إليه يرجع فروعه كلها، وهو جنس من الانقياد والذلّ. فالدين: الطاعة، يقال: دان له يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطاع. وقومٌ دينٌ، أي مطيعون منقادون)(1).
المزيدمحمد الحدادي المناوي القاهري، طبعة المكتبة التجارية الكبرى، الطبعة الأولى، ج6، ص365.